الاعتراف‭ ‬بدولة‭ ‬فلسطين‭.. ‬حق‭ ‬تأخر‭ ‬تنفيذه

يونيو 6, 2024

ليس‭ ‬الوضع‭ ‬الراهن‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزه‭ ‬هو‭ ‬وحده‭ ‬الذي‭ ‬يترجم‭ ‬حقيقة‭ ‬الدعم‭ ‬الغربي‭ ‬للاحتلال‭ ‬الاسرائيلي،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬عنوان‭ ‬من‭ ‬عناوين‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬نعثر‭ ‬على‭ ‬عشرات‭ ‬النماذج‭ ‬للنفاق‭ ‬السياسي‭ ‬الغربي‭ ‬ولسياسة‭ ‬التكاذب‭ ‬في‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬قضايا‭ ‬العالم‭ ‬وقيمه‭ ‬القانونية‭ ‬والانسانية‭ ‬والاخلاقية،‭ ‬ومن‭ ‬قبل‭ ‬دول‭ ‬بعينها‭ ‬قدمت‭ ‬نفسها‭ ‬الى‭ ‬العالم‭ ‬باعتبارها‭ ‬راعية‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وحقوق‭ ‬الانسان‭ ‬ومدافعة‭ ‬عن‭ ‬قيم‭ ‬الحرية‭ ‬والعدالة،‭ ‬لكن‭ ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الامر‭ ‬باسرائيل،‭ ‬كونها‭ ‬قلعة‭ ‬متقدمة‭ ‬للغرب‭ ‬الامبريالي‭ ‬والاستعماري‭ ‬تنقلب‭ ‬موازين‭ ‬العدالة،‭ ‬وتصبح‭ ‬المعايير‭ ‬المزدوجة‭ ‬وغطرسة‭ ‬القوة‭ ‬والبطش‭ ‬هي‭ ‬ا‭ ‬بمصيرلمتحكمة‭ ‬بمصير‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭.‬

من‭ ‬ضمن‭ ‬هذه‭ ‬العناوين‭ ‬مسألة‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬موضع‭ ‬رفض‭ ‬وتحفظ‭ ‬وممانعة‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬معينة‭ ‬تجاهر‭ ‬بدعمها‭ ‬للاحتلال‭ ‬الاسرائيلي،‭ ‬رغم‭ ‬مواقفها‭ ‬المعلنة‭ ‬لما‭ ‬يسمى‭ ‬فكرة‭ ‬‮«‬حل‭ ‬الدولتين‮»‬،‭ ‬وهنا‭ ‬يبرز‭ ‬التناقض‭ ‬واضحا‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬المواقف‭ ‬المعلنة‭ ‬بدعم‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬النظرية‭ ‬ورفض‭ ‬ترجمتها‭ ‬واقعا‭ ‬على‭ ‬الارض‭ ‬لأسباب‭ ‬غير‭ ‬منطقية‭ ‬وغير‭ ‬مقنعة‭ ‬لا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬القانون‭ ‬ولا‭ ‬السياسة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تفسير‭ ‬هذا‭ ‬التناقض‭ ‬الا‭ ‬استجابة‭ ‬وتبعية‭ ‬للموقف‭ ‬الامريكي‭ ‬الاسرائيلي‭..‬

في‭ ‬15‭ ‬تشرين‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1988،‭ ‬اعلن‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬دورته‭ ‬19‭ ‬المنعقدة‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطين‭ ‬بعاصمتها‭ ‬القدس‭. ‬وعلى‭ ‬اثر‭ ‬هذا‭ ‬الاعلان‭ ‬تباينت‭ ‬المواقف‭ ‬الدولية‭ ‬بشأن‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالدولة‭ ‬وشكله‭ ‬ومدى‭ ‬توافر‭ ‬الشروط‭ ‬لقيام‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‭. ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬اعترفت‭ ‬اعترافا‭ ‬قانونيا‭ ‬مباشرا،‭ ‬وبعضها‭ ‬الآخر‭ ‬فضّل‭ ‬صيغة‭ ‬الاعتراف‭ ‬السياسي‭ ‬نتيجة‭ ‬عدم‭ ‬اكتمال‭ ‬العناصر‭ ‬الضرورية‭ ‬لقيام‭ ‬الدول‭ ‬خاصة‭ ‬عنصر‭ ‬السلطة،‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬اقل‭ ‬من‭ ‬عامين‭ ‬سجل‭ ‬اعتراف‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬112‭ ‬دولة‭ ‬ومنظمة‭ ‬دولية‭ ‬بدولة‭ ‬فلسطين‭ ‬المستقلة،‭ ‬وفي‭ ‬حينه‭ ‬سجلت‭ ‬ظاهرة‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬ان‭ ‬حصلت‭ ‬سابقا،‭ ‬وهي‭ ‬ان‭ ‬حركة‭ ‬تحرر‭ ‬وطني‭ ‬تحوز‭ ‬على‭ ‬اعتراف‭ ‬دولي‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬تحاربها‭..‬

