الوساطة‭ ‬القطرية‭ ‬لإنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة

يوليو 11, 2024

بوزن‭ ‬مصر‭ ‬إقليمياً،‭ ‬وبوزن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬دولياً،‭ ‬تبدو‭ ‬الدوحة‭ ‬بينهما‭ ‬وازنة‭ ‬بما‭ ‬يكفي،‭ ‬متفوقة‭ ‬في‭ ‬إعلان‭ ‬نفسها‭ ‬وسيطاً‭ ‬فاعلاً‭ ‬للتوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬سلام‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬الأكثر‭ ‬تعقيداً‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وتبدو‭ ‬دبلوماسية‭ ‬الدولة‭ ‬الأقوى‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬وقد‭ ‬أصبحت‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬جبروتها‭ ‬لفرض‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬طرفي‭ ‬الصراع‭ ‬لتقديم‭ ‬تنازلات‭ ‬موضع‭ ‬شك،‭ ‬وأصبحت‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تستبعد‭ ‬من‭ ‬حساباتها‭ ‬دور‭ ‬قطر‭ ‬كوسيط‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الصراعات‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬طرف‭ ‬محايد،‭ ‬يتبنى‭ ‬سياسة‭ ‬رعاية‭ ‬مفاوضات‭ ‬مباشرة‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬لتحقيق‭ ‬السلام،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تريد‭ ‬منها‭ ‬أن‭ ‬تمارس‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬للقبول‭ ‬بشروط‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬إطلاق‭ ‬سراح‭ ‬الأسرى‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬دون‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬شامل‭ ‬يتضمن‭ ‬وقف‭ ‬دائم‭ ‬للحرب‭ ‬العدوانية‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬استمرارية‭ ‬دور‭ ‬قطر‭ ‬مشروط‭ ‬في‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬جمع‭ ‬أطراف‭ ‬النزاع،‭ ‬دورها‭ ‬سينتهي‭ ‬أو‭ ‬يتراجع‭ ‬حالما‭ ‬تنفذ‭ ‬طلب‭ ‬اسرائيل،‭ ‬بممارسة‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬حركة‭ ‬حماس،‭ ‬بالتهديد‭ ‬بطرد‭ ‬قيادات‭ ‬الحركة‭ ‬من‭ ‬الدوحة،‭ ‬أو‭ ‬وقف‭ ‬تمويلها،‭ ‬عندها‭ ‬ستسعى‭ ‬حماس‭ ‬إلى‭ ‬نقل‭ ‬مكاتبها‭ ‬إلى‭ ‬طهران،‭ ‬الملجأ‭ ‬الوحيد‭ ‬المتبقي‭ ‬لها‭ ‬بعد‭ ‬الدوحة،‭ ‬وستُرغم‭ ‬إسرائيل‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬صفقة‭ ‬تبادل‭ ‬أسرى‭. ‬ومهما‭ ‬كان‭ ‬وجود‭ ‬قادة‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬الدوحة‭ ‬غير‭ ‬مرغوب‭ ‬فيه‭ ‬لا‭ ‬أمريكياً‭ ‬ولا‭ ‬اسرائيلياً،‭ ‬إلّا‭ ‬أنّ‭ ‬طردهم‭ ‬من‭ ‬قطر‭ ‬قد‭ ‬يُشكّل‭ ‬تراجعاً‭ ‬نحو‭ ‬الأسوأ‭ ‬لكليهما،‭ ‬تدفع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإسرائيل‭ ‬ثمنه،‭ ‬فحساباتهم‭ ‬تقول‭: ‬بقاء‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬قطر‭ ‬يوفّر‭ ‬أجواء‭ ‬مناسبة‭ ‬للحوار‭ ‬يُمكن‭ ‬التحكّم‭ ‬بها،‭ ‬ما‭ ‬يحدّ‭ ‬ـــــــ‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬ـــــــ‭ ‬من‭ ‬التصعيد‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬الأكثر‭ ‬تعقيداً‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬بالتالي،‭ ‬تُعتبر‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬دور‭ ‬قطر‭ ‬كمضيف‭ ‬لقادة‭ ‬حماس،‭ ‬ذو‭ ‬أهمية‭ ‬بالغة،‭ ‬لإحراز‭ ‬تقدّم‭ ‬في‭ ‬مفاوضات‭ ‬السلام،‭ ‬لأن‭ ‬مقرّهم‭ ‬المتوقع‭ ‬في‭ ‬طهران‭ ‬سيصعب‭ ‬المفاوضات،‭ ‬والصراع‭ ‬سيصبح‭ ‬أكثر‭ ‬استعصاء،‭ ‬والحرب‭ ‬أشد‭ ‬دموية‭.‬

