الصورة النازية لإسرائيل… هنا غزة

يوليو 21, 2024

لم‭ ‬أكن‭ ‬أعلم‭ ‬أن‭ ‬مبادئ‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬خطت‭ ‬الكتب‭ ‬الدراسية،‭ ‬وأحكمت‭ ‬سلوكنا‭ ‬البشري،‭ ‬وعُممت‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬جسر‭ ‬التسامح‭ ‬والسلام،‭ ‬قد‭ ‬أصبحت‭ ‬شعارًا‭ ‬يستخدم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬غول‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬ولمم‭ ‬الشعوب‭ ‬التي‭ ‬تدعي‭ ‬حريتها‭ ‬وهي‭ ‬تنظر‭ ‬للإرهاب‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المنظم‭ ‬يتمدد،‭ ‬وبشكل‭ ‬خطير‭ ‬على‭ ‬واقع‭ ‬الحياة‭ ‬الآدمية‭ ‬للشعوب‭ ‬المكلومة‭ ‬التي‭ ‬ترزح‭ ‬تحت‭ ‬الاحتلال‭ ‬النازي‭.‬

هذا‭ ‬هو‭ ‬الحال،‭ ‬أمام‭ ‬مشهد‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬التي‭ ‬تعيشه‭ ‬غزة‭ ‬بكل‭ ‬تفاصيلها‭ ‬وأشكالها‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬280‭ ‬يوم‭ ‬على‭ ‬التوالي‭.‬

يكاد‭ ‬أن‭ ‬نعرف‭ ‬شمال‭ ‬ومدينة‭ ‬غزة‭ ‬بالمنطقة‭ ‬الصحراوية‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬توقفت‭ ‬محطات‭ ‬تحلية‭ ‬المياه‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬لليوم‭ ‬الثامن‭ ‬على‭ ‬التوالي‭ ‬نتيجة‭ ‬عدم‭ ‬إدخال‭ ‬الوقود‭.. ‬هنا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬700‭ ‬ألف‭ ‬إنسان‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬المنكوبة،‭ ‬فلا‭ ‬اكتفاء‭ ‬لهذا‭ ‬الاحتلال‭ ‬في‭ ‬القصف‭ ‬والحرق‭ ‬والتدمير‭ ‬إنما‭ ‬يواصل‭ ‬إرهابه‭ ‬في‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬المواطنين‭ ‬والنازحين‭ ‬للخروج‭ ‬منها‭ ‬نحو‭ ‬المجهول،‭ ‬أي‭ ‬العقاب‭ ‬الجماعي‭ ‬المكرر‭.‬

فأمام‭ ‬رواية‭ ‬الاحتلال‭ ‬المضللة‭ ‬والتي‭ ‬باتت‭ ‬مكشوفة‭ ‬للعالم‭ ‬أجمع،‭ ‬تستمر‭ ‬المعاناة‭ ‬الإنسانية‭ ‬للنازحين‭ ‬والمواطنين‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التجويع‭ ‬والتعطيش،‭ ‬وعملية‭ ‬الفقد‭ ‬للأبناء‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬توغل‭ ‬بها‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬مرارا‭ ‬وتكرارا‭.‬

يسقط‭ ‬القناع‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬محاولة‭ ‬دولية‭ ‬لوقف‭ ‬العدوان،‭ ‬رغم‭ ‬الإدانة‭ ‬الواسعة‭ ‬لسياسات‭ ‬الاحتلال‭ ‬النازي‭ ‬الذي‭ ‬حول‭ ‬حياة‭ ‬المدنيين‭ ‬والامنين‭ ‬إلى‭ ‬جحيم،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبحوا‭ ‬يفترشون‭ ‬الشوارع‭ ‬في‭ ‬خيام‭ ‬لا‭ ‬يقبل‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬فيها‭ ‬حيوان‭ (‬أعزكم‭ ‬الله‭)‬،‭ ‬أي‭ ‬لا‭ ‬حياة‭ ‬آدمية،‭ ‬ولا‭ ‬مقومات‭ ‬صمود‭ ‬يمكن‭ ‬الاتكال‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬تلك‭ ‬الظروف‭ ‬العاصفة‭.‬

