خيارات المشاركة
الاخبار
الديمقراطية: تنظم وقفة ومسيرة تطالب بوقف الإقتتال في جنين ومخيمها وتدعوا للحوار والوحدة الوطنية
الديمقراطية: تندد باعتقال الرفيق عضو اللجنة المركزية ”نصر الملّح” والاعتداء عليه من قبل الأجهزة الأمنية
الديمقراطية: تودع الفنان التشكيلي زكريا الشريف
رمزي رباح: أن الدم الفلسطيني محرم، وأن البوصلة يجب أن تبقى موجهة نحو الاحتلال
دائرة العلاقات الخارجية في الجبهة الديمقراطية: في رسالة حول العدوان على الضفة، إعلان ببدء مخطط «الضم».. وتكرار لتجارب فاشلة ستسقطها ارادة الشعب الفلسطيني ومقاومته
نزولا عند رغبات وضغوط اليمين الفاشي والمتطرف في اسرائيل، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي (28 آب) عدوانا عسكريا شمل عددا من المدن والمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية، بهدف معلن هو تصفية المقاومة الفلسطينية واذرعها العسكرية.. وفي سياق هذا الهدف إعادة صياغة مناطق الانتشار الفلسطيني لتكون منسجمة مع المخططات الاسرائيلية التي ومن خلالها يتم إفراغ مناطق معينة من سكانها، لصالح توسيع مساحات الاستيطان الاستعماري..
لا يمكن النظر الى هذه العملية كردة فعل على حدث ما، بل هي عدوان جديد، يستكمل مسلسل القتل الممنهج الذي يمارسه جيش الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني منذ فترة في مختلف مناطق الضفة، التي تعتبر وفقا للقانون الدولي وقرارات الامم المتحدة ومنظماتها المختلفة واعترافات المئات من دول العالم اراض فلسطينية محتلة لشعبها الحق باللجوء الى مختلف اشكال النضال والمقاومة من اجل تحريرها وممارسة حقوقه الوطنية فوقها بحرية بعيدا عن كل اشكال الاحتلال والتبعية..
كما يأتي هذا العدوان ايضا في اطار قضيتين متلازمتين: الاولى حرب الابادة التي ترتكب في قطاع غزه، حيث تواصل اسرائيل الاستفادة مما وفره لها التحالف الدولي الغربي والاطلسي من دعم لعدوانها لتحقيق اكبر قدر من المكاسب الميدانية على الأرض. والثانية السعي لفرض المخطط الصهيوني المعروف بخطة الحسم بقوة الدم والنار.. وهو مخطط سبق لأكثر من مسؤول اسرائيلي وان اعلن عنه صراحة، في تحد واضح ليس للشعب الفلسطيني فقط، بل وللنظام الدولي بكافة مكونانه، والذي فشل في ترجمة قراراته واقعا على الارض، وفشل ايضا في توفير الحماية لشعب قابع تحت الاحتلال..
ومن خلال استعراض العناوين العامة لمخطط «الضم والحسم»، فيبدو واضحا ان اسرائيل تعمل على رسم تفاصيل هذا المخطط، الذي يحشر الفلسطينيين في كانتونات متباعدة وعلى مساحة جغرافية صغيرة جدا، لا تحتاج، وفقا للرؤى الاسرائيلية، سوى الى تحسين واقعها المعيشي الذي ستعمل اسرائيل على تطويره، في تجاهل تام لكافة الحقوق السياسية والوطنية الفلسطينية.. واستنادا لذلك تضع اسرائيل الشعب الفلسطيني امام ثلاثة خيارات:
اما قبول مخطط الضم والتعايش «بهدوء» مع الاحتلال وما سيرسمه من مشاريع، مع امكانية خلق فرص عمل ومناطق تجارية مفتوحة، وفقا لما اشارت اليه ورشة المنامة التي عقدت في البحرين عام 2019 في اطار ترتيبات صفقة القرن الامريكية.
واما فتح باب «الهجرة الطوعية» بتسهيلات مالية وإدارية إسرائيلية، بعد عدد من الخطوات التي ستقوم بها اسرائيل، والتي من شأنها ان تجبر غالبية الفلسطينيين على مثل هذا الخيار، من بينها قوانين وقرارات تحاصر الفلسطينيين في ارضهم، ومضايقات يلجأ اليها جنود الاحتلال والمستوطنون المدججون بالاسلحة..
والخيار الثالث لمن يرفض الخيارين السابقين هو الملاحقة والقتل والاعتقال، وهذا ما يحدث الآن في مدن ومخيمات الضفة الغربية وفي الطرقات والشوارع التي توصل المدن والمخيمات الفلسطينية بعضها ببعض.
لذلك، فان اقتحامات المدن والمخيمات وتهجير السكان، وتدمير البنية التحتية، وارتكاب المجازر الجماعية، هو عملية مدروسة تنقل حرب التهجير والضم والتطهير إلى مرحلتها الدموية الشاملة، وتلجأ فيها دولة الاحتلال إلى كل أنواع السلاح.. من الطائرات الحربية إلى الدبابات والجرافات، والقصف المدفعي، وفرض الحصار على المستشفيات، وعرقلة دور فرق الإسعاف، وتحويل شمال الضفة الغربية، بشكل خاص، إلى مسرح للقتل المجاني، في إمتداد صارخ لما يجري في قطاع غزة.
إن المجازر المتتالية والجرائم بحق الشعب الفلسطيني على مدار سنوات الإحتلال، والتي ازدادت وتيرتها في السنوات الأخيرة مع صعود اليمين الفاشي للحكم في اسرائيل، وما رافقه من تدمير مقصود للبنى التحتية، لن تنجح لا في كسر ارادة الشعب الفلسطيني ولا في تنفيذ أهداف ومخططات التهجير والضم التي تعمل عليه إسرائيل وعدد من مسؤوليها الرسميين، بل ستزيد المقاومة إتقاداً واتساعاً وإبداعاً في أشكالها..
لقد سبق للاحتلال وان قام بعملية مشابهة في عدوان «السور الواقي» عام 2002، بعد ان حشدت إسرائيل اكثر من 30 ألف جندي، والذي جاء تنفيذا لوعد انتخابي قطعه ارئيل شارون لناخبيه تحت شعار «دع الجيش ينتصر» وبهدف القضاء على الانتفاضة. لكن بعد نحو خمسة اسابيع (من 29 آذار وحتى 10 ايار) من القتل والقصف والتدمير واستخدام الاحتلال لكل ما لديه من قوة عاتية ودون اية كوابح، لم تنجح اسرائيل لا في تحقيق انتصار حاسم، رغم الخسائر البشرية الكبيرة في صفوف الشعب الفلسطيني، ولا في القضاء على المقاومة وعملياتها التي ازدات وتيرتها في الداخل الاسرائيلي. وكل ما نجحت به اسرائيل كان استباحة مناطق السلطة الفلسطينية وكسر التقسيمات الجغرافية التي فرضتها اتفاقات اوسلو في توزيع السيطرة الامنية والعسكرية والوظيفية بين السلطة واسرائيل، لتعود اسرائيل لفرض احتلالها المباشر دون مراعاة لاتفاقات موقعة معها.. ما يؤكد حقيقة النوايا والاهداف الاسرائيلية من وراء تلك الاتفاقات..
اليوم، لا يمكن النظر الى ما يرتكبه جيش الإحتلال ومستوطنوه في الضفة، الا بكونه تواطؤ وشراكة من قبل بعض القوى الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، وصمت عربي ودولي مشين يمد العدو المحتل بكل أسباب القوة والصلافة، ما شجعه على مواصلة حرب الإبادة الجماعية التي اقتربت من نهاية عامها الاول في قطاع غزة بهدف تصفية القضية الفلسطينية، خدمة للدول الامبريالية الغربية والحركة الصهيونية وتسيّدهما على منطقة الشرق الأوسط والعالم.
ان ممارسات اسرائيل وطريقة تعاملها مع قطاع غزه من حصار وحروب وتدمير واذلال.. كانت احدى الاسباب، الى جانب اسباب اخرى، التي قادت الى اندلاع المقاومة وتطوير قدراتها وصولا الى طوفان الاقصى. وما يحصل اليوم في الضفة الغربية هو مقدمة تملي على كافة مكونات حركة التحرر الوطني الفلسطينية، وفي مقدمتها المؤسسات الامنية التابعة للسلطة الفلسطينية، الدفاع عن الارض الفلسطينية واصحابها الذين يتهددهم خطر الموت والتهجير والاعتقال والتنكيل وفي اطار عمليات التطهير العرقي التي يرتكبها الاحتلال الاسرائيلي.. وعلى كل حر في العالم ان يعي ان بركان الثورة في فلسطين قد يهدأ قليلا، لكن ناره لن تخبو ابدا، بل ان الانفجار الكبير قادم لا محالة وسيكون ثورة كبرى تحرق كل من تآمر وتقاعس وكان مساهما في الجريمة التي يرتكبها جيش الفاشية الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني.
إننا في «دائرة العلاقات الخارجية في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين»، وإذ نضع هذه المعطيات بين ايدي الاحزاب السياسية والأطر المجتمعية على اختلاف تشكيلاتها، فاننا ندعو الى توسيع دائرة فعلها وتعميق تفاعلها مع ما يحدث لجهة الضغط على حكوماتها لمواقف اكثر توازنا، وبما ينسجم مع الحد الادنى من المعايير الانسانية والاخلاقية وحتى السياسية والقانونية التي تتعرض جميعها للانتهاك على يد الفاشية الاسرائيلية المدعومة من الولايات المتحدة ومن دول غربية.