دائرة العلاقات الخارجية في الجبهة الديمقراطية: نضالنا المشترك سيتواصل، لدحر المحتلين واستيطانهم وتجسيد دولة فلسطين السيدة والحرة واقعا على الارض

سبتمبر 24, 2025

تبعث «دائرة العلاقات الخارجية في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين» بأطيب التحيات، مع خالص الامتنان والتقدير للمواقف المشرّفة التي عبرت عنها قوى وأحزاب وشعوب العالم دعماً لنضال شعبنا وقضيته العادلة. ومن موقع الوفاء لشهدائنا وتضحيات شعبنا، نضع بين أيديكم استعراضاً موجزاً لمسار الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، وما يتطلبه من خطوات عملية لتجسيد الدولة واقعاً قائماً على الأرض.

فلسطين بين التقسيم والاعترافات الدولية
في (29) تشرين الثاني من العام 1947، اصدرت الجمعية العامة للامم المتحدة القرار رقم (181)، الذي قضى بتقسيم فلسطين الى دولتين يهودية وعربية: قامت الاولى بقوة القتل والارهاب الصهيوني، وبفعل الدعم الذي حظيت به اسرائيل من دول غربية استعمارية، وتعطل قيام الدولة الفلسطينية. ومنذ ذلك التاريخ، وشعبنا يناضل من اجل قيام دولته.
اننا إذ نرحب بالاعترافات الدولية بـ «دولة فلسطين»، فنحن نعتبرها نتاج صمود الشعب الفلسطيني وتمسكه بأرضه، في مسار نضال طويل وتضحيات كبرى، والتي لا تزال متواصلة شلالات من الدماء في قطاع غزه والضفة العربية.. كما انها احدى ثمار التحركات الشعبية في العالم، والقناعة بعدالة قضيتنا، بعد سقوط الرواية التاريخية الاسرائيلية واتضاح حقيقتها الزائفة، باعتبارها رواية قائمة على الاساطير والخرافات التاريخية.

الابتزاز الإسرائيلي في مواجهة الاعتراف الدولي
ان التهديدات الإسرائيلية بالرد على اعترافات دول العالم المتزايدة بالدولة الفلسطينية، بفرض مخطط ضم الضفة، ليست سوى ابتزاز مكشوف، يهدف إلى ثني الشعب الفلسطيني عن مواصلة مسيرته نحو الحرية والاستقلال. غير أن هذه التهديدات تكشف في جوهرها طبيعة إسرائيل كدولة فاشية، معادية للقانون الدولي وحقوق الإنسان، قائمة على سياسات التطهير العرقي والكراهية والعنصرية. كما تكشف مأزق المشروع الصهيوني ووصوله إلى نهايته المحتومة، لأنه مشروع غير قابل للحياة في عالم تحكمه قيم الديمقراطية واحترام حقوق الشعوب وثقافاتها. وهويتها.

اعترافات دولية وتصحيح لخطأ تاريخي
إن اعتراف العالم بدولة فلسطين ليس خطوة رمزية فحسب، بل يحمل مغزى سياسياً ودبلوماسياً وقانونياً عميقاً. فهو يعيد رسم معالم الحل المتوازن: رحيل الاحتلال، تفكيك الاستيطان، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة على حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967 وعاصمتها القدس، مع ضمان حق عودة اللاجئين بموجب القرار 194.
لكن هذه الاعترافات، على أهميتها، لن تكتمل إلا بترجمتها على ارض الواقع، وبضمان حصولها على عضوية كاملة في الأمم المتحدة، وتوفير كل أشكال الدعم السياسي والاقتصادي والقانوني لتمكينها من بسط سيادتها على أرضها المحررة من الاحتلال والاستيطان.

ما بعد أوسلو: خيارات فلسطينية بديلة
لقد انتهت مرحلة أوسلو، سواء زمنياً (بعد مرور خمس سنوات على بدء سريان الاتفاق عام 1994) أو عملياً عبر إعادة احتلال الضفة الغربية عام 2002 وتصاعد وتيرة الاستيطان خلالها، ما يجعلنا امام احدى الخيارات: ام الخيار الإسرائيلي القائم على الضم وفرض الوقائع الاستيطانية، او الخيار الأمريكي، بإبقاء الوضع الراهن وتحويل الحكم الذاتي إلى حالة دائمة، او الخيار الفلسطيني الوطني، الذي يحقق مصلحة الشعب الفلسطيني في ارضه، وهو خيار الإعلان عن بسط سيادة الدولة الفلسطينية، استناداً إلى القرار 181 وإعلان الاستقلال 1988، بما يفتح الطريق لمفاوضات جدية على قاعدة الصراع بين دولتين، لا بين محتل وشعب أعزل.

نحو فرض أمر واقع فلسطيني
إن مواجهة الأمر الواقع الإسرائيلي تتطلب فرض أمر واقع فلسطيني، يقوم على إعلان السيادة وتجسيدها على الأرض، وتحرير القرار الوطني من رهانات العقود الماضية على المبادرات الأمريكية الفاشلة. فحماية إنجاز الدولة والاعتراف العالمي بها مسؤولية وطنية كبرى، تتطلب تضافر جهود القوى الفلسطينية كافة، مدعومة بدعم الأشقاء والحلفاء وكل المؤمنين بحق الشعوب في تقرير مصيرها.

الخلاصة
إن القرار 181، إلى جانب القرار 194، يشكلان الأساس القانوني لحق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة. واليوم، بعد مرور عقود على تجاهل هذا الحق، يشكل الاعتراف الدولي المتزايد بالدولة الفلسطينية فرصة تاريخية ينبغي تحويلها إلى إنجاز ملموس على الأرض. فالرهان على العدالة الدولية والشرعية الأممية يجب أن يقترن بالفعل الفلسطيني المقاوم، لتصبح الدولة الفلسطينية حقيقة قائمة، لا مجرد اعتراف على الورق.
ونحن على يقين أن حماية انجاز الدولة والاعترافات الدولية بها هو مسألة نضالية فلسطينية، ومهمة كل قوى الشعب الفلسطين، غير أن هذا النضال يتطلب دعما ومؤازرة من أشقائنا وحلفاءها الحريصين على القانون والعدالة وفي مقدمتها حق الشعوب بتقرير مصيراها، كي لا تتحول الاعترافات الدولية الى مدخل للتكيف مع واقع الاحتلال، من خلال افراغ هذا الانجاز من مضامينه.
لذلك نحن على موعد مع معركة تجسيد دولة فلسطين فوق ارضها وبحدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية، في مواجهة مخطط الضم الذي بدأت تطبيقاته الميدانية على الارض، في محاولة يائسة، لقطع الطريق على حق شعبنا في بناء دولة فلسطينة مستقلة وسيدة.. وهذا ما يتطلب من كافة قوى الحرية والمتضامين مع شعبنا الدعمين لحقوقه الوطنية، ومن الدول التي اعترفت بالدولة الفسطينية، استخدام كافة اشكال القانون الدولي، لاجبار الاحتلال الاسرائيلي وداعميه على الرضوخ للارادة الدولية