وبعد‭ ‬انشاء‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬زاد‭ ‬عدد‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تعترف‭ ‬بفلسطين‭ ‬بشكل‭ ‬تدريجي،‭ ‬ليصل‭ ‬اليوم‭ ‬بعد‭ ‬اعتراف‭ ‬اسبانيا،‭ ‬ايرلندا،‭ ‬النرويج‭ ‬وسلوفينيا‭ ‬الى‭ ‬148‭ ‬دولة‭ ‬منها‭ ‬13‭ ‬دولة‭ ‬اوروبية،‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬معظم‭ ‬دول‭ ‬أفريقيا‭ ‬وآسيا‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الصين‭ ‬والهند‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬أوروبا‭ ‬الوسطى‭ ‬والشرقية‭ ‬ودول‭ ‬أميركا‭ ‬الجنوبية‭.. ‬بينما‭ ‬لا‭ ‬تعترف‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬كافة‭ ‬دول‭ ‬مجموعة‭ ‬السبع‭ ‬وهي‭: ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬كندا،‭ ‬فرنسا،‭ ‬ألمانيا،‭ ‬إيطاليا‭ ‬اليابان‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬اضافة‭ ‬الى‭ ‬10‭ ‬دولة‭ ‬اوروبية‭ ‬اخرى‭..‬

ان‭ ‬دول‭ ‬مجموعة‭ ‬السبع‭ ‬وعددا‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تعترف‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬ربطت‭ ‬اعترافها‭ ‬بمسار‭ ‬المفاوضات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬المتوقفة‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬وبتطبيقات‭ ‬اتفاق‭ ‬اوسلو‭ ‬الذي‭ ‬انتهى‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الرسمية‭ ‬منذ‭ ‬4‭ ‬ايار‭ ‬1999،‭ ‬مع‭ ‬الاشارة‭ ‬الى‭ ‬تغير‭ ‬الاوضاع‭ ‬على‭ ‬الارض‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬عملية‭ ‬المفاوضات‭ ‬لجهة‭ ‬اعادة‭ ‬احتلال‭ ‬اسرائيل‭ ‬لكل‭ ‬اراضي‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬رافقها‭ ‬من‭ ‬توسيع‭ ‬لعمليات‭ ‬الاستيطان‭ ‬وزيادة‭ ‬الممارسات‭ ‬الارهابية‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬التي‭ ‬هدفت‭ ‬الى‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬اي‭ ‬امكانية‭ ‬لقيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬سيدة‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬اراضيها‭ ‬وعاصمتها‭ ‬القدس‭. ‬وبعض‭ ‬الذرائع‭ ‬لتلك‭ ‬الدول‭ ‬ان‭ ‬شروط‭ ‬الاستقلال‭ ‬الفلسطيني‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬منقوصة‭..‬

