مفهوم الممارسة السياسية في الساحة الفلسطينية

يوليو 30, 2024

ثمة‭ ‬مفردات‭ ‬لغوية‭ ‬تبدو‭ ‬مترادفات‭ ‬لوجود‭ ‬معنى‭ ‬مشترك‭ ‬بينها،‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬بينها‭ ‬اختلاف،‭ ‬وإظهاره‭ ‬يلبي‭ ‬مطلب‭ ‬الدقة،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬الدراسات‭ ‬العلمية،‭ ‬هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬مترادفات‭ ‬السلوك‭ ‬في‭ ‬اللغة‭: ‬الفعل،‭ ‬النشاط،‭ ‬التصرف،‭ ‬العمل،‭ ‬الممارسة،‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬السلوك‭ ‬واعياً‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬واعٍ،‭ ‬واختياري‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬اختياري،‭ ‬لكن‭ ‬الممارسة‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬واعية‭ ‬واختيارية‭. ‬وتقترب‭ ‬الممارسة‭ ‬من‭ ‬مفهوم‭ ‬الأداء‭ ‬أي‭ ‬طريقة‭ ‬وأسلوب‭ ‬القيام‭ ‬بعمل‭ ‬ما،‭ ‬والمهم‭ ‬من‭ ‬الممارسة‭ ‬والأداء‭ ‬هي‭ ‬حصاد‭ ‬النتائج‭ ‬المتوخاة‭ ‬من‭ ‬العمل،‭ ‬ويتقاطعان‭ ‬في‭ ‬التكليف‭ ‬والقيام‭ ‬بالواجب‭. ‬وقد‭ ‬عرّف‭ ‬بعض‭ ‬الباحثين‭ ‬الممارسة‭ ‬السياسية،‭ ‬تعريفاً‭ ‬تحليلياً‭: ‬على‭ ‬أنها‭ ‬فعل‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬بنية‭ ‬علائقية‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬فاعل‭ ‬واحد،‭ ‬فهي‭ ‬أداء‭ ‬مجتمعي،‭ ‬ترتبط‭ ‬مفاهيمياً‭ ‬وتجريبياً‭ ‬بالأبعاد‭ ‬التحليلية‭ ‬لمعرفة‭ ‬الفاعلين‭ ‬ومواقعهم‭.‬

الممارسة‭ ‬السياسية‭ ‬مفهوم‭ ‬يقابل‭ ‬النظرية‭ ‬السياسية،‭ ‬أو‭ ‬الممارسة‭ ‬تتعلق‭ ‬بالنظرية،‭ ‬الممارسة‭: ‬هي‭ ‬محاولة‭ ‬لتطبيق‭ ‬النظرية‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع،‭ ‬قد‭ ‬تفشي‭ ‬وقد‭ ‬تنجح،‭ ‬وتهدف‭ ‬إلى‭ ‬تحويل‭ ‬المبادئ‭ ‬والنظريات‭ ‬إلى‭ ‬واقع‭ ‬اجتماعي‭ ‬سياسي،‭ ‬تقترب‭ ‬من‭ ‬الشكل‭ ‬الاحترافي‭ ‬للنشاط‭ ‬السياسي‭ ‬النابع‭ ‬من‭ ‬الفهم‭ ‬العميق‭ ‬للنظرية،‭ ‬وإذا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬نابعة‭ ‬من‭ ‬ها‭ ‬هنا،‭ ‬يقال‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬وممارستها‭ ‬مهنة‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬مهنة‭ ‬له،‭ ‬الممارسة‭ ‬ترتبط‭ ‬باتباع‭ ‬نهج‭ ‬معين،‭ ‬يؤدي‭ ‬حسب‭ ‬الممارس‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬ما‭ ‬يؤمن‭ ‬به،‭ ‬إنها‭ ‬النشاط‭ ‬الدائم‭ ‬الذي‭ ‬توضع‭ ‬فيه‭ ‬مبادئ‭ ‬علم‭ ‬أو‭ ‬فن‭ ‬السياسة‭ ‬موضع‭ ‬التنفيذ‭. ‬وكثرة‭ ‬الاشتغال‭ ‬بالسياسة،‭ ‬تحول‭ ‬الممارس‭ ‬إلى‭ ‬متمرس‭ ‬أي‭ ‬صاحب‭ ‬خبرة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭.‬