الدبلوماسية‭ ‬القطرية‭ ‬نفسها‭ ‬تعرضت‭ ‬لضغوط‭ ‬من‭ ‬جهات‭ ‬عديدة‭ ‬داخل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ومن‭ ‬إسرائيل،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الجهود‭ ‬الحثيثة‭ ‬التي‭ ‬بذلتها‭ ‬الدوحة‭ ‬باستمرار،‭ ‬منذ‭ ‬اندلاع‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬وقد‭ ‬دفع‭ ‬ذلك‭ ‬بقطر‭ ‬إلى‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬إعادة‭ ‬تقييم‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬الوساطة‭ ‬بين‭ ‬حماس‭ ‬والاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭. ‬وبحسب‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬على‭ ‬شبكة‭ ‬سي‭ ‬إن‭ ‬إن،‭ ‬وقّع‭ ‬63‭ ‬عضواً‭ ‬في‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬و50‭ ‬في‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬على‭ ‬رسالة‭ ‬يطالبون‭ ‬فيها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بممارسة‭ ‬ضغوطاً‭ ‬أكبر‭ ‬على‭ ‬قطر‭ ‬وتركيا،‭ ‬لطرد‭ ‬قادة‭ ‬حماس‭ ‬الموجودين‭ ‬في‭ ‬الدولتين‭.‬

ما‭ ‬مصلحة‭ ‬قطر‭ ‬في‭ ‬الإصرار‭ ‬على‭ ‬دور‭ ‬الوسيط؟‭. ‬لقطر‭ ‬مصلحة‭ ‬في‭ ‬خفض‭ ‬توترات‭ ‬حرب‭ ‬ممرات‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية،‭ ‬تسعى‭ ‬كدولة‭ ‬مصدرة‭ ‬للغاز‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬الأزمات‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي،‭ ‬وحركة‭ ‬التجارة‭ ‬وتسويق‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬لتعزيز‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬المنافسة‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬مصدرة‭ ‬للغاز،‭ ‬بينما‭ ‬واشنطن‭ ‬تبدو‭ ‬فاقدة‭ ‬لثقة‭ ‬المتنازعين،‭ ‬أو‭ ‬طرف‭ ‬منهما‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬يهم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مصالحها‭ ‬أولاً‭ ‬وأخيراً،‭ ‬فهي‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬الشعوب‭ ‬الحرة،‭ ‬دولة‭ ‬صانعة‭ ‬للأزمات‭ ‬العالمية،‭ ‬وراعية‭ ‬للحروب،‭ ‬وليست‭ ‬راعية‭ ‬للسلام‭.‬