ولهذه‭ ‬الغاية،‭ ‬فقد‭ ‬سبق‭ ‬للجبهة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وان‭ ‬تقدمت‭ ‬بمبادرة‭ ‬عام‭ ‬1998‭ ‬دعت‭ ‬فيها‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬باسم‭ ‬دولة‭ ‬فلسطين‭ ‬الى‭ ‬مبادرة‭ ‬لاعلان‭ ‬تجسيد‭ ‬سيادتها‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬اراضيها‭ ‬المحتلة‭ ‬بعدوان‭ ‬عام‭ ‬1967‭. ‬وكان‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬هذا‭ ‬الاعلان‭ ‬ان‭ ‬يغير‭ ‬قواعد‭ ‬الصراع‭ ‬ليصبح‭ ‬بين‭ ‬دولة‭ ‬محتلة‭ ‬اراضيها‭ ‬تصارع‭ ‬دولة‭ ‬غازية‭ ‬تحتل‭ ‬اراضي‭ ‬دولة‭ ‬اخرى،‭ ‬ويطلب‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬تجديد‭ ‬اعترافها‭ ‬بهذه‭ ‬الدولة،‭ ‬خاصة‭ ‬وان‭ ‬ثغرة‭ ‬السلطة‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬اعلان‭ ‬الاستقلال‭ ‬قد‭ ‬توفرت،‭ ‬وباتت‭ ‬السلطة‭ ‬تمارس‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬السيادة‭ ‬القانونية‭ ‬والسيادة‭ ‬الفعلية‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬وبذلك‭ ‬تكون‭ ‬الشروط‭ ‬الثلاثة‭ ‬قد‭ ‬توافرت‭ ‬لقيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬مستقلة‭ ‬غير‭ ‬مشكوك‭ ‬في‭ ‬قانونيتها‭..‬

الخلفية‭ ‬القانونية‭ ‬والشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬لاعلان‭ ‬بسط‭ ‬سيادة‭ ‬دولة‭ ‬فلسطين‭ ‬على‭ ‬الاراضي‭ ‬المعترف‭ ‬بها‭ ‬دوليا‭ ‬كاراض‭ ‬فلسطينية‭ ‬يوفرها‭ ‬القرار‭ ‬الرقم‭ ‬181‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للامم‭ ‬المتحدة‭ ‬بتاريخ‭ ‬29‭/‬11‭/‬47‭  ‬والذي‭ ‬قضى‭ ‬بتقسيم‭ ‬فلسطين‭ ‬الى‭ ‬دولتين‭ ‬يهودية‭ ‬وعربية،‭ ‬بسطت‭ ‬الاولى‭ ‬سيطرتها‭ ‬على‭ ‬الارض‭ ‬بقوة‭ ‬العدوان‭ ‬والارهاب‭ ‬ودعم‭ ‬القوى‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬نيلها‭ ‬عضوية‭ ‬الامم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وتم‭ ‬اغتيال‭ ‬الدولة‭ ‬العربية‭ ‬قبل‭ ‬ولادتها،‭ ‬بل‭ ‬قامت‭ ‬اسرائيل‭ ‬بعدوان‭ ‬آخر‭ ‬عام‭ ‬1967‭ ‬فاحتلت‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وقطاع‭ ‬غزه‭ ‬وما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬القدس‭. ‬ونتيجة‭ ‬لهذا‭ ‬الاجحاف‭ ‬الذي‭ ‬لحق‭ ‬بالشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬أصدرت‭ ‬الامم‭ ‬المتحدة‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬التاريخ‭ (‬29/11/1977‭) ‬قرارها‭ ‬الشهير‭ ‬باعلان‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬يوما‭ ‬عالميا‭ ‬للتضامن‭ ‬مع‭ ‬حقوق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وتكريسه‭ ‬للنضال‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬انهاء‭ ‬الظلم‭ ‬التاريخي‭ ‬الذي‭ ‬لحق‭ ‬بالشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

نماذج‭ ‬تاريخية‭ ‬حية‭:‬

التاريخ‭ ‬مليء‭ ‬بالشواهد‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬طغيان‭ ‬الاعتبارات‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬على‭ ‬العوامل‭ ‬القانونية‭ ‬والانسانية‭. ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬فبعض‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬دعمت‭ ‬شعب‭ ‬جنوب‭ ‬افريقيا‭ ‬وحقه‭ ‬بالخلاص‭ ‬من‭ ‬نظام‭ ‬الفصل‭ ‬الغنصري‭ ‬لكنها‭ ‬ترفض‭ ‬ان‭ ‬يتخلص‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬نظام‭ ‬الفصل‭ ‬العنصري‭ ‬الاسرائيلي‭. ‬وفي‭ ‬استحضار‭ ‬تجارب‭ ‬التاريخ‭ ‬ايضا‭ ‬يتبين‭ ‬ان‭ ‬القوى‭ ‬التي‭ ‬دعمت‭ ‬فرنسا‭ ‬واستعمارها‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬ووفرت‭ ‬الحماية‭ ‬لحكم‭ ‬الاقلية‭ ‬البيضاء‭ ‬في‭ ‬روديسيا‭ (‬زيمبابوي‭) ‬وفي‭ ‬مناطق‭ ‬اخرى،‭ ‬هي‭ ‬نفسها‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬توفر‭ ‬الحماية‭ ‬للفاشية‭ ‬الصهيونية‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭..‬

