فتوى‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬حول‭ ‬الاحتلال‭ ‬والاستيطان

يوليو 24, 2024

مرت‭ ‬57‭ ‬عاماً‭ ‬على‭ ‬الاحتلال‭ ‬المستمر‭ ‬للضفة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وقطاع‭ ‬غزة،‭ ‬تجاهل‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬خلالها‭ ‬الحقوق‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬الاستقلال‭ ‬وحق‭ ‬تقرير‭ ‬المصير،‭ ‬كما‭ ‬تهرب‭ ‬من‭ ‬مسؤولية‭ ‬حماية‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وتركهم‭ ‬لبطش‭ ‬وجبروت‭ ‬الاحتلال،‭ ‬وتذرع‭ ‬بعد‭ ‬اتفاق‭ ‬أوسلو‭ ‬ـــــــ‭ ‬التي‭ ‬مضى‭ ‬عليها‭ ‬31‭ ‬عاماً‭ ‬دون‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬نتيجةـــــــ‭ ‬أن‭ ‬الاحتلال‭ ‬مؤقت،‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬عملية‭ ‬سياسية‭ ‬جارية‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬النزاع‭. ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الأعوام‭ ‬مضت‭ ‬لتقول‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬أخيراً‭ ‬رأيها‭ ‬بخصوص‭ ‬الاحتلال‭ ‬وسياسة‭ ‬الاستيطان‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬بأنها‭ ‬تنتهك‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وتتعارض‭ ‬مع‭ ‬المادة‭ ‬‮«‬49‮»‬‭ ‬من‭ ‬اتفاقية‭ ‬جنيف‭ ‬الرابعة‭.‬

وقد‭ ‬طلبت‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬هذا‭ ‬الرأي‭ ‬قبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬ونصف،‭ ‬أي‭ ‬قبل‭ ‬اندلاع‭ ‬حرب‭ ‬غزة‭ ‬بفترة‭ ‬طويلة،‭ ‬وتحديداً‭ ‬في‭ ‬كانون‭ ‬الثاني‭/‬يناير‭ ‬2023‭.‬

أما‭ ‬جلسات‭ ‬الاستماع‭ ‬حول‭ ‬شرعية‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لفلسطين،‭ ‬فقد‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬شباط‭ / ‬فبراير2024،‭ ‬أي‭ ‬بعد‭ ‬نحو‭ ‬4‭ ‬شهور‭ ‬من‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الهمجي‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭ ‬منذ‭ ‬7‭ ‬تشرين‭ ‬الأول‭ /‬أكتوبر،‭ ‬استمع‭ ‬القضاة‭ ‬إلى‭ ‬55‭ ‬مداخلة‭ ‬مكتوبة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬والمنظمات‭ ‬الدولية،‭ ‬الأغلبية‭ ‬الساحقة‭ ‬منها‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬الاحتلال‭ ‬مخالف‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وتدعو‭ ‬المحكمة‭ ‬إلى‭ ‬الإقرار‭ ‬بذلك،‭ ‬وحددوا‭ ‬نطاق‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬القضاة،‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭ ‬إلى‭ ‬الفصل‭ ‬العنصري‭.‬

لم‭ ‬تحضر‭ ‬إسرائيل‭ ‬الجلسات،‭ ‬واكتفت‭ ‬بمرافعة‭ ‬مكتوبة‭. ‬واستبقت‭ ‬انطلاق‭ ‬جلسات‭ ‬الاستماع‭ ‬في‭ ‬شباط‭/ ‬فبراير،‭ ‬بإصدارها‭ ‬بياناً‭ ‬تقول‭ ‬فيه‭ ‬إنها‭ ‬لا‭ ‬تعترف‭ ‬بشرعية‭ ‬جلسات‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬هذه،‭ ‬ووصفت‭ ‬الخطوة،‭ ‬التي‭ ‬بادرت‭ ‬بها‭ ‬دولة‭ ‬فلسطين‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬بأنها‭ ‬محاولة‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬لإملاء‭ ‬نتائج‭ ‬التسوية‭ ‬السياسية‭ ‬للنزاع‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬والفلسطينيين،‭ ‬دون‭ ‬مفاوضات‭.‬