يتنقل‭ ‬المبعوثون‭ ‬الأميركيون‭ ‬ووزير‭ ‬خارجيتهم‭ ‬في‭ ‬زيارتهم‭ ‬للمنطقة‭ ‬بين‭ ‬الدوحة‭ ‬والقاهرة،‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬حل‭ ‬لوقف‭ ‬الحرب،‭ ‬وفي‭ ‬المقارنة‭ ‬بين‭ ‬دور‭ ‬الوسيطين‭ ‬العربيين‭ ‬في‭ ‬المفاوضات،‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬الدور‭ ‬الرسمي‭ ‬المصري‭ ‬قد‭ ‬اكتسب‭ ‬تفضيل‭ ‬الإسرائيليين،‭ ‬قالت‭ ‬إميلي‭ ‬معتي‭ ‬العضو‭ ‬السابقة‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬الإسرائيلي‭: ‬إن‭ ‬‮«‬منتدى‭ ‬عائلات‭ ‬الرهائن‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬الطريقة‭ ‬الوحيدة‭ ‬لإطلاق‭ ‬سراح‭ ‬الرهائن،‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المفاوضات،‭ ‬وبقدر‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬الأمر‭ ‬مؤسفاً‭ ‬لكوننا‭ ‬نفضل‭ ‬مصر،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬قطر‭ ‬تعدّ‭ ‬شريكاً‮»‬،‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬أشارت‭ ‬إميلي‭ ‬أن‭ ‬أعضاء‭ ‬في‭ ‬منتدى‭ ‬عائلات‭ ‬الرهائن‭ ‬كانوا‭ ‬يمسكون‭ ‬أنوفهم‭ ‬قرفاً‭ ‬عند‭ ‬ذكر‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬قطر،‭ ‬آذان‭ ‬مسؤوليهم‭ ‬أيضاً‭ ‬أغلقت‭ ‬عندما‭ ‬قررت‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بالإجماع‭ ‬إسكات‭ ‬قناة‭ ‬الجزيرة‭ ‬الإخبارية‭ ‬التابعة‭ ‬لقطر،‭ ‬وصادرت‭ ‬معداتها،‭ ‬وأوقفت‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬بث‭ ‬برامجها‭ ‬لمدة‭ ‬45‭ ‬يوما‭ ‬قابلة‭ ‬للتجديد،‭ ‬تحت‭ ‬ذريعة‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬البلاد،‭ ‬ووصف‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬قناة‭ ‬الجزيرة‭ ‬بـ«الإرهابية‮»‬‭.‬

وإذا‭ ‬ربطنا‭ ‬وصف‭ ‬نتنياهو‭ ‬هذا،‭ ‬بتساؤله‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬نفوذ‭ ‬قطر‭ ‬على‭ ‬حركة‭ ‬حماس،‭ ‬بقوله‭: ‬‮«‬‭ .. ‬لهم‭ ‬نفوذ‭ ‬على‭ ‬حماس،‭ ‬لماذا‭ ‬هذا‭ ‬النفوذ؟‭ ‬لأنهم‭ ‬يمولونهم‮»‬‭. ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬اتهام‭ ‬قطر‭ ‬بتمويل‭ ‬‮«‬الإرهاب‮»‬‭.‬

وذكر‭ ‬يغئال‭ ‬كارمون،‭ ‬المستشار‭ ‬السابق‭ ‬لسلطة‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وغزة،‭ ‬ومستشار‭ ‬رئيسي‭ ‬الوزراء‭ ‬إسحاق‭ ‬شامير‭ ‬وإسحاق‭ ‬رابين،‭ ‬أن‭ ‬قطر‭ ‬تدرب‭ ‬بانتظام‭ ‬قوات‭ ‬الشرطة‭ ‬التابعة‭ ‬لحماس‭.‬

وزراء‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬أدلوا‭ ‬بتصريحات‭ ‬تتحدث‭ ‬بشكل‭ ‬سلبي‭ ‬عن‭ ‬الدور‭ ‬القطري‭ ‬وانتقدوا‭ ‬جهود‭ ‬الوساطة‭ ‬القطرية،‭ ‬ورغم‭ ‬تأكيد‭ ‬قطر‭ ‬أنها‭ ‬ملتزمة‭ ‬بجهود‭ ‬الوساطة‭ ‬في‭ ‬أزمة‭ ‬غزة‭ ‬ولكنها‭ ‬وقفت‭ ‬أمام‭ ‬عرقلة‭ ‬حكومة‭ ‬اليمين‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬هذه‭ ‬الجهود،‭ ‬مما‭ ‬حدا‭ ‬بالحكومة‭ ‬القطرية‭ ‬إعادة‭ ‬تقييم‭ ‬المفاوضات،‭ ‬وما‭ ‬آلت‭ ‬إليه‭ ‬الأمور‭ ‬بعد‭ ‬الهجوم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬رفح‭.‬

رغم‭ ‬ذلك‭ ‬تبدو‭ ‬الدوحة‭ ‬لاعباً‭ ‬دولياً‭ ‬مهماً،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬قطر‭ ‬هي‭ ‬الوسيط‭ ‬المناسب،‭ ‬فقد‭ ‬أشار‭ ‬يوئيل‭ ‬جوزانسكي‭ ‬وإيلان‭ ‬زلايات‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬دراسات‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬في‭ ‬تل‭ ‬أبيب،‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬قطر‭ ‬هي‭ ‬الدولة‭ ‬الوحيدة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬جمع‭ ‬الجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬الرئيسية‭ ‬في‭ ‬الصراع‭: ‬الأمريكيون‭ ‬والإسرائيليون‭ ‬وقيادة‭ ‬حماس‭.‬

تبقى‭ ‬معايير‭ ‬الوساطة‭ ‬القطرية‭ ‬تحت‭ ‬العناية‭ ‬والمباركة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وقد‭ ‬أكّد‭ ‬المبعوث‭ ‬الرئاسي‭ ‬الأميركي‭ ‬الخاص‭ ‬لشؤون‭ ‬الرهائن،‭ ‬روجر‭ ‬كارستنز،‭ ‬لمنتدى‭ ‬عائلات‭ ‬الرهائن‭ ‬واللجنة‭ ‬اليهودية‭ ‬الأميركية‭: ‬إن‭ ‬قطر‭ ‬تفعل‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬نطلبه‭. ‬كما‭ ‬أكّد‭ ‬الرئيس‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭: ‬أن‭ ‬‮«‬تهديدات‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬لن‭ ‬تنعكس‭ ‬بشكلٍ‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬سياسة‭ ‬قطر‭ ‬الخارجية‮»‬‭. ‬لكن‭ ‬إلى‭ ‬متى؟‭. ‬قال‭ ‬عضو‭ ‬الكونغرس‭ ‬ستيني‭ ‬هوير،‭ ‬زعيم‭ ‬الأغلبية‭ ‬السابق‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬الأمريكي،‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬2024،‭ ‬‮«‬إذا‭ ‬فشلت‭ ‬قطر‭ ‬في‭ ‬ممارسة‭ ‬هذا‭ ‬الضغط،‭ ‬فسيتعيّن‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إعادة‭ ‬تقييم‭ ‬علاقتها‭ ‬مع‭ ‬قطر‮»‬‭. ‬من‭ ‬جهته،‭ ‬قدّم‭ ‬السناتور‭ ‬تيد‭ ‬باد‭ ‬قراراً‭ ‬ينصّ‭ ‬على‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬إنهاء‭ ‬وضع‭ ‬قطر‭ ‬كحليف‭ ‬رئيسي‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭. ‬إذا‭ ‬اكتسبت‭ ‬هذه‭ ‬الخطوات‭ ‬زخماً،‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تغيّر‭ ‬دور‭ ‬قطر‭ ‬الإقليمي‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬بعيد‭. ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنّ‭ ‬قطر‭ ‬ستحاول‭ ‬على‭ ‬الأرجح‭ ‬تلبية‭ ‬مطالب‭ ‬أمريكا‭ ‬بالتخلّي‭ ‬عن‭ ‬حماس‭ ‬بشكل‭ ‬كامل،‭ ‬إلّا‭ ‬أنّ‭ ‬هذه‭ ‬التطوّرات‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تخدم‭ ‬المصالح‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭.‬

