خيارات المشاركة
الاخبار
الديمقراطية تلتقي سفير جمهورية روسيا الاتحادية في لبنان، وتدعو موسكو تعديل مشروع القرار الأمريكي الخاص بقطاع غزة
الديمقراطية: في ذكرى رحيله … عرفات حاضر في الوجدان أبداً
علي فيصل: المرحلة القادمة تمثل أخطر مراحل الصراع مع الاحتلال، في ظل ما تحمله من مشاريع سياسية تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية
علي فيصل: المؤتمر القومي العربي، محطة هامه على طريق استنهاض الحركه الشعبيه العربيه لمواجهة المخطط الامريكي الاسرائيلي الهادف لبناء شرق اوسط استعماري جديد
دائرة العلاقات الخارجية في الجبهة الديمقراطية: داخل أقبية معسكرات الاعتقال الإسرائيلية… حقيقة يخشاها العالم
رسالة من دائرة العلاقات الخارجية في الجبهة الديمقراطية الى المؤسسات السياسية والقانونية والاطر الحزبية والشعبية العالمية
السيدات والسادة الأعزاء،
نتوجه إليكم بهذه الرسالة، ونحن على يقين بأنكم تتابعون ما يجري من حرب إبادة وجرائم يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني بشكل عام، وضد شعبنا في قطاع غزة بشكل خاص. فالى جانب تلك الجرائم، تبرز قضية تكاد تغيب عن دائرة الاهتمام الدولي، القانوني والسياسي والانساني، رغم عمقها الإنساني، وهي قضية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الاسرائيلي، المعلنة منها والسرية.
نضع بين أيديكم احد جوانب هذه المعاناة، والتي تمثل جرحا مفتوحا في الوعي والذاكرة الفلسطينية، وثغرة في ضمير الإنسانية الذي ما زال غائبا عن دائرة الفعل، آملين أن تكون جزءا من برامج عملكم وتحركاتكم، لإيصال صوت الأسرى إلى أصحاب القرار في العالم. فهذه القضية المنسية يجب أن تخرج من أرشيف الصمت الدولي إلى فضاء الحقيقة، ليشهد العالم على ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيون من ممارسات وانتهاكات لم تعرفها أبشع الأنظمة الفاشية عبر التاريخ.
فحين أطلقت إسرائيل حربها على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة تحت شعار كاذب هو «تحرير الأسرى»، بدا الخطاب وكأنه يهيئ الرأي العام الاسرائيلي والعالمي لحملة إنقاذ إنسانية. لكن مع مرور الشهور، انكشفت الحقائق، بأن جيش الاحتلال الاسرائيلي ارادها حرب ابادة لم تشهدها البشرية. وفي المقابل: لم يحرر أسير إسرائيلي واحد إلا عبر مفاوضات غير مباشرة، فيما امتلأت المعتقلات الإسرائيلية بآلاف الفلسطينيين الجدد، نساء ورجال، ومن كافة الفئات العمرية.
لقد تحول الشعار الاسرائيلي من «تحرير الأسرى» إلى حرب أنتجت المزيد من الأسرى. في الوقت الذي احتلت فيه قضية المحتجزين الإسرائيليين واجهة الإعلام والسياسة في الغرب، غاب أي صوت غربي جاد يدين الاعتقالات الجماعية للفلسطينيين أو يطالب بالكشف عن مصير المفقودين داخل معسكرات الاعتقال العسكرية الإسرائيلية.
ومنذ الأسابيع الأولى لحرب الإبادة، وثقت منظمات حقوق الإنسان العالمية، إعدامات ميدانية نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق مدنيين فلسطينيين جرى اعتقالهم خلال الاجتياح البري الاسرائيلي لقطاع غزة. واشارت تقارير المؤسسات الحقوقية الفلسطينية إلى أن العشرات من المدنيين الفلسطينيين قد أعدموا ميدانيا، وتم التعرف عليهم بالاسم منذ السابع من أكتوبر، فيما لا يزال مئات المفقودين مجهولي المصير تحت وطأة الإخفاء القسري.
كما ان التقارير الطبية القادمة من غزة، كشفت مشاهد مروعة: جثث مقيدة الأيدي ومعصوبة الأعين تحمل آثار إطلاق نار من مسافات قريبة جدا، وأخرى سحقت تحت جنازير الدبابات. أما الجثامين التي أعادها الاحتلال عبر الهلال الأحمر أو منظمات دولية، فقد حملت برموز رقمية بدلا من الأسماء، ما جعل عملية التعرف عليها شبه مستحيلة وسط التشوهات البالغة ونقص الإمكانيات الطبية في القطاع المحاصر.
ما كشفته شهادات الأسرى المحرَّرين يفتح جرحاً عميقاً في ضمير الإنسانية، ويستدعي وقفة جادة من كل من يدّعي الدفاع عن القيم والعدالة. فداخل جدران السجون الإسرائيلية تُمارس أساليب قمع وتعذيب تفوق الوصف، تُهان فيها كرامة الإنسان وتُسحق إرادته تحت التعذيب والإذلال الممنهج. فالتقرير الصادر عن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بتاريخ 10 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري لم يكن مجرّد وثيقة حقوقية، بل صرخة مدوّية تكشف جانباً من الجرائم المروّعة التي تجري خلف الأسوار. هذه الشهادات الحيّة يجب أن تكون نقطة تحوّل في التعاطي الدولي مع ملف الأسرى، وأن تُدرج تلك الانتهاكات باعتبارها جرائم حرب مكتملة الأركان، تستوجب محاسبة مرتكبيها أمام العدالة الدولية بلا تأجيل. (شهادات حية حول الجرائم ضد المعتقلين)
وبحسب مؤسسات الأسرى الفلسطينية، فقد بلغ عدد المعتقلين الفلسطينيين في المعتقلات الإسرائيلية حتى شهر تشرين الأول 2025، أكثر من 11,100 معتقل، وهو الرقم الأعلى منذ انتفاضة الأقصى في العام 2000. ويضم هذا العدد المئات من النساء والأطفال وكبار السن، بينهم من يعاني من أمراض مزمنة وتم حرمانهم من الرعاية الطبية.