في‭ ‬الحادي‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬تشرين‭ ‬الثاني‭/ ‬نوفمبر‭ ‬2022،‭ ‬كانت‭ ‬اللجنة‭ ‬الرابعة‭ ‬للجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬الخاصة‭ ‬ـــــــ‭ ‬بالمسائل‭ ‬السياسية،‭ ‬وإنهاء‭ ‬الاستعمارـــــــ‭ ‬قد‭ ‬اعتمدت‭ ‬مشروع‭ ‬قرار‭ ‬قدمته‭ ‬دولة‭ ‬فلسطين‭ ‬لطلب‭ ‬فتوى‭ ‬قانونية،‭ ‬ورأي‭ ‬استشاري‭ ‬من‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية،‭ ‬حول‭ ‬الآثار‭ ‬القانونية‭ ‬الناشئة‭ ‬عن‭ ‬انتهاك‭ ‬إسرائيل‭ ‬المستمر‭ ‬لحق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬المصير،‭ ‬وعن‭ ‬احتلالها‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‭ ‬للأرض‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1967‭ ‬واستيطانها‭ ‬وضمها،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬التدابير‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬التكوين‭ ‬الديمغرافي‭ ‬لمدينة‭ ‬القدس‭ ‬وطابعها‭ ‬ووضعها،‭ ‬وكيفية‭ ‬تأثير‭ ‬سياسات‭ ‬إسرائيل‭ ‬وممارساتها‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬القانون‭ ‬للاحتلال،‭ ‬والآثار‭ ‬القانونية‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬بالنسبة‭ ‬لجميع‭ ‬الدول‭ ‬والأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

ومساء‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة،‭ ‬19‭/‬7‭ ‬بدأت‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬جلستها‭ ‬العلنية‭ ‬لإعلان‭ ‬رأيها‭ ‬الاستشاري‭ ‬بشأن‭ ‬التبعات‭ ‬القانونية‭ ‬للاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬بطلب‭ ‬من‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لإبداء‭ ‬رأيها‭ ‬في‭ ‬سياسات‭ ‬وممارسات‭ ‬إسرائيل‭ ‬تجاه‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وفي‭ ‬الوضع‭ ‬القانوني‭ ‬للاحتلال،‭ ‬وتحتل‭ ‬إسرائيل‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقدس‭ ‬الشرقية‭ ‬وغزة،‭ ‬و‭ ‬تعتبر‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬غزة‭ ‬ضمن‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تحت‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬في‭ ‬العام‭  ‬2005‭ ‬أعادت‭ ‬انتشار‭ ‬قواتها‭ ‬حول‭ ‬غزة،‭ ‬وفرضت‭ ‬حصاراً‭ ‬شاملاً‭ ‬على‭ ‬القطاع،‭ ‬ويلزم‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬إسرائيل‭ ‬باعتبارها‭ ‬قوة‭ ‬احتلال‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقدس‭ ‬الشرقية‭ ‬وغزة،‭ ‬بحماية‭ ‬السكان‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تحتلها‭.‬

أكدت‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬أنه‭ ‬يتوجب‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬وقف‭ ‬الاحتلال‭ ‬وإنهاء‭ ‬تواجدها‭ ‬غير‭ ‬الشرعي‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭ ‬في‭ ‬أقرب‭ ‬وقت،‭ ‬ووجدت‭ ‬المحكمة‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬استخدام‭ ‬إسرائيل‭ ‬للموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬التزاماتها‭ ‬بموجب‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬كـ‭ ‬‮«‬قوة‭ ‬احتلال‮»‬‭. ‬ويتوجب‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬الوقف‭ ‬الفوري‭ ‬لأي‭ ‬نشاط‭ ‬استيطاني‭ ‬جديد‭ ‬وإخراج‭ ‬كل‭ ‬المستعمرين‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭. ‬وتعتبر‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية،‭ ‬أن‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬تعويض‭ ‬الخسائر‭ ‬المادية‭ ‬والمعنوية‭ ‬للأفراد‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭.‬

ويتوجب‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬عدم‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالوجود‭ ‬غير‭ ‬الشرعي‭ ‬للمستوطنين،‭ ‬ولدولة‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة،‭ ‬وعدم‭ ‬تقديم‭ ‬أي‭ ‬مساعدة‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يساعد‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬القائم‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭.‬

ويتوجب‭ ‬على‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬عدم‭ ‬الاعتراف‭ ‬بشرعية‭ ‬الوضع‭ ‬القائم،‭ ‬والوجود‭ ‬غير‭ ‬الشرعي‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭.‬