وإن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬ثمة‭ ‬نظرية‭ ‬شبه‭ ‬متكاملة‭ ‬تستند‭ ‬إليها‭ ‬الممارسة‭ ‬السياسية،‭ ‬فعلى‭ ‬الأقل‭ ‬مبدأ‭ ‬عام‭ ‬يوجه‭ ‬السلوك‭ ‬أو‭ ‬التصرف‭ ‬أو‭ ‬الفعل‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬معين،‭ ‬ربطاً‭ ‬بالنتائج‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التصرف‭.‬

ومن‭ ‬غرائب‭ ‬الأحوال‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬السياسة‭ ‬أن‭ ‬تسبق‭ ‬الممارسة‭ ‬النظرية،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬قيل‭ ‬في‭ ‬التجربة‭ ‬الناصرية‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬كما‭ ‬قيل‭ ‬في‭ ‬الممارسة‭ ‬السياسية‭ ‬لحركة‭ ‬فتح‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬قيل‭ ‬ذلك‭ ‬لرفضهما‭ ‬العمل‭ ‬السياسي‭ ‬المؤدلج‭ ‬والإطار‭ ‬الحزبي‭ ‬للممارسة‭ ‬السياسية،‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬حُلّت‭ ‬الأحزاب،‭ ‬وذُوّبت‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الاشتراكي‭ ‬رفضاً‭ ‬للحزبية،‭ ‬أما‭ ‬حركة‭ ‬فتح‭ ‬فقد‭ ‬لعبت‭ ‬وما‭ ‬زالت‭ ‬تلعب‭ ‬دوراً‭ ‬رئيسياً‭ ‬في‭ ‬النضال‭ ‬الوطني‭ ‬وفي‭ ‬صياغة‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭. ‬لكنها‭ ‬لم‭ ‬تلعب‭ ‬الدور‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الريادة‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الفكري‭ ‬النظري،‭ ‬وفتح‭ ‬بتسميتها‭ ‬‮«‬حركة‭ ‬التحرير‭ ‬الوطني‭ ‬الفلسطيني‮»‬‭ ‬حملت‭ ‬مشروع‭ ‬برنامج‭ ‬يركز‭ ‬على‭ ‬الأهداف‭ ‬الوطنية‭ ‬العامة،‭ ‬دون‭ ‬تصور‭ ‬لبنية‭ ‬طبقية‭ ‬ولمصالح‭ ‬الفئات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬ودورها‭ ‬في‭ ‬النضال‭ ‬الوطني،‭ ‬وأغفلت‭ ‬دور‭ ‬الاتحادات‭ ‬الشعبية،‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬تمارس‭ ‬جماهير‭ ‬شعبنا‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬تفعيل‭ ‬مؤسسات‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭. ‬ارتكزت‭ ‬حركة‭ ‬فتح‭ ‬في‭ ‬الجانب‭ ‬النظري‭ ‬على‭ ‬شعارات‭ ‬نابعة‭ ‬من‭ ‬مبادئ‭ ‬أساسية،‭ ‬منذ‭ ‬نشأتها‭ ‬أكدت‭ ‬على‭ ‬استقلالية‭ ‬القرار‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬تحرير‭ ‬فلسطين،‭ ‬ورفعت‭ ‬الشعارات‭ ‬الوطنية،‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬التنظير‭ ‬والمزايدة،‭ ‬العقائدية‭ ‬والأيديولوجية،‭ ‬فحصلت‭ ‬حركة‭ ‬فتح‭ ‬عند‭ ‬نشأتها‭ ‬على‭ ‬التأييد‭ ‬الجماهيري‭ ‬وسعة‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬صفوفها،‭ ‬كأول‭ ‬جماعة‭ ‬فلسطينية،‭ ‬تتبنى‭ ‬الكفاح‭ ‬المسلح،‭ ‬باعتبارها‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬أشكال‭ ‬الممارسة،‭ ‬التي‭ ‬تتطلب‭ ‬إعداد‭ ‬الفدائيين‭ ‬بدنياً‭ ‬وعسكرياً‭ ‬كأولوية‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬النظري‭ ‬الفكري‭.‬

