كم نحتاج الى المصارحة اكثر من المصالحة!!
خيارات المشاركة
المقالات
فؤاد بكر مسؤول الدائرة القانونية في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
بينما يعاني الشعب الفلسطيني من الابادة الجماعية وسياسة التجويع، تتلاشق البيانات الاعلامية بين الفصائل الفلسطينية حول تكليف محمد مصطفى لرئاسة الحكومة الفلسطينية، في حين أنه يجب ان تصب الاهتمامات في كيفية الخروج ببرنامج وطني موحد ورؤية استراتيجية نضالية واحدة تنهي هذا الاحتلال وتحقق الوحدة الداخلية عن طريق حوار وطني جامع في اطار منظمة التحرير الفلسطينية التي اتفقت الفصائل في اجتماع موسكو على انها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
منذ العام 2008 ولغاية شباط 2024، ومازالت محاولات انهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الداخلية تفشل مع كل استحقاق وطني جامع، على الرغم انها نجحت في كثير من الاحيان الاتفاق على الاعلان الختامي الذي كان اخره اعلان الجزائر عام 2022، واجتماع الفصائل الاخير في موسكو، وفي كل مرة نعود الى نقطة الصفر بسبب الاتهامات التي تنهمر من هنا او هناك، والضحية في كل مرة هو الشعب الفلسطيني، الذي يكتوي بنار الانقسام، والذي لم يعد يؤمن بأن هذه الاجتماعات قد تحقق الوحدة الداخلية.
لعل المشكلة ليست في الحوار الوطني الجامع الذي بات ضرورة، بل في طريقة واليات الحوار، التي اعتادت ان تجتمع لتناقش امورا بديهية لا يختلف عليها أي فلسطيني، وتخفي في طياتها جوهر الاختلاف بين الفصائل الفلسطينية، وهنا تكمل المشكلة، فإذا ليس هناك مصارحة حقيقية ونقد ذاتي لكل فصيل فلسطيني يقر من خلاله أينما أصاب وأينما أخطأ في رؤيته السياسية من خلال مراجعة حقيقية قبل الدخول الى طاولة الحوار لا يمكن للمصالحة ان تشق طريقها الصحيح.
وعلى الرغم من التباينات حول تكليف محمد مصطفى لرئاسة الحكومة بشكل متسرع والتي اعتبرته اغلب الفصائل الفلسطينية بأنه يخرج من روحية الحوار في موسكو، في ظل ما يمر به الشعب الفلسطيني اليوم من مرحلة حساسة الا انه كان من المفترض الانشغال بكيفية ايقاف الابادة الجماعية ومحاولات الادارة الاميركية لفرض الشروط الاسرائيلية لتحقيق ما يسمى باليوم التالي.
وبناء على اقتراح موسكو بإستكمال الحوار الفلسطيني واستضافته، يجب العودة الى طاولة الحوار من أجل التوافق على تأليف حكومة وحدة وطنية بمرجعية منظمة التحرير الفلسطينية، الامر الذي يسهل دخول كل الاطراف الى منظمة التحرير الفلسطينية، وتفعيل مؤسساتها، بما يستجيب لتطلعات الشعب الفلسطيني ووضع الخطط الوطنية اللازمة لاعادة شريان الحياة الى قطاع غزة، وتخفيف المعاناة على الضفة الغربية، وتوفير كل مقومات الصمود للشعب الفلسطيني، في اطار توحيد المؤسسات، والتحضير للانتخابات المتتالية والشاملة بالتوافق مع اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية على قاعدة التمثيل النسبي.
وفي ظل غياب الانتخابات الفلسطينية التي من المفترض ان تمنح الثقة للحكومة، لابد من توافق وطني لتشكيل الحكومة لتنال ثقتها من جميع الفصائل الفلسطينية بالتعاون والتكامل، لتستجيب الى المرحلة الحالية الصعبة التي يمر بها الشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها وقف العدوان، والانسحاب الكامل من قطاع غزة، واطلاق عملية تبادل الاسرى، وذلك من خلال تشكيل وفد موحد يضم جميع الفصائل الفلسطينية تحت اطار منظمة التحرير الفلسطينية لاجراء المفاوضات اللازمة لتحقيق الاهداف الوطنية، وعدم تلاشق الاتهامات التي لا تخلق الحلول بل تعقدها اكثر.
دعونا نفكر في الحلول والمستقبل من خلال تغيير الكتاب لا بطي صفحاته، كي لا نعود ثانية للماضي وسياسة نبش القبور، حيث لا يجب علينا ان نمل من الحوار الوطني لأنه هو السبيل الوحيد لانهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الداخلية، بل ينبغي الاستمرار الدائم في تقديم المبادرات الجامعة التي تصب في مصلحة الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية.