دائرة العلاقات الخارجية في الجبهة الديمقراطية: حصاد العام 2024: قتل، تدمير، تهجير، جوع وعطش.. صمود اسطوري ومقاومة لن تهزم

يناير 6, 2025

بعثت دائرة العلاقات الخارجية في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين: برسالة الى مئات الاحزاب العالمية استعرضت فيها ابرز تطورات العدوان الصهيوني في حصاد عام على حرب الابادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزه. ومما جاء في الرسالة نصا:
غزه الجميلة التي هي جزء لا يتجزأ من ارض فلسطين، وتمتد على مساحة 365 كلم، ما زالت تحلم بأن تحيا وتعيش حرة تحت الشمس، تلونت مع نهاية عام وبدء عام جديد بالوان الدماء التي سالت انهارا بين ركام مبانيها المدمرة وفي ساحات ايواء نازحيها، ولم تجد حولها وبين منازلها سوى رائحة البارود المنتشر في كل مكان: اماكن الايواء التي شهدت مئات المجازر، المستشفيات التي تشهد جدرانها على قتل واعتقال من فيها ثم تدميرها واحراقها، المنازل الآهلة بالسكان ومقرات الاونروا، دور العبادة التي لم تسلم من التدمير.. كل شيء في قطاع غزه يشهد ان العام 2024 كان العام الاكثر دموية على المستوى العالمي، نتيجة الفظائع التي ارتكبت من قبل جيش الفاشية الاسرائيلية الذي يتفاخر جنوده باستهدافهم لمئات الآلاف من اطفال ونساء شعب فلسطين وهم منازلهم آمنين وفي اماكن نزوحهم هاربين، وهي صورة ستبقى محفورة في ذاكرة الزمن لأجيال قادمة..
اختلفت مشاعر وطريقة تعبير شعوب الارض في وداعهم لعام مضى واستقبالهم لعام جديد، لكن بالنسبة لاهل فلسطين، لم يختلف عام 2024 عن غيره من الاعوام السابقة سوى بمزيد من القتل والدمار والجوع والعطش والتهجير والمعاناة التي لفت قطاع غزه بشكل خاص ومختلف مدن وقرى فلسطين، التي طوت سنة جديدة وتستقبل عام آخر من عمر الاحتلال. لكن رغم انتشار الموت في كل مكان، فقد كان العام 2024 عام الصمود والبطولة في تحدي الغطرسة الصهيونية المدعومة من الولايات المتحدة وبغض الدول الغربية الاستعمارية، عام الارادة والاصرار على البقاء في الارض، عام المقاومة التي استبسل رجالها في الدفاع عن ارضهم وشعبهم، فشهدت ارض فلسطين اكثر من موقعة وملحمة اجهزت على ما تبقى من هيبة وردع لجيش الاحتلال الاسرائيلي، سواء في قطاع غزه والضفة الغربية، اللذين ما زالا يقارعان الاحتلال، او في لبنان الذي سجل صفحات عز وبطولة في الصمود وفي مقاومة القوات الصهيونية الغازية..
ليس هناك من مؤسسة او هيئة محلية او دولية تمكنت حتى الآن من الاحاطة بكل جوانب المعاناة والتداعيات التي خلفتها حرب الابادة الجماعية التي ما زالت اسرائيل تمعن في ارتكابها في قطاع غزه بشكل خاص وفي عموم الارض الفلسطينية عامة، غير ان المؤكد ان هذه الحرب مست كل فئات المجتمع الفلسطيني، ويكفي الاشارة الى حقيقة ما زالت جملة عابرة في الاعلام الغربي والعربي «ان عشرات العائلات الفلسطينية قد شطبت بشكل كامل من السجل المدني ولم يعد لها اي وجود (مسح 1413 عائلة فلسطينية بشكل كامل)، وان آلاف الاطفال، خاصة في قطاع غزه، فقدوا احد والديهم..».