من‭ ‬قواعد‭ ‬الممارسة،‭ ‬صياغة‭ ‬الرؤية‭ ‬السياسية‭ ‬بطرح‭ ‬سياسي‭ ‬واضح‭ ‬الأهداف‭ ‬والأبعاد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬النظرية‭ ‬وإمكانية‭ ‬تطبيقها‭ ‬في‭ ‬الممارسة‭ ‬الناجحة،‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬التنفيذي‭ ‬تحدد‭ ‬مدى‭ ‬قربنا‭ ‬أو‭ ‬بعدنا‭ ‬عن‭ ‬الممارسة‭ ‬السياسية‭ ‬الواعية‭ ‬وربط‭ ‬المرحلي‭ ‬بالاستراتيجي‭ ‬والذي‭ ‬يضع‭ ‬الأحداث‭ ‬الجزئية‭ ‬المتتالية‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬محدد‭.‬

الشمول‭ ‬وسعة‭ ‬النطاق‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬معطيات‭ ‬شاملة‭ ‬وليست‭ ‬جزئية‭ ‬وبالتالي‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬القرار

صائباً‭ ‬بوضع‭ ‬كل‭ ‬قرار‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬واسع‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬الممارسة‭ ‬السياسية‭ ‬ممارسة‭ ‬استراتيجية‭ ‬مستقبلية‭.‬

الممارسة‭ ‬الفاشلة‭ ‬أو‭ ‬الخاطئة‭ ‬هي‭ ‬الممارسة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬أو‭ ‬منفعة‭ ‬أو‭ ‬إحراز‭ ‬تقدم‭ ‬في‭ ‬النظرية‭ ‬التي‭ ‬تستند‭ ‬إليها‭ ‬الممارسة،‭ ‬ويأتي‭ ‬تطبيق‭ ‬النظرية‭ ‬بنتائج‭ ‬عكسية،‭ ‬وهذه‭ ‬هي‭ ‬السياسة‭ ‬التي‭ ‬أودت‭ ‬إلى‭ ‬اتفاقية‭ ‬أوسلو،‭ ‬باعتباره‭ ‬عند‭ ‬البعض‭ ‬التطبيق‭ ‬الممكن‭ ‬لبرنامج‭ ‬النقاط‭ ‬العشرة‭ ‬لمنظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬للوصول‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬مستقلة‭. ‬الممارسة‭ ‬السياسية‭ ‬الخاطئة‭ ‬هي‭ ‬بالتأكيد‭ ‬ممارسة‭ ‬فاشلة،‭ ‬لكن‭ ‬أيضاً‭ ‬الممارسة‭ ‬الفاشلة‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬سببها‭ ‬عدم‭ ‬واقعية‭ ‬الفكرة‭. ‬والفكرة‭ ‬الجيدة‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬كوادر‭ ‬جيدين‭ ‬مؤهلين،‭ ‬ويتحملون‭ ‬المسؤولية‭ ‬في‭ ‬ربط‭ ‬الممارسة‭ ‬بالنظرية‭. ‬في‭ ‬الفكر‭ ‬الثوري‭ ‬خصوصاً‭ ‬تظهر‭ ‬قدرات‭ ‬الكادر‭ ‬النوعي‭ ‬المتميز‭ ‬في‭ ‬التطبيق‭ ‬العملي‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬لهذا‭ ‬الفكر‭ ‬الذي‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬إحداث‭ ‬تغيير‭ ‬شامل‭ ‬ومتسارع‭.‬