أما الاعتقال الإداري، أحد أبرز أدوات القتل البطيء، فيشمل اكثر من 3.500 فلسطينيا محتجزين دون توجيه تهم أو محاكمة، وفق أوامر تجدد تلقائيا كل ستة أشهر إلى ما لا نهاية. وقد يعيش آلاف الفلسطينيين في سجن بلا تهمة وبلا نهاية، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف.
ويقع معسكر سدي تيمان في صحراء النقب، وكان في الأصل قاعدة تابعة للقيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي. غير أن تحوّله في عام 2023 إلى مركز اعتقال ضخم للفلسطينيين شكل منعطفا خطيرا في البنية الأمنية الإسرائيلية. وهناك الكثير من التقارير الدولية التي باتت تصفه بأنه رمزا للرعب، حيث تمارس فيه أبشع أشكال التعذيب الجسدي والنفسي بعيدا عن أعين الرقابة الدولية. وتشير شهادات أسرى محررين إلى أن المعتقلين يظلون مقيدي الأيدي والأرجل لأيام وأسابيع، ما أدى إلى بتر أطراف بعضهم نتيجة توقف الدورة الدموية، إضافة إلى حالات وفاة داخل الزنازين بسبب التعذيب أو الإهمال الطبي.
ومؤخرا، أثار تسريب فيديو من داخل معتقل سدي تيمان، يظهر جنودا يعتدون على أسير فلسطيني، عاصفة داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية. لكن هذه العاصفة، لم تكن في مضمون الفيديو، بل لمجرد تسريبه: فقد أقيلت المدعية العسكرية «يفعات تومر يروشالمي»، بعد اتهامها بالتقصير في حماية سرية المعلومات. والغريب أن استقالتها لم تأت احتجاجا على التعذيب، بل لأن الحادثة تسببت، بحسب نتنياهو، بـ «ضرر لصورة إسرائيل».
بهذا، تحوّل النقاش من جوهر الجريمة إلى بيروقراطية تبررها، ومن مساءلة الفعل إلى حماية المؤسسة، في انعكاس صريح لطبيعة النظام الأمني الذي يرى في الفضيحة الإعلامية جريمة أكبر من التعذيب نفسه.
الصور المسربة والتقارير الطبية وشهادات الأسرى المحررين، تؤكد جميعها أن ما يجري داخل اقبية معتقلات الاحتلال، ليس تصرفات فردية أو تجاوزات معزولة، بل سياسة منظمة: التعذيب، الإذلال، الحرمان من الطعام والنوم، التجريد من الملابس أثناء التحقيق، كلها أدوات تستخدم ضمن استراتيجية ممنهجة لكسر الإرادة الفلسطينية. وهذه السياسة ليست جديدة، لكنها اليوم أكثر عنفا واتساعا، في ظل الحرب الشاملة على غزة، حيث يتعامل الاحتلال مع المعتقلين باعتبارهم امتدادا ميدانيا للمعركة، لا كأسرى لهم حقوق وفق القانون الدولي.
ورغم وفرة الأدلة وتكرار الجرائم، لم تشهد إسرائيل أي مساءلة داخلية حقيقية حتى اللحظة. فالنظام القضائي الإسرائيلي، أصبح، وبشهادات منظمات دولية، جزءا من منظومة التغطية على الانتهاكات. لذلك، تبرز الحاجة الملحة إلى تحقيق دولي مستقل بإشراف الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية، لمحاسبة المسؤولين الاسرائيلييل عن جرائم التعذيب والإخفاء القسري والقتل داخل المعتقلات.
ان شهادة المدعية العسكرية نفسها، حتى وإن جاءت عرضا في اطار صراع داخلي، الا انها تمثل دليلا جديدا وقاطعا على علم القيادة الإسرائيلية بما يجري داخل معسكراتها، وصمتها المتعمد على الانتهاكات. بل ان كل ما يحدث داخل المعتقلات من انتهاكات، يأتي بأوامر مباشرة من اعلى المستويات العسكرية والامنية والسياسية.
ان قضية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، لم تعد ملفا إنسانيا فحسب، بل هي جوهر الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي. وبقاء آلاف الفلسطينيين خلف الأسلاك يعني أن الجرح الوطني سيبقى مفتوحا، وأن معركة الحرية لم تكتمل بعد.
السيدات والسادة،
نتقدم منكم، باسم «دائرة العلاقات الخارجية في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين» بهذه الرسالة لتكون قضية الاسرى الفلسطينيين في المعتقلات الاسرائيلية عنوانا دائما على جدول اعمالكم. فتحرير أسرانا، هو عنوان المرحلة القادمة في النضال الفلسطيني، وهو ليس شعارا سياسيا، بل واجبا أخلاقيا ووطنيا يرتبط بمعنى الكرامة والحرية والسيادة. ففي معسكرات مثل سدي تيمان وغيره من معتقلات فاشية اسرائيلية، لا يختبر صبر الإنسان الفلسطيني فقط، بل يختبر ضمير العالم كله.
