التصعيد والاغتيالات هروب للأمام لن يعيد لدولة الاحتلال وهم قوة ردع أو يمنحها انتصار مزعوم

أغسطس 7, 2024

في‭ ‬منتصف‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي‭ ‬وبعد‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬منه‭ ‬،‭ ‬صرّح‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مسؤول‭ ‬سياسي‭ ‬وعسكري‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الإحتلال‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬–‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬قبل‭ ‬الغزو‭ ‬البري‭ ‬بأيام‭ ‬–‭ ‬ستكون‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬أهدافها‭ ‬إرسال‭ ‬رسالة‭ ‬للإقليم‭ ‬مفادها‭ ‬”‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬يفكر‭ ‬أي‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬أن‭ ‬يلعب‭ ‬معنا‭ ‬بعد‭ ‬اليوم‭ ‬”،‭ ‬وهذا‭ ‬بحد‭ ‬ذاته‭ ‬تعبير‭ ‬درامي‭ ‬عن‭ ‬المأساة‭ ‬التي‭ ‬حلّت‭ ‬بقوة‭ ‬الردع‭ ‬التي‭ ‬طالما‭ ‬روّجت‭ ‬دولة‭ ‬الإحتلال‭ ‬لها‭ ‬منذ‭ ‬تأسيسها‭ ‬وأوهمت‭ ‬بعض‭ ‬العرب‭ ‬بها،‭ ‬واستخدمتها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬دفع‭ ‬عملية‭ ‬التطبيع‭ ‬مع‭ ‬بعض”‭ ‬العربان‭ ‬”‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يرون‭ ‬فيها‭ ( ‬أي‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الإحتلال‭) ‬منقذا‭ ‬لهم‭ ‬من‭ ‬البعبع‭ ‬الإيراني‭ ‬وأطماعه‭ ‬المزعومة‭ ‬في‭ ‬الإقليم‭ ‬؟؟؟

وبالرغم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬مساعيها‭ ‬وجرائمها‭ ‬المرتكبة‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬معركة‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى،‭ ‬فقد‭ ‬أصبحت‭ ‬قوة‭ ‬الردع‭ ‬المزعومة‭ ‬لدولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬الماضي‭ ‬،‭ ‬وكثر‭ ‬اللاعبون‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬جبهات‭ ‬الإسناد‭ ‬لغزة‭ ‬التي‭ ‬توقع‭ ‬بالاحتلال‭ ‬ضربات‭ ‬وخسائر‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬في‭ ‬حسبانها‭ ‬عندما‭ ‬شنّت‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬،‭ ‬وغرقت‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الوحل‭ ‬بفعل‭ ‬صمود‭ ‬المقاومة‭ ‬والحاضنة‭ ‬الشعبية‭ ‬،‭ ‬ولم‭ ‬تتمكن‭ ‬دولة‭ ‬الإحتلال‭ ‬من‭ ‬إعادة‭ ‬حوالى‭ ‬مائة‭ ‬ألف‭ ‬مستوطن‭ ‬إلى‭ ‬مستوطنات‭ ‬شمال‭ ‬فلسطين‭ ‬منذ‭ ‬عشرة‭ ‬أشهر‭ ‬وعشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬إلى‭ ‬مستوطنات‭ ‬غلاف‭ ‬غزة‭ ‬،‭ ‬ولم‭ ‬تحقق‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬أهداف‭ ‬الحرب‭ ‬المعلنة‭.‬

وهذا‭ ‬الفشل‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬باستعادة‭ ‬صورة‭ ‬قوة‭ ‬الردع‭ ‬التي‭ ‬انهارت‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬والفشل‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أي‭ ‬انتصار‭ ‬يقدمه‭ ‬للشارع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬علّه‭ ‬يعوض‭ ‬بعض‭ ‬الخسائر‭ ‬المادية‭ ‬والبشرية‭ ‬والسياسية‭ ‬التي‭ ‬منيت‭ ‬بها‭ ‬دولة‭ ‬الإحتلال‭ ‬،‭ ‬دفع‭ ‬نتنياهو‭ ‬وحكومته‭ ‬الفاشية‭ ‬بعد‭ ‬صراخه‭ ‬الذي‭ ‬امتد‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬ساعة‭ ‬في‭ ‬الكونغرس‭ ‬،‭ ‬هذا‭ ‬الصراخ‭ ‬الذي‭ ‬جاء‭ ‬على‭ ‬قدر‭ ‬الوجع‭ ‬الذي‭ ‬تعاني‭ ‬منه‭ ‬إسرائيل‭ ‬،‭ ‬دفع‭ ‬بحكومة‭ ‬الإحتلال‭ ‬الفاشية‭ ‬ونتنياهو‭ ‬إلى‭ ‬أخذ‭ ‬الموافقة‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬التصعيد‭ ‬والإغتيالات‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬أبرزها‭ ‬اغتيال‭ ‬الشهيد‭ ‬إسماعيل‭ ‬هنية‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬العاصمة‭ ‬الإيرانية‭ ‬،‭ ‬دافعا‭ ‬بالمنطقة‭ ‬إلى‭ ‬حافة‭ ‬حرب‭ ‬إقليمية‭ .‬

وها‭ ‬هي‭ ‬جبهات‭ ‬المقاومة‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬واليمن‭ ‬والعراق‭ ‬ومؤخرا‭ ‬إيران‭ ‬،‭ ‬تستعد‭ ‬لتوجيه‭ ‬ضربة‭ ‬لدولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬ردا‭ ‬على‭ ‬عمليات‭ ‬الإغتيال‭ ‬للقائد‭ ‬فؤاد‭ ‬شكر‭ ‬في‭ ‬الضاحية‭ ‬الجنوبية‭ ‬في‭ ‬بيروت‭ ‬والقائد‭ ‬الوطني‭ ‬البارز‭ ‬إسماعيل‭ ‬هنية‭ ‬،‭ ‬مما‭ ‬دفع‭ ‬دولة‭ ‬الإحتلال‭ ‬مجددا‭ ‬لأن‭ ‬تستصرخ‭ ‬مجددا‭ ‬حلفائها‭ ‬الغربيين‭ ‬والأمريكان‭ ‬–‭ ‬الذين‭ ‬لولا‭ ‬مساعدتهم‭ ‬لما‭ ‬تمكنت‭ ‬إسرائيل‭ ‬أن‭ ‬تغتال‭ ‬القائد‭ ‬إسماعيل‭ ‬هنية‭ ‬–‭ ‬للدفاع‭ ‬عنها‭ ‬وحمايتها‭ ‬ولما‭ ‬كانت‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬شن‭ ‬عدوانها‭ ‬المتواصل‭ ‬منذ‭ ‬عشرة‭ ‬أشهر‭ ‬‮…‬‭ ‬وعلى‭ ‬حد‭ ‬قول‭ ‬أحد‭ ‬المحللين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬الذي‭ ‬قال‭ ‬مجازا‭ (( ‬لولا‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬والغربي‭ ‬لاضطرت‭ ‬إسرائيل‭ ‬أن‭ ‬تقاتل‭ ‬بالعصا‭ ‬والحجارة‭ )) ‬،‭ ‬لقد‭ ‬تكشفت‭ ‬وإلى‭ ‬الأبد‭ ‬هشاشة‭ ‬إسرائيل‭ ‬التي‭ ‬–‭ ‬ومنذ‭ ‬عشرة‭ ‬شهور‭- ‬تقتل‭ ‬ولا‭ ‬تقاتل‭ ‬،‭ ‬ومجرّد‭ ‬القتل‭ ‬والتدمير‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الإنتقام‭ ‬ليس‭ ‬انتصارا‭ ‬ولن‭ ‬يعيد‭ ‬صورة‭ ‬قوة‭ ‬الردع‭.‬

