العدد 54: على مفترق التحولات الكبرى
خيارات المشاركة
ملف
جاء في مقدمة الكراس :
واصلت الولايات المتحدة سياستها في مواجهة روسيا لإضعافها، بتوظيف أوكرانيا في هذا الدور، وهي الدولة ذات المساحة الأكبر في أوروبا، الغنية بثرواتها الزراعية وصناعتها وموادها الأولية، وبكثافتها السكانية الوازنة عدداً والمتقدمة تأهيلاً، وبموقعها الاستراتيجي الاستثنائي – وهنا بيت القصيد - الذي يصيب من روسيا مقتلاً.
فكان أن بادرت روسيا إلى قطع الطريق على هذا المخطط في 24 شباط (فبراير) 2022، بعد أن اقتنعت قيادتها أن لا مجال لأي خيار آخر. ومن المؤكد أن ما أقدمت عليه روسيا – بصرف النظر عن مدى ونوعية الإنجاز الميداني الذي سوف تحرزه - يفتتح مرحلة جديدة – بالمعنى التاريخي – في السياسة الدولية، والعلاقات الدولية، والتوازنات الدولية، الخ.. خاصة إذا أخذنا بالإعتبار أن المواجهة الجارية في أوكرانيا – موضوعياً - لها ما يماثلها من مواجهات في الشرق الأوسط الكبير، والمحيطين الهندي والهادئ، وإفريقيا، لا بل القطب الشمالي
ما يدور حالياً في أكثر من مكان في العالم، (بأدوات الحرب، أو الاقتصاد، أو الدبلوماسية، أو التحالفات)، إنما يندرج تحت عنوان سعي عديد الدول والشعوب لكسر قطبية المرجعية العليا لأميركا في العالم، لصالح صيغة تعددية أكثر توازناً وإنصافاً وكبحاً لتغول واشنطن على شؤون الكون، إن ما نشهده اليوم هو – بكل بساطة – هو عالم التحولات الكبرى، الذي نقف على مفترقه.
وختمت المقدمة بالقول:
إن هذه التحولات سوف تقود – في المدى المتوسط - إلى إضعاف سياسة التفرد والهيمنة الأميركية، لصالح صيغة أخرى في العلاقات الدولية، أكثر التزاما بمعايير التقيد بمبادئ القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، واحترام شرعة حقوق الإنسان، ومواجهة التغير المناخي، وتأمين متطلبات الحفاظ على البيئة، والتحول إلى التكنولوجيات النظيفة، والقدرة على احتواء الموجات الوبائية، وإطفاء نيران الحروب الإقليمية، لصالح حق الشعوب في الحرية والسيادة ضمن حدودها وعلى ترابها الوطني، وضمان أمنها القومي، وتوفير التنمية الاقتصادية والمجتمعية، والعدالة الاجتماعية لمواطنيها.
المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات «ملف»