عندما‭ ‬تكون‭ ‬“صورة‭ ‬جباليا”‭ ‬رسالة‭ ‬للعالم

يونيو 3, 2024

إنها‭ ‬العودة‭ ‬الحتمية،‭ ‬والمُراد‭ ‬الثابت‭ ‬لدى‭ ‬جموع‭ ‬النازحين‭ ‬الذين‭ ‬هجرتهم‭ ‬ترسانة‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الهمجية‭ ‬التي‭ ‬حولت‭ ‬المنازل‭ ‬والعمارات‭ ‬السكنية‭ ‬والمحلات‭ ‬التجارية‭ ‬والبنى‭ ‬التحتية‭ ‬والمؤسسات‭ ‬والمراكز‭ ‬المدنية‭ ‬إلى‭ ‬ركام‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬جباليا‭ ‬شمال‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬

أخذ‭ ‬يوم‭ ‬أمس‭ ‬30‭ ‬مارس‭ ‬حضورا‭ ‬إعلاميا‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬في‭ ‬تغطية‭ ‬حالة‭ ‬الدمار‭ ‬الواسع‭ ‬جراء‭ ‬الاجتياح‭ ‬الهمجي‭ ‬لمنطقة‭ ‬جباليا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تراجعت‭ ‬آليات‭ ‬الاحتلال‭ ‬من‭ ‬مخيم‭ ‬جباليا‭ ‬واستمرت‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬أخرى‭ ‬مجاورة،‭ ‬حيث‭ ‬توجه‭ ‬آلاف‭ ‬المواطنين‭ ‬إلى‭ ‬أحياء‭ ‬وزقاق‭ ‬وشوارع‭ ‬هذا‭ ‬المخيم‭ ‬المنكوب،‭ ‬لتفقد‭ ‬أحوال‭ ‬منازلهم‭ ‬ومحاولة‭ ‬استخراج‭ ‬بعض‭ ‬مستلزماتهم‭ ‬الحياتية‭ ‬التي‭ ‬تركوها‭ ‬لحظة‭ ‬النزوح‭ ‬تحت‭ ‬وطأة‭ ‬القصف‭ ‬بشتى‭ ‬أنواعه،‭ ‬لكن‭ ‬الصدمة‭ ‬الكبرى‭ ‬حين‭ ‬عادوا،‭ ‬قد‭ ‬رأوا‭ ‬كيف‭ ‬توشحت‭ ‬ذكرياتهم‭ ‬باللباس‭ ‬الأسود‭ ‬وشعروا‭ ‬بالمأساة‭ ‬الجديدة‭ ‬والألم‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬أصابهم‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وجدوا‭ ‬منازلهم‭ ‬مُدمرة‭ ‬وكأنها‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ !‬

لقد‭ ‬تجلت‭ ‬معاني‭ ‬الصمود‭ ‬والصبر‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬هؤلاء‭ ‬المكلومين‭ ‬الذين‭ ‬ما‭ ‬زالوا‭ ‬ينتظرون‭ ‬من‭ ‬أماكن‭ ‬نزوحهم‭ ‬المختلفة‭ ‬الانسحاب‭ ‬الكامل‭ ‬لهذا‭ ‬الاحتلال‭ ‬المجرم،‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬العيش‭ ‬داخل‭ ‬أروقة‭ ‬جباليا‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬معارك‭ ‬صعبة‭ ‬باعتراف‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬النازي،‭ ‬الذي‭ ‬أحرق‭ ‬ودمر‭ ‬البيوت‭ ‬السكنية‭ ‬ومراكز‭ ‬الايواء‭ ‬التابعة‭ ‬للأونروا‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تضم‭ ‬آلاف‭ ‬النازحين‭ ‬بداخلها،‭ ‬فاليوم‭ ‬باتت‭ ‬المعاناة‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬أزمة‭ ‬إنسانية‭ ‬يعيشها‭ ‬سكان‭ ‬شمال‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المسكن‭ ‬والمأكل‭ ‬والمشرب‭.‬

هؤلاء‭ ‬الموجوعين‭ ‬والجوعى‭ ‬جراء‭ ‬عمليات‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬والحصار‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المُحكم‭ ‬والمفروض‭ ‬عليهم‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬العدوان،‭ ‬باتوا‭ ‬بلا‭ ‬حماية‭ ‬دولية‭ ‬أمام‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬المتناقض،‭ ‬الذي‭ ‬في‭ ‬حقيقته‭ ‬إرهابي‭ ‬كالاحتلال‭ ‬بلا‭ ‬شك،‭ ‬وهو‭ ‬ينحاز‭ ‬للاحتلال‭ ‬ويدافع‭ ‬عن‭ ‬روايته‭ ‬واجرامه‭ ‬بحق‭ ‬المدنيين،‭ ‬عبر‭ ‬دعمه‭ ‬بالقذائف‭ ‬الصاروخية‭ ‬والأسلحة‭ ‬الحربية،‭ ‬رغم‭ ‬اختلاف‭ ‬موازين‭ ‬القوى‭.‬

فرغم‭ ‬الكارثة‭ ‬التي‭ ‬حلت‭ ‬بهذه‭ ‬المنطقة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الاحتلال‭ ‬يواصل‭ ‬عمليته‭ ‬العسكرية،‭ ‬معتقدا‭ ‬أنه‭ ‬بقتل‭ ‬المدنيين‭ ‬وتشريدهم‭ ‬يحقق‭ ‬نصرا،‭ ‬فهم‭ ‬الذين‭ ‬ذاقوا‭ ‬ويلات‭ ‬الحرب‭ ‬وما‭ ‬زالوا‭ ‬يفترشون‭ ‬الشوارع‭ ‬خارج‭ ‬مناطق‭ ‬محافظة‭ ‬الشمال،‭ ‬ويبحثون‭ ‬عن‭ ‬حقهم‭ ‬في‭ ‬العيش‭ ‬الكريم‭ ‬والآمن،‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭ ‬المكفول‭ ‬دوليا‭ ‬والذي‭ ‬لم‭ ‬يسمعه‭ ‬بعد‭ ‬دعاة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬لأن‭ ‬غزة‭ ‬ليست‭ ‬أوكرانيا‭ ‬ببساطة‭!!!‬

المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬يتحمل‭ ‬المسؤولية‭ ‬الكاملة‭ ‬عن‭ ‬حياة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬صمته‭ ‬الغير‭ ‬مبرر،‭ ‬وانحيازه‭ ‬الغير‭ ‬مباشر‭ ‬لدولة‭ ‬الإرهاب‭ ‬بالمنطقة،‭ ‬وانتهاكه‭ ‬الصارخ‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬الإنساني‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وعليه‭ ‬إيقاف‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭ ‬الكبرى‭ ‬بالضغط‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬ومحاسبتها‭.‬

الإيمان‭ ‬الراسخ،‭ ‬أن‭ ‬الذي‭ ‬أفشل‭ ‬مشروع‭ ‬التهجير‭ ‬القسري‭ ‬وتصدى‭ ‬لعمليات‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬وصمد‭ ‬أمام‭ ‬دولة‭ ‬الاجرام‭ ‬والقتل‭ ‬الجماعي،‭ ‬سيكون‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬النهوض‭ ‬من‭ ‬جديد‭.‬