الديمقراطية: الدعوة لإعلان دستوري ليست أولوية في الظرف الراهن، بل إن الأولوية هي لتطبيق مخرجات «إعلان بكين»

أغسطس 29, 2024

أصدر‭ ‬المكتب‭ ‬السياسي‭ ‬للجبهة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬لتحرير‭ ‬فلسطين‭ ‬بياناً،‭ ‬حدد‭ ‬فيه‭ ‬موقف‭ ‬الجبهة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬من‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬تجسيد‭ ‬دولة‭ ‬فلسطين‭ ‬عبر‭ ‬الإعلان‭ ‬الدستوري،‭ ‬وتحويل‭ ‬المجلس‭ ‬المركزي‭ ‬لـ‭ ‬م‭. ‬ت‭. ‬ف‭ ‬إلى‭ ‬البرلمان‭ ‬المؤقت‭ ‬للدولة،‭ ‬إلى‭ ‬حين‭ ‬توفر‭ ‬شروط‭ ‬تنظيم‭ ‬الانتخابات‭. ‬وفيما‭ ‬يلي‭ ‬نص‭ ‬البيان‭:‬

أولاً‭- ‬يرى‭ ‬المكتب‭ ‬السياسي‭ ‬للجبهة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬أن‭ ‬الشعوب‭ ‬والدول‭ ‬تلجأ‭ ‬إلى‭ ‬الإعلان‭ ‬الدستوري،‭ ‬إما‭ ‬عندما‭ ‬تكون‭ ‬على‭ ‬عتبة‭ ‬الإستقلال،‭ ‬والخلاص‭ ‬من‭ ‬الإستعمار‭ ‬والإحتلال،‭ ‬أو‭ ‬عند‭ ‬وقوع‭ ‬حدث‭ ‬سياسي‭ ‬مفصلي،‭ ‬يتطلب‭ ‬صدور‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الإعلان،‭ ‬تمهيداً‭ ‬لتعديل‭ ‬الدستور‭ ‬القائم‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬لا‭ ‬يرى‭ ‬المكتب‭ ‬السياسي‭ ‬للجبهة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬أن‭ ‬الحالة‭ ‬الوطنية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬تقف‭ ‬عند‭ ‬أيٍ‭ ‬من‭ ‬هاتين‭ ‬المحطتين،‭ ‬فلسنا،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬معروف‭ ‬للجميع،‭ ‬على‭ ‬عتبة‭ ‬الإستقلال،‭ ‬بل‭ ‬ما‭ ‬زلنا‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬معركة‭ ‬مفتوحة‭ ‬لمواجهة‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الهمجية‭ ‬التي‭ ‬تجتاح‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬والتي‭ ‬إنتقلت‭ ‬عملياً‭ ‬إلى‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬مخيمات‭ ‬شمالها‭ ‬ومدنه‭.‬

كما‭ ‬يرى‭ ‬المكتب‭ ‬السياسي‭ ‬للجبهة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬أننا‭ ‬لسنا‭ ‬أمام‭ ‬مفصل‭ ‬سياسي،‭ ‬يتطلب‭ ‬الإستجابة‭ ‬لاستحقاقاته‭ ‬بإعلان‭ ‬دستوري،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬الدعوة‭ ‬لإعلان‭ ‬دستوري‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬توفير‭ ‬شروط‭ ‬تجسيد‭ ‬دولة‭ ‬فلسطين،‭ ‬لا‭ ‬تتوفر‭ ‬شروط‭ ‬الإجماع‭ ‬عليه،‭ ‬ولا‭ ‬يندرج‭ – ‬في‭ ‬اللحظة‭ ‬السياسية‭ ‬الراهنة‭ – ‬في‭ ‬أية‭ ‬ضرورة‭ ‬وطنية‭ ‬ملحة،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬يشكل‭ ‬تهرباً‭ ‬من‭ ‬الأولويات‭ ‬الماثلة‭ ‬أمام‭ ‬مؤسسات‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬و‭ ‬م‭. ‬ت‭. ‬ف‭ ‬والقيادة‭ ‬الرسمية،‭ ‬والتي‭ ‬عنوانها‭ ‬‮«‬توحيد‭ ‬الحالة‭ ‬الوطنية،‭ ‬وتوحيد‭ ‬المؤسسات‭ ‬الوطنية،‭ ‬وتأطير‭ ‬الحالة‭ ‬النضالية‭ ‬في‭ ‬مقاومة‭ ‬شاملة‮»‬،‭ ‬تتصدى‭ ‬للإحتلال‭ ‬والعدوان‭ ‬وحرب‭ ‬الإبادة،‭ ‬بكل‭ ‬أشكال‭ ‬المقاومة،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬إستراتيجية‭ ‬وطنية‭ ‬كفاحية‭ ‬جامعة،‭ ‬لكسر‭ ‬شوكة‭ ‬العدوان،‭ ‬وصون‭ ‬الحقوق‭ ‬الوطنية‭ ‬المشروعة‭ ‬لشعبنا،‭ ‬وصون‭ ‬الأرض‭ ‬المهددة‭ ‬بالضم‭ ‬المتسارع،‭ ‬وإحباط‭ ‬مشروع‭ ‬تقويض‭ ‬أسس‭ ‬قيام‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المستقلة‭.‬