ما‭ ‬زالت‭ ‬رسائل‭ ‬هؤلاء‭ ‬الجوعى‭ ‬مستمرة،‭ ‬الذين‭ ‬يواجهون‭ ‬القتل‭ ‬والحصار‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬والحرب‭ ‬النفسية‭ ‬المستمرة‭ ‬في‭ ‬بث‭ ‬الأكاذيب‭ ‬والشائعات‭ ‬لزيادة‭ ‬حجم‭ ‬الضغط‭ ‬عليهم‭ ‬للنزوح‭ ‬إلى‭ ‬مناطق‭ ‬الجنوب‭ ‬مدعيا‭ ‬أنها‭ ‬آمنة‭ (‬وفق‭ ‬قوله‭)‬،‭ ‬لكنها‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬تكرار‭ ‬للعقاب‭ ‬الجماعي،‭ ‬وتنفيذ‭ ‬لأهدافه‭ ‬المعلنة‭ ‬في‭ ‬التهجير‭ ‬والتشريد‭ ‬وارتكاب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المجازر‭ ‬الدموية‭.‬

المخاطر‭ ‬تكبر‭ ‬على‭ ‬مسرح‭ ‬الجريمة‭ ‬التي‭ ‬تواصل‭ ‬إسرائيل‭ ‬ارتكابها‭ ‬في‭ ‬تدمير‭ ‬المنازل‭ ‬والأحياء‭ ‬السكنية،‭ ‬وقصف‭ ‬آبار‭ ‬المياه،‭ ‬وحرق‭ ‬مراكز‭ ‬الايواء‭ ‬التي‭ ‬تأوي‭ ‬آلاف‭ ‬النازحين،‭ ‬وتجريف‭ ‬الطرقات‭ ‬الرئيسية،‭ ‬إضافة‭ ‬للصرف‭ ‬الصحي‭ ‬الذي‭ ‬يغزو‭ ‬الشوارع‭ ‬والحارات،‭ ‬ناهيا‭ ‬عن‭ ‬تكدس‭ ‬النفايات‭ ‬وانتشار‭ ‬الأوبئة‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬لتفشي‭ ‬الأمراض‭ ‬الجلدية‭ ‬والصدرية،‭ ‬غير‭ ‬سوء‭ ‬التغذية‭ ‬التي‭ ‬أدى‭ ‬لوفاة‭ ‬العشرات‭ ‬أغلبهم‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭.‬

هناك‭ ‬من‭ ‬اعتاد‭ ‬المشهد‭ ‬لهذه‭ ‬الكارثة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬لكن‭ ‬تبقى‭ ‬إرادة‭ ‬الفلسطيني‭ ‬أقوى‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬مشاريع‭ ‬التصفية‭ ‬والتهجير‭ ‬القسري‭.. ‬هنا‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬ومدينة‭ ‬غزة‭ ‬لم‭ ‬تدخل‭ ‬الخضار‭ ‬والفواكه‭ ‬والمجمدات‭ ‬لليوم‭ ‬73‭ ‬على‭ ‬التوالي،‭ ‬كما‭ ‬تغيب‭ ‬أوجه‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬بفقدان‭ ‬مكوناتها‭ ‬جراء‭ ‬عدوان‭ ‬الاحتلال‭ ‬وتوغلاته‭ ‬المستمرة‭.‬

فسياسة‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬التي‭ ‬تمارسها‭ ‬حكومة‭ ‬الفاشية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ضد‭ ‬شعبنا‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وراح‭ ‬ضحيتها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬38‭ ‬ألف‭ ‬شهيد‭ ‬ومئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الجرحى،‭ ‬إنما‭ ‬هو‭ ‬تعبير‭ ‬عن‭ ‬تحدي‭ ‬إسرائيل‭ ‬لمحكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬ولقرارات‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬والجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ومواقف‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬أحرار‭ ‬العالم‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يكفوا‭ ‬عن‭ ‬المطالبة‭ ‬بوقف‭ ‬المجازر‭ ‬ضد‭ ‬نساء‭ ‬فلسطين‭ ‬وأطفالها،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يتطلب‭ ‬رفع‭ ‬منسوب‭ ‬التحركات‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬للضغط‭ ‬على‭ ‬حكومات‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬صحوة‭ ‬ضمير‭ ‬عالمية‭ ‬توقف‭ ‬العدوان‭ ‬وتحاسب‭ ‬المجرمين‭ ‬الصهاينة‭ ‬على‭ ‬جرائمهم‭ ‬وعلى‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬المتواصلة‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬تسعة‭ ‬أشهر‭.‬