واعتبرت‭ ‬المحكمة‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬واجبها‭ ‬لحماية‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬عنف‭ ‬المستوطنين‭ ‬بالضفة،‭ ‬واعتبرت‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬ترحيل‭ ‬سكان‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬من‭ ‬أراضيهم‭ ‬كان‭ ‬قسرياً،‭ ‬نتيجة‭ ‬ممارسات‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬طرد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬خاصة‭ ‬المنطقة‭ ‬ج‭ ‬في‭ ‬الضفة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يخالف‭ ‬التزامات‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وأن‭ ‬مصادرة‭ ‬إسرائيل‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ومنحها‭ ‬للمستوطنين‭ ‬تخالف‭ ‬اتفاقية‭ ‬جنيف،‭ ‬وهذه‭ ‬المستوطنات‭ ‬غير‭ ‬شرعية‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬ونقل‭ ‬إسرائيل‭ ‬للمستوطنين‭ ‬إلى‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقدس،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬احتفاظ‭ ‬إسرائيل‭ ‬بوجودهم،‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭.‬

بما‭ ‬يخص‭ ‬القدس‭ ‬اعتبرت‭ ‬المحكمة‭ ‬أن‭ ‬ممارسات‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية‭ ‬خلقت‭ ‬وضعاً‭ ‬يعجز‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬عن‭ ‬العيش‭ ‬في‭ ‬ظله،‭ ‬طبقت‭ ‬اسرائيل‭ ‬قانونها‭ ‬الخاص‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية‭ ‬بعد‭ ‬عام‭ ‬1967‭ ‬وتطبيق‭ ‬إسرائيل‭ ‬لقانونها‭ ‬المحلي‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬ترسيخ‭ ‬وتعزيز‭ ‬سيطرتها‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬توسيع‭ ‬المستوطنات‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬والقدس،‭ ‬وإقامة‭ ‬الجدار‭ ‬العازل،‭ ‬يعزز‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال،‭ ‬والمحكمة‭ ‬تعتبر‭ ‬الممارسات‭ ‬والسياسات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭ ‬ضماً‭ ‬دائماً‭ ‬لهما،‭ ‬وأن‭ ‬معاملة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بطريقة‭ ‬مختلفة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تعد‭ ‬تمييزاً‭ ‬عنصرياً‭. ‬وإسرائيل‭ ‬تخلت‭ ‬عن‭ ‬التزاماتها‭ ‬في‭ ‬معاهدة‭ ‬مكافحة‭ ‬التمييز‭ ‬العنصري‭ ‬المبرمة‭ ‬عام‭ ‬1965‭ ‬ولم‭ ‬تقم‭ ‬بواجباتها‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬وفق‭ ‬معاهدة‭ ‬1959‭ ‬بشأن‭ ‬معاملة‭ ‬المدنيين‭ ‬بزمن‭ ‬الحرب‭.‬

الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬المعترف‭ ‬به‭ ‬بموجب‭ ‬معاهدة‭ ‬أوسلو‭ ‬له‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مصيره،‭ ‬وممارسات‭ ‬إسرائيل‭ ‬بعد‭ ‬احتلالها‭ ‬لأراض‭ ‬فلسطينية‭ ‬عام‭ ‬1967‭ ‬انتهكت‭ ‬حق‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭.‬

فتوى‭ ‬المحكمة‭ ‬هذا‭ ‬استشاري‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬هام‭ ‬جداً،‭ ‬سيقوم‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بإحالتها‭ ‬إلى‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬التي‭ ‬طلبت‭ ‬مشورة‭ ‬المحكمة،‭ ‬والجمعية‭ ‬العامة‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬يقرر‭ ‬الإجراءات‭ ‬التنفيذية‭ ‬لقرار‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية،‭ ‬والتوقعات‭ ‬تشير‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬ستستمر‭ ‬في‭ ‬سياساتها‭ ‬المتعنتة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬المساند‭ ‬لهذه‭ ‬السياسات،‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬تعطيل‭ ‬اتخاذ‭ ‬أي‭ ‬قرار‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬أو‭ ‬أية‭ ‬تدابير‭ ‬إضافية‭ ‬لوضع‭ ‬حد‭ ‬للوجود‭ ‬غير‭ ‬الشرعي‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭.‬