ثانياً‭- ‬يرى‭ ‬المكتب‭ ‬السياسي‭ ‬للجبهة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬أن‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬تحويل‭ ‬المجلس‭ ‬المركزي‭ ‬لمنظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬إلى‭ ‬البرلمان‭ ‬المؤقت‭ ‬للدولة،‭ ‬ينطوي‭ ‬على‭ ‬غموض‭ ‬مؤسساتي‭ ‬وسياسي،‭ ‬لا‭ ‬يرسم‭ ‬الحد‭ ‬الفاصل‭ ‬بين‭ ‬نشوء‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬وتجسيدها،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬موقعها‭ ‬التمثيلي‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الدولة‭ ‬وحدود‭ ‬ولايتها‭ ‬الجغرافية،‭ ‬إلخ‭ … ‬وبين‭ ‬الموقع‭ ‬التمثيلي‭ ‬الشامل‭ ‬لـ‭ ‬م‭. ‬ت‭. ‬ف،‭ ‬ممثلاً‭ ‬شرعياً‭ ‬ووحيداً‭ ‬لشعبنا‭ ‬في‭ ‬كافة‭ ‬مناطق‭ ‬تواجده،‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬برنامج‭ ‬سياسي‭ ‬جامع،‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬المصالح‭ ‬الوطنية‭ ‬العليا‭ ‬لعموم‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

ويرى‭ ‬المكتب‭ ‬السياسي‭ ‬للجبهة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬أن‭ ‬التسرع‭ ‬في‭ ‬تحويل‭ ‬المجلس‭ ‬المركزي،‭ ‬بتكوينه‭ ‬الحالي،‭ ‬إلى‭ ‬برلمان‭ ‬مؤقت،‭ ‬إنما‭ ‬يحمل‭ ‬في‭ ‬طياته‭ ‬مخاطر‭ ‬تضييع‭ ‬حلقة‭ ‬الربط‭ ‬مع‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يتطلب‭ ‬إعتماد‭ ‬صيغة‭ ‬واضحة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الحوار‭ ‬الوطني‭ ‬الشامل،‭ ‬الذي‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬يسبق‭ ‬عملية‭ ‬التعديل‭ ‬هذه‭.‬

ثالثاً‭- ‬في‭ ‬السياق‭ ‬نفسه،‭ ‬يرى‭ ‬المكتب‭ ‬السياسي‭ ‬للجبهة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬أن‭ ‬المجلس‭ ‬المركزي‭ ‬المقترح‭ ‬ليكون‭ ‬البرلمان‭ ‬المؤقت‭ ‬لدولة‭ ‬فلسطين،‭ ‬حتى‭ ‬مع‭ ‬التسليم‭ ‬بشرعيته‭ ‬القانونية‭ ‬كمؤسسة‭ ‬ذات‭ ‬مرجعية‭ ‬وطنية‭ ‬عليا،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬يفتقد‭ ‬–‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬معروف‭ – ‬إلى‭ ‬الحيثية‭ ‬التمثيلية‭ ‬لعموم‭ ‬الحالة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬حيث‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬خارج‭ ‬عضويته‭ ‬قوى‭ ‬ذات‭ ‬ثقل‭ ‬سياسي‭ ‬وجماهيري‭ ‬وكفاحي‭ ‬وازن‭ ‬بكل‭ ‬المقاييس،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬بقاء‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬خارج‭ ‬النطاق‭ ‬التمثيلي‭ ‬للمجلس‭ ‬المركزي،‭ ‬ثغرة‭ ‬سياسية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاهلها،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬تأثيرها‭ ‬السلبي،‭ ‬ولا‭ ‬تؤسس‭ ‬لوحدة‭ ‬في‭ ‬الموقف‭ ‬السياسي،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬ثلمها‭ ‬للموقع‭ ‬التمثيلي‭ ‬للمجلس‭ ‬المركزي،‭ ‬سواء‭ ‬بقي‭ ‬بصفته‭ ‬الحالية،‭ ‬أو‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬برلمان‭ ‬مؤقت‭ ‬للدولة‭.‬