وقد اشارت منظمة الصحة العالمية في تقرير لها الى ان الاحتلال الإسرائيلي ارتكب في قطاع غزه خلال عام 2024 نحو 11 ألف مجزرة. وزاد عدد الشهداء عن 50 الف، معظمهم من الأطفال والنساء، كما تم تدمير 77 مدرسة حكومية و 65 مدرسة تابعة لوكالة الغوث وتدمير 51 مبنى جامعيا، اضافة الى تدمير عشرات المراكز الصحية. وتخطت اعداد الجرحى عتبة الـ 100 الف جريح وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار كبير ومجاعة قتلت عشرات الأطفال واللم يسبق للعالم ان شهد مثيلا لها. اما في الضفة الغربية فقد كان العام الماضي واحدا من اسوأ الاعوام التي مرت على الشعب الفلسطيني، نتيجة اقتحامات المدن والمخيمات الفلسطينية من قبل جيش الاحتلال، وارتفاع نسبة عمليات الارهاب من قبل المستوطنين ضد الفلسطينيين، وتفيد المعطيات استشهاد ما يزيد عن 835 منهم 171 طفلا، وجرح أكثر من 6 آلاف، إضافةً إلى تهجير المئات من أراضيهم.
وحسب معطيات جيش الاحتلال الصهيوني التي تفتقد الى الدقة والموضوعية، لأن الارقام اكبر مما اعلن، فقد تعرض قطاع غزه غزه خلال العام 2024 لاكثر من 16 الف غارة نفذتها طائرات حربية امريكية الصنع ومروحيات وطائرات مسيّرة، اضافة الى عشرات الآلاف من قذائف المدفعية، التي حصلت عليها اسرائيل من الولايات المتحدة ومن دول غربية، واستهدفت بحممها كل شئ فوق ارض قطاع غزه، من اطفال ونساء ومباني ومركبات ومقرات حكومية ومراكز ايواء ونزوح ومقار صحية وتعليمية وصحفية.. بحيث لم يعد جائزا المقارنة بين قنبلة هيروشيما النووية وبين آلاف الاطنان من المتفجرات والاسلحة الامريكية والغربية التي القيت على قطاع غزه..
ان «دائرة العاقات الخارجية في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين» إذ تضع هذه الحقائق بين ايدي احزاب العالم وكافة الاطر السياسية والاجتماعية والنقابية والاعلامية والثقافية، وهي حقائق لا تعكس صورة الواقع بشكل كامل، فانها تعتبر ان ما تعرض له الشعب الفلسطيني في ارضه فلسطين (في قطاع غزه والضفة الغربية والقدس الشرقية) لم يكن يحصل بهذه الفاشية لولا الدعم الامريكي اولا والغربي ثانيا، والصمت من قبل المجتمع الدولي بكافة منظوماته السياسية والقانونية والانسانية، في تجاهلٍ لواجباته نحو حقوق الإنسان الفلسطيني على أرض وطنه، وتقاعسه عن فرض قرارات الشرعية على دولة الاحتلال لتضع حداً لمجازرها وعدوانها.
لا يسعنا ونحن نستقبل عاما جديدا الا ان نحيي اسرانا الابطال في المعتقلات الصهيونية، وندعو احرار العالم الى ايلاء هذه القضية ما تستحقه من اهتمام ومتابعة، بعد ما تكشف من معلومات تشير الى فظاعات انسانية يتعرض له الاسرى، الذين بلغت اعدادهم خلال العام المنصرم ارقاما غير مسبوقة (اكثر من 10 آلاف أسير) من بينهم مئات الاطفال والمرضى وكبار سن. كل هذا برسم كافة المنظمات الانسانية والحقوقية المطالبة، اليوم قبل الغد، بنقل هذا الملف الى المحافل القضائية والقانونية الدولية باعتبارها واحدة من القضايا الكبرى التي تدين العدو بارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، مايعزز موقف القضية الفلسطينية في المحافل الدولية خاصة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، والعدل الدولية في لاهاي والجنائية الدولية.
في العام الجديد، وإذ نجدد الشكر والتقدير لكافة الدول والاحزاب والمنظمات والمؤسسات والافراد الذين ناصروا قضيتنا باعتبارها قضية شعب يناضل من اجل حريته، فاننا نشيد بالصمود الأسطوري لشعبنا ومقاومته الباسلة في القطاع، الذي تحول على الصعيد العالمي إلى رمز للكرامة الوطنية لكافة الشعوب واحرار العالم، ورمزاً للإنسانية في تصديها وصمودها في وجه آلة الحرب الصهيونية. مجددين التأكيد على حقنا في رسم مستقبل اولادنا واجيالنا بدون تدخل خارجي، وحقنا ايضا في مواجهة المحتل الصهيوني، الذي يمثل احتلاله لارضنا سببا كافيا لمواصلة المقاومة من قبل شعبنا بكافة فئاته، حتى رحيل الاحتلال من فرق ارضنا وتمكين شعب فلسطين من ممارسة حقوقه الوطنية فوق ارضه بحرية، بعيدا عن كل اشكال الاحتلال والاستعمار والتبعية..