وقد‭ ‬تكون‭ ‬الممارسة‭ ‬الخاطئة‭ ‬مقصودة،‭ ‬كمن‭ ‬يرفع‭ ‬شعاراً‭ ‬ويمر‭ ‬من‭ ‬تحته،‭ ‬وهو‭ ‬تعبير‭ ‬عن‭ ‬الديماغوجية،‭ ‬حيث‭ ‬تطرح‭ ‬أفكاراً‭ ‬مثالية‭ ‬مثل‭ ‬الحرية‭ ‬والديمقراطية‭ ‬والعدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وحقوق‭ ‬المرأة‭ ‬والمواطنة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أشخاص‭ ‬منتفعين‭ ‬وأصحاب‭ ‬مصالح‭ ‬شخصية،‭ ‬أو‭ ‬تكون‭ ‬الممارسة‭ ‬الخاطئة‭ ‬غير‭ ‬مقصودة‭ ‬لذا‭ ‬يتكرر‭ ‬الخطأ‭ ‬دون‭ ‬التصحيح‭ ‬بالمراجعة‭ ‬النقدية،‭ ‬وإذا‭ ‬سقطت‭ ‬النظرية‭ ‬تفرق‭ ‬شمل‭ ‬معتنقيها‭. ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يحمل‭ ‬أفكاراً‭ ‬جيدة‭ ‬لكن‭ ‬يعجز‭ ‬عن‭ ‬تطبيقها‭ ‬لأسباب‭ ‬عديدة،‭ ‬إنما‭ ‬سيادة‭ ‬أجواء‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬تسهل‭ ‬ذلك‭.‬

الديمقراطية‭ ‬مفهوم‭ ‬نظري‭ ‬لا‭ ‬ينفصل‭ ‬عن‭ ‬الممارسة‭ ‬السياسية،‭ ‬تحدد‭ ‬الديمقراطية‭ ‬شكل‭ ‬الممارسة،‭ ‬ومدى‭ ‬الحرية‭ ‬المسموح‭ ‬بها‭ ‬للناشطين،‭ ‬وبدورها‭ ‬الممارسة‭ ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬تحديد‭ ‬الديمقراطية‭ ‬بحيث‭ ‬تطور‭ ‬المفهوم‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬العملي‭ ‬من‭ ‬المفهوم‭ ‬الأولي‭ ‬‮«‬حكم‭ ‬الشعب‭ ‬نفسه‭ ‬بنفسه‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬مصطلحات‭ ‬عديدة‭ ‬ومتشعبة،‭ ‬منها‭: ‬الديمقراطية‭ ‬الشعبية،‭ ‬المركزية‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬الديمقراطية‭ ‬المباشرة،‭ ‬الديمقراطية‭ ‬نصف‭ ‬المباشرة،‭ ‬الديمقراطية‭ ‬النيابية،‭ ‬الديمقراطية‭ ‬التعددية،‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الفدرالية،‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الدستورية،‭ ‬الديمقراطية‭ ‬التمثيلية،‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الرئاسية،‭ ‬الديمقراطية‭ ‬البرلمانيّة‭….‬