رابعاً‭- ‬يرى‭ ‬المكتب‭ ‬السياسي‭ ‬للجبهة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬أن‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬تجسيد‭ ‬دولة‭ ‬فلسطين،‭ ‬عبر‭ ‬خطوتي‭ ‬الإعلان‭ ‬الدستوري‭ ‬وتحويل‭ ‬المجلس‭ ‬المركزي‭ ‬إلى‭ ‬البرلمان‭ ‬المؤقت‭ ‬للدولة،‭ ‬تأتي‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬سياسية‭ ‬فاصلة،‭ ‬تؤكد‭ ‬فيها‭ ‬المعطيات‭ ‬كافة،‭ ‬أن‭ ‬الأولوية‭ ‬الملحة‭ ‬الملقاة‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬الحالة‭ ‬الوطنية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الجاد‭ ‬لإنهاء‭ ‬الإنقسام‭ ‬المؤسساتي،‭ ‬وتعميق‭ ‬الوحدة‭ ‬الميدانية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الإحتلال‭ ‬ومشاريعه،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬تترجمه‭ ‬مخرجات‭ ‬‮«‬إعلان‭ ‬بكين‮»‬‭ ‬في‭ ‬خطوتين‭ ‬رئيسيتين‭: ‬الإنعقاد‭ ‬الفوري‭ ‬للإطار‭ ‬القيادي‭ ‬الموحد‭ ‬والمؤقت،‭ ‬وتشكيل‭ ‬حكومة‭ ‬الوفاق‭ ‬الوطني‭ ‬لإدارة‭ ‬الشأن‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬وقطع‭ ‬الطريق‭ ‬على‭ ‬محاولات‭ ‬ومشاريع‭ ‬فصل‭ ‬القطاع‭ ‬عن‭ ‬الضفة،‭ ‬وتفتيت‭ ‬أرض‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وإجهاض‭ ‬المشروع‭ ‬الوطني‭ ‬الفلسطيني‭.‬

خامساً‭- ‬إن‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬تجسيد‭ ‬دولة‭ ‬فلسطين،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحويل‭ ‬المجلس‭ ‬المركزي‭ ‬إلى‭ ‬برلمان‭ ‬مؤقت‭ ‬يصدر‭ ‬عنه‭ ‬إعلان‭ ‬دستوري،‭ ‬يتسبب‭ ‬بإثارة‭ ‬فوضى‭ ‬في‭ ‬ترتيب‭ ‬الأولويات‭ ‬الوطنية،‭ ‬ويقود‭ ‬إلى‭ ‬تهميش‭ ‬‮«‬إعلان‭ ‬بكين‮»‬،‭ ‬ما‭ ‬يُبقي‭ ‬الحالة‭ ‬الوطنية‭ ‬تدور‭ ‬في‭ ‬الفراغ،‭ ‬بحثاً‭ ‬عن‭ ‬الحل،‭ ‬بينما‭ ‬الحل‭ ‬الذي‭ ‬توافق‭ ‬عليه‭ ‬14‭ ‬فصيلاً‭ ‬في‭ ‬بكين،‭ ‬يشكل‭ ‬المعبر‭ ‬الإلزامي،‭ ‬لإخراج‭ ‬الحالة‭ ‬الوطنية‭ ‬من‭ ‬دورانها‭ ‬في‭ ‬الحلقة‭ ‬المفرغة‭.‬

إن‭ ‬المكتب‭ ‬السياسي‭ ‬للجبهة‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬التطورات‭ ‬المتلاحقة،‭ ‬والتصعيد‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬القدس‭ ‬المحتلة،‭ ‬يؤكد‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬الدعوة‭ ‬العاجلة‭ ‬لعقد‭ ‬الإطار‭ ‬القيادي‭ ‬الموحد‭ ‬والمؤقت،‭ ‬ليضطلع‭ ‬بمسؤولياته‭ ‬الوطنية‭ ‬أمام‭ ‬الإستحقاقات‭ ‬الكبرى،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬تشكيل‭ ‬حكومة‭ ‬الوفاق‭ ‬الوطني‭ ‬من‭ ‬الفعاليات‭ ‬والكفاءات،‭ ‬لتتولى‭ ‬مهامها‭ ‬في‭ ‬ضمان‭ ‬وحدة‭ ‬أراضي‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بين‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬والقدس‭ ‬المحتلة،‭ ‬عاصمة‭ ‬دولة‭ ‬فلسطين‭.‬