العدد50: «دولة إسرائيل ضد اليهود»
خيارات المشاركة
ملف
تمهيد
صدر هذا الكتاب في باريس عام 2020، وهو على درجة كبيرة من الأهمية، لأن مؤلفه، سيلفان سيبل، متابعٌ حثيث ودقيق للتطورات الجارية في المجتمع والدولة الإسرائيليين وداخل التجمعات اليهودية في الولايات المتحدة وفرنسا، وهي أكبر وأنشط التجمعات بين «يهود الشتات» وأكثرها تفاعلاً مع تطورات الأحداث في إسرائيل. شغل «سيبل» منصب رئيس تحرير صحيفة «لوموند» اليومية الفرنسية الشهيرة، وكان مديراً لتحرير المجلة الأسبوعية «كورييه أنترناسيونال». بحكم كونه مراسلاً لصحيفة «لوموند» في إسرائيل غطّى السنوات الأولى من الإنتفاضة الفلسطينية الثانية، كما عمل مراسلاً للصحيفة نفسها في الولايات المتحدة خلال الفترة من 2007 إلى 2013.
يشرح المؤلف في مقدمة كتابه الأسباب التي دعته إلى تأليفه، فيتذكّر أحاديثه مع والده «الصهيوني» الطاعن في السن؛ من بينها ذلك الذي دار عام 1990 بعد سقوط جدار برلين. «ها أنت ترى بأننا ربحنا أخيراً»، قال له والده، وكان المقصود ﺑ «نحن» الصهيونية والصهاينة. إذ كان هنالك ثلاثة خيارات أمام والده، عندما كان شاباً، لكي يتحرر من معاداة السامية: البوندية (أيديولوجية عمالية قامت على أساسها الحركة النقابية البولندية)، والشيوعية والصهيونية. إختار الوالد الأخيرة، وها هو يتيقّن من حسن اختياره؛ فالبوندية لم تعمّر طويلاً، وها هي الشيوعية تنهار ! يقول «سيبل» : أتذكّر بأنني صمتُ، ولم أعلّق بشيء على كلام والدي. فقد كان بيننا فجوة لا يمكن تجاوزها اسمها الصهيونية. قادتني حياتي في إسرائيل إلى إدراك عمق الهوّة بين «الصهيونية النظرية» و «الصهيونية الحقيقية» التي تتمسك بالعنصرية الإثنية وبطرد الفلسطينيين من أرضهم. هذه وغيرها جعلتني أبتعد عنها سريعاً. يضيف المؤلف : في عام 2005 نشرتُ كتاباً يُعالج في آن واحد تطور الصهيونية وتطور المجتمعين الإسرائيلي والفلسطيني. وفي عام 2014، طلب مني الناشر استكمال تلك المعالجة، لكني قاومت لفترة طويلة. لأن الأمر المحيّر في الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي هو تواتر تطوراته بصفة شبه يومية. صحيح أن إسرائيل قوية بحيث لا تخسر، لكنها لا تستطيع أن تربح. والفلسطينيون بدورهم يربحون ولكنهم لا يستطيعون ان يخسروا. إذ أن مجرد وجودهم يجعل من المستحيل تحقيق انتصار «نهائي» إسرائيلي وهزيمة «نهائية» فلسطينية. يُردف المؤلف قائلاً : مع ذلك، بدأتُ أتذكّر تدريجياً أحاديثي مع والدي، وقادني ذلك إلى الإستنتاج بأنني كنتُ مخطئاً. فالأشياء كانت تتغير، وبرزت ظواهر وقوانين جديدة في إسرائيل لم يكن أحدٌ يتصوّر ـ قبل عشر سنوات ـ بأنها قد تحدث.
المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات «ملف»