قال‭ ‬المحامي‭ ‬فيليب‭ ‬ساندز‭ ‬العضو‭ ‬في‭ ‬الفريق‭ ‬القانوني‭ ‬الفلسطيني‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬المعروضة‭ ‬على‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬لها‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬القانونية‭ ‬في‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬حل،‭ ‬وقد‭ ‬يشكل‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬دافعاً‭ ‬للمفاوضات،‭ ‬ويرسي‭ ‬معايير‭ ‬قانونية‭ ‬للتسوية‭ ‬التفاوضية‭ ‬مستقبلاً،‭ ‬وإذا‭ ‬قررت‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬بأن‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬مخالف‭ ‬للقانون‭ ‬فإنها‭ ‬ستطلب‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الهيئات‭ ‬والدول‭ ‬الامتناع‭ ‬عن‭ ‬مساعدة‭ ‬أو‭ ‬دعم‭ ‬الوضع‭ ‬الحالي‭.‬

تباينت‭ ‬مواقف‭ ‬الدول‭ ‬بين‭ ‬مرحب‭ ‬ومحذر‭ ‬ومندد،‭ ‬إسرائيل‭ ‬نددت‭ ‬بالقرار،‭ ‬وقال‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭: ‬إن‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬اتخذت‭ ‬قراراً‭ ‬كاذباً،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬توصلت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬السياسات‭ ‬والممارسات‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬ترقى‭ ‬إلى‭ ‬ضم‭ ‬أجزاء‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭.‬

ودعت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬المحكمة‭ ‬إلى‭ ‬توخي‭ ‬الحذر‭ ‬وإبداء‭ ‬رأي‭ ‬متوازن،‭ ‬وتجنب‭ ‬إصدار‭ ‬رأي‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬انسحاب‭ ‬فوري‭ ‬وغير‭ ‬مشروط‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬لا‭ ‬يأخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬حاجاتها‭ ‬الأمنية‭ ‬المشروعة‭.‬

ورحبت‭ ‬الرئاسة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بقرار‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬واعتبرته‭ ‬قراراً‭ ‬تاريخياً،‭ ‬مطالبة‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬بإلزام‭ ‬إسرائيل‭ ‬بتنفيذه،‭ ‬أما‭ ‬وزير‭ ‬خارجية‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬فقال‭: ‬إن‭ ‬شعبه‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬الاحتلال‭ ‬الاستيطاني‭ ‬والفصل‭ ‬العنصري،‭ ‬وأن‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الطويل‭ ‬والمتواصل‭ ‬لفلسطين‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬إلغاء‭ ‬فلسطين‭ ‬من‭ ‬الوجود،‭ ‬وإلى‭ ‬تدمير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬تدميراً‭ ‬شاملاً‭.‬

ورحبت‭ ‬مصر‭ ‬بصدور‭ ‬الرأي‭ ‬الاستشاري‭ ‬لمحكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية،‭ ‬وطالبت‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭ ‬الدولية‭ ‬باحترامه‭ ‬وتنفيذه،‭ ‬والمساعدة‭ ‬في‭ ‬تمكين‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬ممارسة‭ ‬حقه‭ ‬الشرعي‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مصيره،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬المعاناة‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬يتعرض‭ ‬لها،‭ ‬محملة‭ ‬المسؤولية‭ ‬الجماعية‭ ‬لكافة‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬إنهاء‭ ‬تلك‭ ‬المعاناة،‭ ‬لاسيما‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وقف‭ ‬الانتهاكات‭ ‬والاعتداءات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الجارية‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬إدخال‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬لمواجهة‭ ‬الكارثة‭ ‬الإنسانية‭ ‬المتفاقمة‭ ‬في‭ ‬القطاع‭.‬

ورحبت‭ ‬الأردن‭ ‬بالقرار‭ ‬الذي‭ ‬يعكس‭ ‬الإرادة‭ ‬الدولية،‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬حق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مصيره‭ ‬وإقامة‭ ‬دولته‭ ‬المستقلة‭ ‬ذات‭ ‬السيادة،‭ ‬وطالبت‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬عدم‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالوضع‭ ‬الناشئ‭ ‬عن‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة،‭ ‬وعدم‭ ‬تقديم‭ ‬العون‭ ‬أو‭ ‬المساعدة‭ ‬لاستمراره‭.‬

بدت‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬اليمين‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬متحاملاً‭ ‬على‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬رافضاً‭ ‬لقرارها،‭ ‬متحدياً‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وزير‭ ‬المالية‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بتسلئيل‭ ‬سموتريتش‭ ‬دعا‭ ‬إلى‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬لاهاي‭ ‬باتخاذ‭ ‬خطوات‭ ‬ــــــــ‭ ‬الآن‭ ‬ـــــــ‭ ‬لضم‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬وفرض‭ ‬السيادة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬عليها‭.‬

أما‭ ‬وزير‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬إيتمار‭ ‬بن‭ ‬غفير،‭ ‬فقال‭: ‬إن‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬لاهاي‭ ‬يثبت‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬منظمة‭ ‬سياسية‭ ‬ومعادية‭ ‬للسامية‭ ‬بشكل‭ ‬صارخ‭.‬

من‭ ‬جهته‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬على‭ ‬الأطراف‭ ‬إعادة‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬المسار‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬طال‭ ‬انتظاره‭ ‬نحو‭ ‬إنهاء‭ ‬الاحتلال،‭ ‬وحل‭ ‬الصراع،‭ ‬بما‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وقرارات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭.‬

رحبت‭ ‬الجبهة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬لتحرير‭ ‬فلسطين‭ ‬بالقرار‭ ‬الاستشاري‭ ‬لمحكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬بشأن‭ ‬أوضاع‭ ‬الاحتلال‭ ‬والاستيطان‭ ‬باعتبارهما‭ ‬مخالفات‭ ‬صارخة‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬واعتداءً‭ ‬على‭ ‬السيادة‭ ‬الوطنية‭ ‬لشعبنا‭ ‬الفلسطيني‭.‬

وقالت‭ ‬الجبهة‭: ‬إن‭ ‬القرار‭ ‬الاستشاري‭ ‬لمحكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬يشكل‭ ‬مكسباً‭ ‬سياسياً‭ ‬كبيراً‭ ‬لشعبنا‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬دفع‭ ‬ثمنه‭ ‬غالياً‭ ‬في‭ ‬مقاومته‭ ‬للاحتلال‭ ‬والاستيطان‭ ‬وتضحياته‭ ‬الكبرى‭ ‬دفاعاً‭ ‬عن‭ ‬أرضه‭ ‬وكرامته‭ ‬الوطنية‭ ‬وحقوقه‭ ‬الوطنية‭ ‬المشروعة‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭ ‬والاستقلال‭ ‬والعودة‭ ‬وإنهاء‭ ‬الاحتلال‭ ‬والاستيطان‭ ‬بكل‭ ‬تعابيره‭ ‬ومظاهره‭.‬

ودعت‭ ‬الجبهة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬القيادة‭ ‬السياسية‭ ‬للسلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬النموذج‭ ‬لدول‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬قرار‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬بإعادة‭ ‬النظر‭ ‬بعلاقاتها‭ ‬مع‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬وتطبيق‭ ‬قرارات‭ ‬المجلسين‭ ‬الوطني‭ ‬والمركزي،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬سحب‭ ‬الاعتراف‭ ‬بدولة‭ ‬الاحتلال،‭ ‬ووقف‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬التنسيق‭ ‬الأمني‭ ‬معها،‭ ‬وفك‭ ‬الارتباط‭ ‬بالاقتصاد‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

كما‭ ‬دعت‭ ‬الجبهة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬مع‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬التطبيع‭ ‬معها‭ ‬وطرد‭ ‬سفرائها‭ ‬واستدعاء‭ ‬السفراء‭ ‬العرب‭ ‬من‭ ‬إسرائيل‭.‬

وختمت‭ ‬الجبهة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬إن‭ ‬صون‭ ‬قرارات‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية،‭ ‬وإعلاء‭ ‬شأنها،‭ ‬يستدعي‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الوطني‭ ‬الفلسطيني‭ ‬تبني‭ ‬استراتيجية‭ ‬كفاحية‭ ‬بديلة‭ ‬لاستراتيجية‭ ‬أوسلو‭ ‬وملحقاتها‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اعتماد‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬المقاومة‭ ‬سبيلاً‭ ‬إلى‭ ‬إنهاء‭ ‬الاحتلال‭ ‬وإقامة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المستقلة‭ ‬كاملة‭ ‬السيادة‭ ‬وعاصمتها‭ ‬القدس،‭ ‬على‭ ‬حدود‭ ‬4‭ ‬حزيران‭(‬يونيو‭) ‬1967‭.‬