قد‭ ‬تكون‭ ‬الممارسة‭ ‬حملات‭ ‬للناشطين‭ ‬بشأن‭ ‬الإجراءات‭ ‬المستقبلية،‭ ‬عبر‭ ‬تنسيق‭ ‬الأنشطة‭ ‬والفعاليات‭ ‬تتضمن‭ ‬فهماً‭ ‬مشتركاً‭ ‬لأهدافهم‭. ‬وتحتاج‭ ‬إلى‭ ‬معايير‭ ‬مثل‭ ‬الكفاءة‭ ‬الذاتية،‭ ‬ولهذا‭ ‬تهتم‭ ‬المنظمات‭ ‬السياسية‭ ‬بتربية‭ ‬وإعداد‭ ‬الكادر‭ ‬الذي‭ ‬يؤدي‭ ‬دوره‭ ‬بإتقان‭ ‬وحرفية‭. ‬تحدد‭ ‬معايير‭ ‬الممارسة‭ ‬السياسات‭ ‬المناسبة‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬القضايا‭ ‬المختلفة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحديد‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬فعلاً‭ ‬في‭ ‬القضايا‭ ‬محل‭ ‬الصراع‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬معالجة‭ ‬قضايا‭ ‬وأوضاع‭ ‬معقدة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬الكوادر‭ ‬السياسية‭ ‬جيدة‭ ‬التدريب،‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬ليستطيعوا‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬دون‭ ‬الإلمام‭ ‬بتلك‭ ‬القواعد‭ ‬الأساسية،‭ ‬فهي‭ ‬توفر‭ ‬إطاراً‭ ‬أو‭ ‬مبرراً‭ ‬نظرياً‭ ‬لتبرير‭ ‬قرارات‭ ‬القادة،‭ ‬وتوفر‭ ‬الجانب‭ ‬المعرفي‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭.‬

ويفترض‭ ‬بالممارسة‭ ‬السياسية،‭ ‬أن‭ ‬تنقل‭ ‬المهتمين‭ ‬بالشأن‭ ‬العام‭ ‬من‭ ‬المشاركة‭ ‬السياسية‭ ‬اللاواعية‭ ‬إلى‭ ‬المشاركة‭ ‬الواعية،‭ ‬وهي‭ ‬المشاركة‭ ‬التي‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬تتعدى‭ ‬متابعة‭ ‬الأحداث‭ ‬التي‭ ‬تدور،‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تحليلها،‭ ‬وتفسيرها،‭ ‬وتقييمها،‭ ‬والتنبؤ‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬الأحداث‭ ‬إلى‭ ‬أهم‭ ‬المفاهيم‭ ‬والقواعد‭ ‬التي‭ ‬تحكم‭ ‬اللعبة‭ ‬السياسية،‭ ‬أي‭ ‬قواعد‭ ‬صناعة‭ ‬الأحداث‭.‬

فالمواطن‭ ‬الذي‭ ‬يهتم‭ ‬بالسياسة‭ ‬ويشارك‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬السياسية،‭ ‬تدفعه‭ ‬ضرورة‭ ‬الممارسة‭ ‬والمناقشة‭ ‬إلى‭ ‬قراءة‭ ‬المنشورات‭ ‬ومتابعة‭ ‬الأخبار‭ ‬والمقالات‭ ‬والتعليقات‭ ‬السياسية،‭ ‬الممارس‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬السياسي‭ ‬ينطلق‭ ‬من‭ ‬ضرورات‭ ‬تحصيل‭ ‬المعرفة‭ ‬بالمسائل‭ ‬السياسية،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬أساسي‭ ‬في‭ ‬مفهوم‭ ‬الممارسة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬الاهتمام‭ ‬بمتابعة‭ ‬الأحداث‭ ‬المحلية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والعربية‭ ‬والعالمية،‭ ‬وعلى‭ ‬الاطلاع‭ ‬والمعرفة‭ ‬النظرية،‭ ‬الممارسة‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬الاهتمام‭ ‬بمطالعة‭ ‬موضوعات‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ولا‭ ‬تدل‭ ‬فقط‭ ‬غلى‭ ‬رغبة‭ ‬بتحصيل‭ ‬المعرفة،‭ ‬وخزن‭ ‬المعلومات‭ ‬في‭ ‬الذاكرة،‭ ‬بل‭ ‬بتحويل‭ ‬المعرفة‭ ‬إلى‭ ‬ممارسة‭ ‬واعية‭ ‬ترتبط‭ ‬بالإحساس‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬تجاه‭ ‬المجتمع‭ ‬وقضاياه‭.‬