وفي‭ ‬مقارنة‭ ‬بسيطة‭ ‬بين‭ ‬الموقف‭ ‬الغربي‭ ‬من‭ ‬الحقوق‭ ‬الوطنية‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬ونضاله‭ ‬في‭ ‬الخلاص‭ ‬من‭ ‬الاحتلال‭ ‬الاسرائيلي‭ ‬ومواقفها‭ ‬من‭ ‬قضيتي‭ ‬جنوب‭ ‬افريقيا‭ ‬وروديسا‭ ‬فقط،‭ ‬فيبدو‭ ‬واضحا‭ ‬ان‭ ‬التاريخ‭ ‬يكرر‭ ‬ذاته‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التفاصيل‭:‬

‭- ‬وفرت‭ ‬القوى‭ ‬الغربية‭ ‬الحماية‭ ‬السياسية‭ ‬والقانونية‭ ‬الكاملة‭ ‬للاقلية‭ ‬البيضاء‭ ‬ولنظام‭ ‬الفصل‭ ‬العنصري‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬جنوب‭ ‬افريقيا‭ ‬وروديسا،‭ ‬ورفضت‭ ‬الادانات‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تزداد‭ ‬ضدهما‭ ‬يوما‭ ‬بعد‭ ‬آخر‭. ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬بالنسبة‭ ‬لاسرائيل‭ ‬التي‭ ‬تحيا‭ ‬على‭ ‬المساعدات‭ ‬والدعم‭ ‬العسكري‭  ‬والسياسي‭ ‬والقانوني‭ ‬الغربي‭.‬

‭- ‬فرضت‭ ‬الامم‭ ‬المتحدة‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬العقوبات‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬الاقلية‭ ‬البيضاء‭ ‬في‭ ‬روديسيا،‭ ‬واستخدمت‭ ‬بريطانيا‭ ‬حق‭ ‬النقض‭ ‬بذريعة‭ ‬ان‭ ‬الاقلية‭ ‬البيضاء‭ ‬لم‭ ‬تخالف‭ ‬القانون،‭ ‬بل‭ ‬اتهمت‭ ‬الامم‭ ‬المتحدة‭ ‬حينها‭ ‬بالانحياز‭. ‬وحظي‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ألمانيا‭ ‬الغربية،‭ ‬فرنسا‭ ‬واليابان‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يحصل‭ ‬اليوم‭ ‬حين‭ ‬يجتمع‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬ادانة‭ ‬اسرائيل،‭ ‬فيما‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬توفر‭ ‬لها‭ ‬الدعم‭ ‬والحماية‭ ‬سواء‭ ‬عسكريا‭ ‬او‭ ‬عبر‭ ‬حق‭ ‬النقض‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الامن‭..‬

‭ – ‬ينطبق‭ ‬الامر‭ ‬ايضا‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الامن‭ ‬الذي‭ ‬دعا‭ ‬الى‭ ‬فرض‭ ‬حظر‭ ‬على‭ ‬بيع‭ ‬الاسلحة‭ ‬الى‭ ‬نظام‭ ‬جنوب‭ ‬افريقيا‭ ‬العنصري،‭ ‬بينما‭ ‬دول‭ ‬غربية‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والمانيا‭ ‬وبريطانيا‭.. ‬رفضوا‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬واستمروا‭ ‬في‭ ‬تزويد‭ ‬نظام‭ ‬بريتوريا‭ ‬بالسلاح‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬بعد‭ ‬عملية‭ ‬طوفان‭ ‬الاقصى‭ ‬لناحية‭ ‬عسكرة‭ ‬البحار‭ ‬والمحيطات‭ ‬من‭ ‬بوارج‭ ‬وسفن‭ ‬حربية‭ ‬غربية‭ ‬دفاعا‭ ‬عن‭ ‬اسرائيل‭ ‬وحمايتها‭ ‬من‭ ‬المحاكمة‭ ‬الدولية‭.‬

