خيارات المشاركة
الاخبار
ماجدة المصري: مخصصات الأسرى والشهداء حق وطني غير قابل للمساومة
رمزي رباح: المساس بحقوق الأسرى والشهداء طعنة في قلب القضية ولن نخضع للإملاءات
الديمقراطية في اعتصام جماهيري أمام مقر الأونروا رفضاً للتقليصات ومطالبة بخطة إنقاذ شاملة للاجئين الفلسطينيين
الديمقراطية تلتقي رئيس كتلة اللقاء الديمقراطي في البرلمان اللبناني النائب تيمور جنبلاط
دائرة العلاقات الخارجية في الجبهة الديمقراطية: من تجفيف التمويل إلى تهمة الإرهاب: عدوان أمريكي – إسرائيلي على الأونروا وحق العودة
رسالة من دائرة العلاقات الخارجية في الجبهة الديمقراطية الى المؤسسة السياسية والحزبية العالمية
السيدات والسادة في المؤسسات السياسية والحزبية العالمية
تحية التقدير وبعد،
في اطار المواكبة المتواصلة لحرب الابادة الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، نبعث اليكم بهذه الرسالة حول نية الولايات المتحدة الامريكية فرض عقوبات على وكالة الغوث الدولية (الاونروا) وتصنيفها كمنظمة ارهابية وفقا للقوانين الامريكية. ونظرا لخطورة هذا الامر، نتقدم منكم بهذه الرسالة، طالبين العمل بما يلزم لوقف هذا الخطر الداهم، ليس فقط على واحدة من منظمات الامم المتحدة، وبل ولما يشكله هذا الاجراء من مس مباشر بقضية اللاجئين الفلسطينيين وبحق العودة..
السيدات والسادة الاعزاء،
لم يكن ما نقل عن نية الإدارة الأميركية فرض عقوبات على وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وصولا إلى تصنيفها كـ «منظمة إرهابية أجنبية»، مجرد خطوة إجرائية أو خلاف سياسي عابر، بل يشكّل تصعيدًا خطيرا وغير مسبوق في مسار الحرب المفتوحة على المنظومة الدولية، وعلى جوهر قضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم غير القابل للتصرف في العودة.
إن استهداف الأونروا، وهي مؤسسة إنسانية أنشأتها الجمعية العامة للأمم المتحدة وتعمل بموجب تفويض دولي واضح، لا يعني فقط ضرب شريان الحياة لملايين اللاجئين الفلسطينيين، بل هو استهداف مباشر لمكانة الأمم المتحدة نفسها، ولميثاقها، ولنظام القانون الدولي برمّته. فالأونروا ليست مؤسسة طارئة، بل أحد أعمدة الاستقرار السياسي والاجتماعي والإنساني في المنطقة، وأي مساس بها هو مساس متعمد بهذا الاستقرار.
لقد شنت الولايات المتحدة، منذ سنوات، حربًا مفتوحة على وكالة الغوث، مستندة إلى مزاعم وأكاذيب إسرائيلية اتهمت بعض موظفي الأونروا بالتورط في أحداث السابع من أكتوبر. وردًا على هذه الادعاءات، شكّلت الأمم المتحدة لجان تحقيق داخلية ومستقلة، كما باشرت الأونروا تحقيقاتها الخاصة. وأكدت نتائج جميع هذه اللجان عدم صحة المزاعم الإسرائيلية، في وقت عجزت فيه إسرائيل، حتى اللحظة، عن تقديم أي دليل ملموس يدعم اتهاماتها، رغم مطالبتها المتكررة بذلك.
وقد أدى انكشاف زيف هذه الادعاءات إلى استئناف غالبية الدول المانحة، باستثناء الولايات المتحدة، تمويلها للأونروا، مع تأكيدها أن الوكالة تُعد من أكثر المنظمات الدولية التزامًا بالشفافية وبقيم وأنظمة الأمم المتحدة.
وليس هذا السلوك الأمريكي استثناءً أو حادثة معزولة، بل يأتي في سياق نهج متكرر من الضغوط والعقوبات. فقد سبق للولايات المتحدة أن قطعت مساهمتها المالية في موازنة الأونروا، والتي بلغت نحو 360 مليون دولار، وكان آخر ذلك عقب معركة «طوفان الأقصى». كما علّقت تمويل منظمة اليونسكو عام 2011 بعد تصويت أعضائها على قبول فلسطين عضوًا كامل العضوية. واستخدمت واشنطن سلاح التأشيرات والإقامات بحق خبراء ومقررين أمميين انتقدوا سياساتها، فضلًا عن فرضها عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية وقضاتها.
وقد أسهم هذا السلوك في ترسيخ سابقة خطيرة شجّعت إسرائيل على المضي قدمًا في النهج ذاته، وصولًا إلى ما يمكن وصفه بحرب مباشرة على الأمم المتحدة ومؤسساتها وموظفيها العاملين في فلسطين. وخلال السنوات الماضية، سُنّت قوانين واتُّخذت قرارات وتدابير ممنهجة هدفت إلى تقويض شرعية الأمم المتحدة وشلّ قدرتها على العمل السياسي والإنساني.
تشريعيًا، أقرّت إسرائيل عام 2017 قانون منع دخول داعمي المقاطعة، الذي منح وزارة الداخلية صلاحية منع دخول أو إلغاء تأشيرات أشخاص بحجة دعم مقاطعة إسرائيل أو مستوطناتها. وقد استُخدم هذا القانون، أو التلويح به، ضد مسؤولين أمميين ومقررين خاصين وخبراء حقوق إنسان، في محاولة لتقييد عمل الآليات الدولية المستقلة.
وبالتوازي، تصاعدت منذ عام 2023 التشريعات والإجراءات البرلمانية التي استهدفت الأونروا مباشرة، عبر مشاريع قوانين وقرارات سعت إلى تصنيفها «كيانًا معاديًا»، وحظر أنشطتها داخل إسرائيل والقدس، وتقويض حصانتها القانونية. ورغم أن بعض هذه التشريعات لم يُنفذ بالكامل، فإنها وفّرت غطاءً قانونيًا للتضييق الميداني المتزايد على الوكالة وموظفيها ومنشآتها.
أما إداريًا وأمنيًا، فقد لجأت إسرائيل إلى منع دخول وترحيل موظفين وخبراء أمميين، ورفض منح أو تجديد التأشيرات، ومنع لجان تقصي الحقائق من الوصول، بما شكّل أداة فاعلة لعرقلة الرقابة الدولية ومنع توثيق الانتهاكات. كما فرضت قيودًا مشددة على حركة موظفي الأمم المتحدة، لا سيما تجاه قطاع غزة، وقيّدت تنقلهم بين الضفة الغربية والقدس، ما أدى إلى تعطيل البرامج الإنسانية وإضعاف الاستجابة للاحتياجات الطارئة.
وشملت هذه السياسات إغلاقًا واقتحامًا لمنشآت أممية، بما فيها مدارس ومقار الأونروا، وإغلاق مؤسسات تعليمية وصحية، خاصة في القدس الشرقية، ومصادرة معدات ووثائق في انتهاك صارخ لحرمة المرافق الأممية.
ولم يقتصر الاستهداف على الجانب العملي، بل ترافق مع حملات تحريض وتشويه رسمية وإعلامية طالت الأمناء العامين للأمم المتحدة والمقررين الخاصين، ولا سيما المعنيين بحقوق الإنسان في فلسطين، مستخدمة اتهامات جاهزة بالتحيز أو «معاداة السامية» أو «دعم الإرهاب»، بهدف نزع الشرعية عن المواقف والتقارير الأممية.