من‭ ‬قواعد‭ ‬الممارسة‭ ‬السياسية،‭ ‬الربط‭ ‬بين‭ ‬نتيجة‭ ‬سياسية‭ ‬محددة،‭ ‬وممارسة‭ ‬سياسية‭ ‬محددة،‭ ‬الكفاح‭ ‬المسلح‭ (‬ممارسة‭) ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬استقلال‭ ‬دولة‭ ‬فلسطين‭(‬نتيجة‭)‬،‭ ‬النضال‭ ‬ضد‭ ‬سياسة‭ ‬الفصل‭ ‬العنصري‭ (‬ممارسة‭) ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬ثنائية‭ ‬القومية‭ (‬نتيجة‭).‬

القاعدة‭ ‬التوجيهية‭ ‬الإرشادية‭ ‬تقرر‭ ‬حقيقة‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يدركها‭ ‬الممارس‭ ‬للعمل‭ ‬السياسي،‭ ‬في‭ ‬الحالة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬نقول‭: ‬الصراع‭ ‬نوعان‭ ( ‬وجودي‭ ‬مع‭ ‬العدو‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬وديمقراطي‭ ‬بين‭ ‬فصائل‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭)‬،‭ (‬ما‭ ‬أخذ‭ ‬بالقوة‭ ‬لا‭ ‬يسترد‭ ‬إلا‭ ‬بالقوة‭)‬،‭ (‬النضال‭ ‬السلمي‭ ‬هو‭ ‬الشكل‭ ‬المناسب‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭)‬،‭ ‬فهذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬القواعد‭ ‬توجيهي‭ ‬إرشادي‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬أثر‭ ‬سياسي‭ ‬مباشر‭ ‬ولكنه‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬طبيعة‭ ‬أسلوب‭ ‬أداء‭ ‬الفاعل‭ ‬السياسي‭.‬

وفقاً‭ ‬لمفهوم‭ ‬السيادة،‭ ‬تعتبر‭ ‬الممارسة‭ ‬السياسة‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬اختصاصات‭ ‬الدولة،‭ ‬وفي‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬تنتهك‭ ‬السيادة‭ ‬الوطنية‭ ‬جراء‭ ‬التدخلات‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬شؤونها،‭ ‬هذا‭ ‬يتم‭ ‬عبر‭ ‬ممارسات‭ ‬القوة‭ ‬الناعمة‭ ‬بفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬اقتصادية‭ ‬وغيرها،‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬الممارسة‭ ‬السياسية‭ ‬العنفية،‭ ‬إما‭ ‬بالحرب‭ ‬العدوانية‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬تصدير‭ ‬الإرهاب‭ ‬لتحويل‭ ‬الدولة‭ ‬الوطنية‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬فاشلة‭. ‬وفي‭ ‬فلسطين‭ ‬ترتبط‭ ‬ـــــــــ‭ ‬مجمل‭ ‬الممارسات‭ ‬العدوانية‭ ‬للسلطات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬والمستوطنين‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة،‭ ‬وانتهاك‭ ‬حرمة‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬والاعتداء‭ ‬على‭ ‬المصلين،‭ ‬والممارسات‭ ‬العنصرية‭ ‬والسياسة‭ ‬التمييزية،‭ ‬ورفض‭ ‬تطبيق‭ ‬القرارات‭ ‬والمواثيق‭ ‬الدولية‭ ‬ــــــــ‭ ‬ترتبط‭ ‬بالهدف‭ ‬الاستعماري‭ ‬الاستيطاني،‭ ‬وتهجير‭ ‬شعب‭ ‬فلسطين‭ ‬عن‭ ‬أرض‭ ‬وطنه‭.‬