أهمية‭ ‬الدور‭ ‬القطري‭ ‬كجهة‭ ‬أساسية‭ ‬فاعلة‭ ‬لا‭ ‬غنى‭ ‬عنها،‭ ‬تحظى‭ ‬بقبول‭ ‬الأطراف‭ ‬كافة‭ ‬سواء‭ ‬المتحاربين‭ ‬أو‭ ‬الوسطاء،‭ ‬لو‭ ‬تراجع‭ ‬دورها،‭ ‬أو‭ ‬انتهى‭ ‬بالفشل،‭ ‬لن‭ ‬يبقى‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬الوساطة‭ ‬غير‭ ‬مصر‭ ‬أما‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬فهي‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬طرف‭ ‬خصم‭ ‬في‭ ‬النزاع،‭ ‬ومصر‭ ‬ايضاً‭ ‬لا‭ ‬غنى‭ ‬عنها،‭ ‬وتمتلك‭ ‬من‭ ‬عوامل‭ ‬لعب‭ ‬الدور‭ ‬هذا،‭ ‬موقعها‭ ‬الجغرافي‭ ‬المجاور‭ ‬لحدود‭ ‬غزة،‭ ‬والمنفذ‭ ‬الوحيد‭ ‬لها‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬ـــــــ‭ ‬غالباً‭ ‬مغلق‭ ‬ـــــــ،‭ ‬فما‭ ‬حال‭ ‬هذا‭ ‬العامل‭ ‬بعد‭ ‬اجتياح‭ ‬الجيش‭ ‬الاسرائيلي‭ ‬رفح‭ ‬ومعبرها،‭ ‬وبعد‭ ‬سيطرته‭ ‬على‭ ‬محور‭ ‬فيلادلفيا؟‭. ‬سيقدم‭ ‬المسؤولون‭ ‬المصريون‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬قريبة‭ ‬رؤيتهم‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمحور‭ ‬فيلادلفيا،‭ ‬والوسطاء‭ ‬ينتظرون‭ ‬إجابات‭ ‬من‭ ‬إسرائيل‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بقضيتين‭ ‬أساسيتين‭: ‬معبر‭ ‬رفح،‭ ‬وضمان‭ ‬استمرار‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬خلال‭ ‬المفاوضات‭ ‬بين‭ ‬مراحل‭ ‬الصفقة،‭ ‬لكن‭ ‬الوفد‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬تذرع‭ ‬بأهداف‭ ‬عسكرية‭ ‬لم‭ ‬تتحقق‭ ‬بعد‭ ‬على‭ ‬معبر‭ ‬رفح،‭ ‬وقال‭ ‬إن‭ ‬عملية‭ ‬التفاوض‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬وقف‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تحقيقه‭.‬

لعل‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬الوسيطين‭ ‬العربيين‭ ‬تكاملاً‭ ‬ما،‭ ‬قطر‭ ‬تمتلك‭ ‬ثروة‭ ‬هائلة‭ ‬من‭ ‬الغاز،‭ ‬أعطى‭ ‬لسياسة‭ ‬دولة‭ ‬قطر‭ ‬بصغر‭ ‬مساحتها‭ ‬وقلة‭ ‬عدد‭ ‬سكانها‭ ‬دفعة‭ ‬قوية‭ ‬للوساطة،‭ ‬عززها‭ ‬نجاح‭ ‬جهودها‭ ‬في‭ ‬مفاوضات،‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬حلول‭ ‬مقبولة‭ ‬بين‭ ‬الأطراف‭ ‬المتنازعة،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬حلولاً‭ ‬تخص‭ ‬غزة،‭ ‬حيث‭ ‬لعبت‭ ‬قطر‭ ‬دوراً‭ ‬بارزاً‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية،‭ ‬ونجحت‭ ‬بإدارة‭ ‬مفاوضات‭ ‬حاسمة‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الصراعات‭ ‬الدولية،‭ ‬وتمكّنت‭ ‬من‭ ‬تطوير‭ ‬سياسة‭ ‬خارجية‭ ‬للوساطة‭ ‬في‭ ‬الأزمات‭ ‬العالمية‭.‬

وقد‭ ‬أثمرت‭ ‬جهود‭ ‬قطر‭ ‬في‭ ‬عقد‭ ‬اتفاق‭ ‬هدنة‭ ‬لأسبوع‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬تشرين‭ ‬الثاني‭/ ‬نوفمبر‭ ‬2023،‭ ‬تم‭ ‬خلالها‭ ‬إطلاق‭ ‬سراح‭ ‬81‭ ‬اسيراً‭ ‬إسرائيلياً‭ ‬لدى‭ ‬المقاومة‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬مقابل‭ ‬تحرير‭ ‬نحو‭ ‬280‭ ‬أسيراً‭ ‬فلسطينياً‭ ‬من‭ ‬السجون‭ ‬الإسرائيلية‭. ‬لكن‭ ‬فشلت‭ ‬كل‭ ‬الجهود‭ ‬القطرية‭ ‬للتوصل‭ ‬إلى‭ ‬هدنة‭ ‬ثانية‭.‬

وكان‭ ‬لقطر‭ ‬دور‭ ‬بارز‭ ‬في‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬هدنة‭ ‬بين‭ ‬الفصائل‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وإسرائيل‭ ‬خلال‭ ‬الحروب‭ ‬التي‭ ‬شنتها‭ ‬الأخيرة‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬أعوام‭ ‬2009‭ ‬و2012‭ ‬و2014‭ ‬و2021‭. ‬وأكد‭ ‬القيادي‭ ‬في‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬خليل‭ ‬الحية‭ ‬أن‭ ‬الحركة‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬قطر‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬الوسيط‭.‬

5‭ ‬تموز‭/ ‬يوليو‭/ ‬2024‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬الدوحة‭ ‬وفد‭ ‬الجبهة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬لتحرير‭ ‬فلسطين،‭ ‬بدعوة‭ ‬من‭ ‬المكتب‭ ‬السياسي‭ ‬لحركة‭ ‬حماس،‭ ‬لإجراء‭ ‬مباحثات‭  ‬تتناول‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬ضد‭ ‬شعبنا‭ ‬في‭ ‬القطاع،‭ ‬وإجراءات‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬لتسريع‭ ‬عمليات‭ ‬ضم‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬كما‭ ‬سيتناول‭ ‬الحوار‭ ‬من‭ ‬الجانبين‭ ‬الأوضاع‭ ‬الداخلية‭ ‬بعد‭ ‬إلغاء‭ ‬جولة‭ ‬الحوار‭ ‬الوطني‭ ‬الشامل‭ ‬في‭ ‬بكين،‭ ‬وكيفية‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬توافقات‭ ‬وطنية‭ ‬لإنهاء‭ ‬الانقسام،‭ ‬واستعادة‭ ‬الوحدة‭ ‬الداخلية،‭ ‬هذه‭ ‬الدعوة‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أنها‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬موافقة‭ ‬وتسهيلات‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬القطري،‭ ‬مما‭ ‬يثير‭ ‬التساؤل‭: ‬هل‭ ‬تستضيف‭ ‬قطر‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬فصائل‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬من‭ ‬اليسار‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي؟‭. ‬دور‭ ‬قطر‭ ‬قد‭ ‬جاء‭ ‬من‭ ‬استضافتها‭ ‬قيادة‭ ‬حركة‭ ‬حماس،‭ ‬فهل‭ ‬تستضيف‭ ‬مزيداً‭ ‬من‭ ‬فصائل‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الدور؟‭. ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬يطرحه،‭ ‬زيارة‭ ‬وفد‭ ‬الجبهة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬إلى‭ ‬الدوحة،‭ ‬للقاء‭ ‬والتنسيق‭ ‬بين‭ ‬الفصيلين‭ ‬حول‭ ‬الحرب‭ ‬ومفاوضات‭ ‬السلام،‭ ‬وبغض‭ ‬النظر‭ ‬إن‭ ‬جرى‭ ‬لقاء‭ ‬بالدوحة‭ ‬بين‭ ‬وفد‭ ‬قيادة‭ ‬الجبهة‭ ‬مع‭ ‬مسؤولين‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬القطرية‭ ‬للبحث‭ ‬في‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬ستسمح‭ ‬أو‭ ‬ستمهد‭ ‬لعلاقات‭ ‬أوسع‭ ‬مع‭ ‬فصائل‭ ‬فلسطينية‭ ‬من‭ ‬طبيعة‭ ‬إيديولوجية‭ ‬مختلفة‭ ‬عما‭ ‬استضافته‭ ‬قطر‭ ‬في‭ ‬المراحل‭ ‬السابقة،‭ ‬وهذا‭ ‬بدوره‭ ‬يدفع‭ ‬نحو‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬الدور‭ ‬القطري‭ ‬في‭ ‬المفاوضات‭ ‬غير‭ ‬المباشرة،‭ ‬بخصوص‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬وبخصوص‭ ‬حل‭ ‬سياسي‭ ‬شامل‭ ‬ودائم‭ ‬للصراع‭ ‬الفلسطيني‭ ‬ـــــــ‭ ‬الإسرائيلي‭.‬