كما اتخذت إسرائيل موقفًا قائمًا على رفض التعاون مع هيئات الأمم المتحدة، عبر مقاطعة مجلس حقوق الإنسان، ورفض التعاون مع لجان التحقيق، ومنع بعثات تقصي الحقائق من الدخول، والامتناع عن الرد على المراسلات الرسمية. وأرفقت ذلك بإجراءات مالية غير مباشرة، شملت تعطيل التحويلات المالية والتسهيلات الجمركية، ومنع إدخال الوقود والمواد الطبية والمساعدات الإغاثية، لا سيما إلى قطاع غزة، ما فاقم الكارثة الإنسانية.
وتبرر إسرائيل هذه السياسات بذرائع «الأمن» و«مكافحة الإرهاب»، واعتبار الأراضي الفلسطينية «مناطق نزاع» لا تنطبق عليها التزامات الدولة المضيفة، إضافة إلى رفضها توصيف الأمم المتحدة للاحتلال. في المقابل، تؤكد الأمم المتحدة أن هذه الإجراءات تشكّل انتهاكًا فاضحًا لاتفاقيات الحصانات والامتيازات، ومخالفة جسيمة للقانون الدولي الإنساني، وعرقلة متعمدة للعمل الإنساني المحمي دوليًا.
إن تعاطي الولايات المتحدة مع القضايا الدولية، ومع القضية الفلسطينية على وجه الخصوص، يكرّس حقائق باتت ثابتة منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة:
أولًا، فشل أمريكي ذريع في إدارة قضايا العالم، وفي مقدمتها قضية فلسطين، باعتبارها ركيزة للاستقرار الإقليمي والدولي.
ثانيًا، شراكة أمريكية كاملة في حرب الإبادة، ليس فقط عبر الدعم العسكري والسياسي والقانوني، بل أيضًا من خلال تبني الرواية الإسرائيلية القائمة على الأكاذيب.
ثالثًا، تأكيد أن تمادي إسرائيل في انتهاك القانون الدولي ما كان ليحدث لولا الغطاء الأمريكي الذي وفّر الحصانة لقادتها، رغم صدور مذكرات اعتقال دولية بحقهم.
إن لجوء الولايات المتحدة إلى توجيه اتهامات لإحدى أهم مؤسسات الأمم المتحدة، وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، رغم ما حظيت به مؤخرًا من دعم دولي واسع تُوِّج بتجديد ولايتها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة بلغت 151 دولة، يشكّل تطورًا بالغ الخطورة على صعيد النظام الدولي برمّته.
فهذا السلوك لا يمثّل استهدافًا لمؤسسة أممية فحسب، بل يندرج في سياق أوسع من محاولات تقويض المنظومة الدولية وضرب أسس الشرعية الأممية، وفي مقدمتها ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، اللذين يتعرضان لانتهاكات متكررة على يد الولايات المتحدة، عبر سياسات الكيل بمكيالين وتسييس المؤسسات الدولية بما يخدم أجندات ضيقة.
إن هذا التطور الخطير يستوجب مواقف واضحة وشاجبة من جميع القوى والدول والهيئات الحريصة على صون النظام الدولي، وحماية مبادئ العدالة الدولية، والحفاظ على استقلالية مؤسسات الأمم المتحدة ودورها الإنساني، بعيدًا عن الضغوط السياسية والابتزاز المالي.
كما يدعو هذا الواقع العالم، بكافة أطره السياسية والقانونية والشعبية، إلى إعادة التفكير في صيغ التعاون الدولي القائمة، والبحث عن نماذج أكثر توازنًا وعدلًا، وأكثر قربًا واستجابة لنبض الشعوب وحقوقها المشروعة، التي تتعرض لانتهاكات ممنهجة على يد قوى استعمارية تسعى إلى فرض منطق الهيمنة، وتكريس شريعة الغاب كنموذج حاكم للعلاقات بين الدول، بدلًا من الاحتكام إلى القانون الدولي والشرعية الأممية