‭- ‬دعا‭ ‬مجلس‭ ‬الامن‭ ‬في‭ ‬مناسبتين‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬65‭ ‬و‭ ‬70‭ ‬الى‭ ‬عدم‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالوضع‭ ‬المترتب‭ ‬على‭ ‬إعلان‭ ‬استقلال‭ ‬روديسيا‭ ‬من‭ ‬الأقلية‭ ‬البيضاء،‭ ‬وهذا‭ ‬ا‭ ‬كان‭ ‬سببا‭ ‬رئيسيا‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬اسباب‭ ‬اخرى‭ ‬في‭ ‬سقوط‭ ‬الاقلية‭ ‬حكومة‭ ‬ايان‭ ‬سميث‭. ‬بينما‭ ‬قامت‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للامم‭ ‬المتحدة‭ ‬بترقية‭ ‬دولة‭ ‬فلسطين،‭ ‬واعتبار‭ ‬انها‭ ‬تملك‭ ‬الاحقية‭ ‬بالاعتراف،‭ ‬ودعت‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الى‭ ‬الاعتراف‭ ‬بدولة‭ ‬فلسطين‭.‬

على‭ ‬المستوى‭ ‬القانوني‭:‬

‭- ‬حصلت‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬‮«‬مراقب‮»‬‭ ‬في‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬22‭/‬11‭/‬1974‭ ‬بموجب‭ ‬قرارها‭ ‬الرقم‭ ‬3237،‭ ‬وفي‭ ‬15‭/‬11‭/‬1988‭ ‬صدر‭ ‬عن‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬‮«‬إعلان‭ ‬الإستقلال‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬تبعه‭ ‬صدور‭ ‬قرار‭ ‬عن‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬15‭/‬12‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬العام،‭ ‬تم‭ ‬بموجبه‭ ‬تغيير‭ ‬اسم‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الى‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬فلسطين‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬القرار‭ ‬الذي‭ ‬يأخذ‭ ‬علماً‭ ‬بإعلان‭ ‬الاستقلال‭ ‬ويؤكد‭ ‬على‭ ‬‮«‬ضرورة‭ ‬تمكين‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬ممارسة‭ ‬سيادته‭ ‬على‭ ‬أرضه‭ ‬المحتلة‭ ‬منذ‭ ‬1967‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬صوتت‭ ‬104‭ ‬دول‭ ‬لصالح‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭.‬

‭- ‬في‭ ‬عام‭ ‬2012،‭ ‬صوتت‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بأغلبية‭ ‬138‭ ‬على‭ ‬القرار‭ ‬رقم‭ ‬67‭/‬19،‭ ‬والذي‭ ‬قضى‭ ‬بمنح‭ ‬فلسطين‭ ‬وضع‭ ‬دولة‭ ‬غير‭ ‬عضو‭ ‬مراقب،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬29‭ ‬تشرين‭ ‬الثاني‭ ‬وهو‭ ‬نفس‭ ‬تاريخ‭ ‬صدور‭ ‬القرار‭ ‬181‭ ‬عام‭ ‬1947‭ ‬الذي‭ ‬ادى‭ ‬الى‭ ‬تقسيم‭ ‬فلسطين‭ ‬الى‭ ‬دولتين‭. ‬واتاح‭ ‬الوضع‭ ‬الجديد‭ ‬لفلسطين‭ ‬إمكانية‭ ‬الانضمام‭ ‬لمنظمات‭ ‬دولية‭.‬

‭- ‬في‭ ‬10‭ ‬ايار‭ ‬2024‭ ‬اعتمدت‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بأغلبية‭ ‬143‭ ‬صوتا‭ ‬قرارا‭ ‬يدعم‭ ‬طلب‭ ‬فلسطين‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬عضوية‭ ‬كاملة‭ ‬بالأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬ويوصي‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬بإعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬الطلب‭ ‬بشكل‭ ‬إيجابي‭. ‬ويمنح‭ ‬القرار‭ ‬فلسطين‭ ‬حقوقا‭ ‬وامتيازات‭ ‬إضافية‭ ‬تتعلق‭ ‬بمشاركتها‭ ‬بالأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ومنظماتها‭.‬