لقد‭ ‬تبين‭ ‬ضعف‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬عندما‭ ‬تلقت‭ ‬بمنظومتها‭ ‬الإمنية‭ ‬والتكنولوجية‭ ‬والعسكرية‭ ‬ضربة‭ ‬مؤلمة‭ ‬،‭ ‬وتبعها‭ ‬عملية‭ ‬القتل‭ ‬لعشرات‭ ‬آلاف‭ ‬المدنيين‭ ‬الغزيين‭ ‬حوالي‭ ‬نصفهم‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬والتدمير‭ ‬الممنهج‭ ‬للبنية‭ ‬التحتية‭ ‬والمستشفيات‭ ‬والمدارس‭ ‬وحتى‭ ‬المقابر‭ ‬وحرب‭ ‬التجويع‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يرمز‭ ‬للحياة‭ ‬علّ‭ ‬وعسى‭ ‬أن‭ ‬يعيد‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬شيئا‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬الردع‭ ‬الموهومة‭ ‬،‭ ‬وبدلا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تستعيد‭ ‬صورة‭ ‬الردع‭ ‬والإنتصار،‭ ‬ها‭ ‬هي‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬غالبية‭ ‬العالم‭ ‬دولا‭ ‬وشعوبا‭ ‬إصبحت‭ ‬دولة‭ ‬مارقة‭ ‬منبوذة‭ ‬ومعزولة‭ ‬وتزداد‭ ‬حملات‭ ‬مقاطعتها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭ ‬والمستويات‭ ‬،‭ ‬وتم‭ ‬جلبها‭ ‬إلى‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬بتهمة‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬،‭ ‬بالاضافة‭ ‬إلى‭ ‬احتمالية‭ ‬إصدار‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬مذكرة‭ ‬توقيف‭ ‬بحق‭ ‬رئيس‭ ‬وزرائها‭ ‬ووزير‭ ‬حربها‭.‬

إن‭ ‬التصعيد‭ ‬الإسرائلي‭ ‬وموجة‭ ‬الإغتيالات‭ ‬هو‭ ‬هروب‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬لم‭ ‬ولن‭ ‬تستعيد‭ ‬دولة‭ ‬الإحتلال‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬قوة‭ ‬الردع‭ ‬الموهومة‭ ‬،‭ ‬أو‭ ‬تحقق‭ ‬لنتنياهو‭ ‬وهم‭ ‬انتصار‭ ‬يقدمه‭ ‬للشارع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بعد‭ ‬عشرة‭ ‬شهور‭ ‬من‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬شعبنا‭ ‬فشل‭ ‬فيها‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬أهدافه‭ ‬،‭ ‬فالإغتيالات‭ ‬خبرها‭ ‬شعبنا‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الثورة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المعاصرة‭ ‬وما‭ ‬زادته‭ ‬إلا‭ ‬إصرارا‭ ‬على‭ ‬النضال‭ ‬ضد‭ ‬الاحتلال‭ ‬وسياساته‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬تجسيد‭ ‬حقوقه‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬العودة‭ ‬والاستقلال‭ ‬الناجز‭.‬

في‭ ‬الختام‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬بالإمكان‭ ‬–‭ ‬لو‭ ‬توفر‭ ‬مركز‭ ‬قيادي‭ ‬فلسطيني‭ ‬موحد‭ ‬يخاطب‭ ‬العالم‭ ‬بصوت‭ ‬واحد‭ ‬وسياسة‭ ‬واحدة‭ ‬مستندة‭ ‬إلى‭ ‬استراتيجية‭ ‬كفاحية‭ ‬–‭ ‬أن‭ ‬نجعل‭ ‬كل‭ ‬العالم‭ ‬يتحدّث‭ ‬عن‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬،‭ ‬كدولة‭ ‬تشهد‭ ‬تفسخا‭ ‬وصراعا‭ ‬داخليا‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬وصفه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬بأنه‭ ‬بداية‭ ‬حرب‭ ‬أهلية‭ ‬وتفكك‭ ‬الدولة‭ ‬وانهيارها،‭ ‬دولة‭ ‬مارقة‭ ‬ومعزولة‭ ‬وتحاكم‭ ‬أمام‭ ‬المحاكم‭ ‬الدولية‭ ‬،‭ ‬دولة‭ ‬فقدت‭ ‬وإلى‭ ‬الأبد‭ ‬صورة‭ ‬الدولة‭ ‬القوية‭ ‬صاحبة‭ ‬اليد‭ ‬الطولى‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬،‭ ‬وتراجعت‭ ‬مكانتها‭ ‬ودورها‭ ‬الوظيفي‭ ‬الذي‭ ‬أنشأت‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬القيام‭ ‬به‭ ‬قبل‭ ‬ست‭ ‬وسبعين‭ ‬عاما‭.‬