ان‭ ‬الاعترافات‭ ‬الدولية،‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬دول‭ ‬كبرى،‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬ان‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬مطلب‭ ‬نيل‭ ‬العضوية‭ ‬الكاملة‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬ويعزز‭ ‬أحكام‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬لجهة‭ ‬عدم‭ ‬احقية‭ ‬اسرائيل‭ ‬بأي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الأرض‭ ‬التي‭ ‬احتلتها‭ ‬عام‭ ‬67،‭ ‬وبأن‭ ‬احتلالها‭ ‬واستعمارها‭ ‬للأرض‭ ‬الفلسطينية‭  ‬هو‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭ ‬وغير‭ ‬شرعي،‭ ‬وهو‭ ‬تأكيد‭ ‬على‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬صدرت‭ ‬عن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬وأكدت‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬العودة‭ ‬وتقرير‭ ‬المصير‭ ‬والدولة‭ ‬السيادية‭ ‬المستقلة‭..‬،‭ ‬اضافة‭ ‬الى‭ ‬كونه‭ ‬يحسم‭ ‬مسألة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ككيان‭ ‬سيادي‭ ‬وقانوني،‭ ‬ويعيد‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬إلى‭ ‬منبع‭ ‬نشأتها،‭ ‬فيصبح‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وقرارات‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬هي‭ ‬المرجعية‭ ‬لأي‭ ‬إتفاق‭ ‬لاحق‭ ‬وليس‭ ‬إشتراطات‭ ‬اسرائيل‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وسياسات‭ ‬الامر‭ ‬الواقع‭.‬

ان‭ ‬دعم‭ ‬فلسطين‭ ‬وحرية‭ ‬شعبها‭ ‬وحقها‭ ‬في‭ ‬الاعتراف‭ ‬الدولي‭ ‬بوجودها‭ ‬وبسيادتها‭ ‬على‭ ‬ارضها،‭ ‬هو‭ ‬الحد‭ ‬الفاصل‭ ‬بين‭ ‬الحرية‭ ‬والعبودية،‭ ‬بين‭ ‬الانسانية‭ ‬والشهوانية‭ ‬الحيوانية،‭ ‬بين‭ ‬العدالة‭ ‬والقانون‭ ‬وشريعة‭ ‬الغاب،‭ ‬ولا‭ ‬مصداقية‭ ‬لعدالة‭ ‬دولية‭ ‬ولحقوق‭ ‬انسان‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬مواصلة‭ ‬اسرائيل‭ ‬احتلالها‭ ‬للأرض‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وهو‭ ‬آخر‭ ‬احتلال‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الارض‭. ‬لذلك‭ ‬فان‭ ‬دعم‭ ‬حق‭ ‬فلسطين‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬حرة‭ ‬وسيدة‭ ‬فوق‭ ‬ارضها،‭ ‬متحررة‭ ‬من‭ ‬كافة‭ ‬اشكال‭ ‬القهر‭ ‬والوصاية‭ ‬والتبعية،‭ ‬هو‭ ‬الحد‭ ‬الادنى‭ ‬مما‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تقدمه‭ ‬دول‭ ‬غربية‭ ‬كبرى‭ ‬كانت‭ ‬سببا‭ ‬في‭ ‬نكبة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬1948،‭ ‬وما‭ ‬زالت‭ ‬تكابر‭ ‬وتعاند‭ ‬في‭ ‬رفضها‭ ‬الاعتراف‭ ‬بحق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬كباقي‭ ‬شعوب‭ ‬الاض‭.. ‬

ان‭ ‬شعب‭ ‬فلسطين‭ ‬الذي‭ ‬قدم‭ ‬من‭ ‬التضحيات‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يقدمه‭ ‬شعب‭ ‬في‭ ‬التاريخ،‭ ‬هو‭ ‬شعب‭ ‬جدير‭ ‬بالحياة‭ ‬ويعرف‭ ‬معنى‭ ‬الكرامة‭ ‬الوطنية،‭ ‬لم‭ ‬ولن‭ ‬يرفع‭ ‬راية‭ ‬بيضاء‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تعرض‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬مآس‭ ‬وفظائع‭ ‬انسانية‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الصهيوني‭ ‬الذي‭ ‬جاء‭ ‬غازيا‭ ‬محتلا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬بقاع‭ ‬الارض‭. ‬نحن‭ ‬نراهن‭ ‬على‭ ‬ارادتنا‭ ‬وايماننا‭ ‬بحقنا‭ ‬بأرضنا،‭ ‬بحاضرنا‭ ‬ومستقبلنا،‭ ‬ونحن‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬انه‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬الثمن‭ ‬باهظا‭ ‬ومرتفعا‭.. ‬فالشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬حتما‭ ‬على‭ ‬موعد‭ ‬مع‭ ‬الحرية‭..‬