موقف فصائلي نحو إنهاء الحرب

أغسطس 19, 2025


تعلم جيدًا الفصائل الفلسطينية التي شاركت في الاجتماع الذي عُقد مع حماس في القاهرة قبل يومين، أنه لن يكون مُجديًا لطالما المشاورات ترواح مكانها، وأن الهدف منه ضمان بقاء حماس في الحكم.
اليوم بات الموقف مختلفا للفصائل الفلسطينية، وإن كان متأخرا، لكنه مهم للغاية أمام التهديدات الإسرائيلية التي أُعلن عنها من قبل رئيس جيش الأركان زامير خلال الساعات الماضية، مؤكدا أن جيشه سينطلق قريبا في الخطوة التالية من عملية «عربات جدعون» التي بدأت في الثامن عشر من مايو الماضي، والتي على اثرها هُجر أكثر من 300 ألف مواطن فلسطيني من شمال القطاع إلى غرب مدينة غزة التي يتكدس بداخلها نحو مليون مواطن يعيشون ظروف المجاعة والقتل والنزوح المميت.
حالة ضغط تعيشها حماس أمام القرارات الجديدة التي اتخذها «الكابينت الإسرائيلي»، ومُصادقة المنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية عليها، وهذا ما جعل التحول مُلحوظا في خطاب الفصائل الفلسطينية التي عبرت عنها في مشاوراتها الداخلية واعلانها بالموافقة على المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار في غزة.
هذا الموقف كان يجب أن تدافع عنه الفصائل في الجولة التفاوضية السابقة، والتي لم تختلف كثيرا في تفاصيلها عن الاتفاق الذي تم تقديمه للأطراف، وفق المصادر المُطلعة.
ربما كانت الجرأة أكبر للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في عدم مشاركتها بهذا الاجتماع، كونها أعلنت موقفها نهاية شهر مايو الماضي، بدعوة حركة حماس لمضاعفة الجهود بالتعاون مع الوسطاء العرب للتوصل إلى إتفاق يوقف العدوان ولو لفترة 60 يوما.
وكانت قد طرحت الجبهة في بيانها آنذاك: «أن 60 يوما تشكل فترة كافية لإفساح المجال أمام المبادرات والتحركات الإقليمية والدولية الآيلة لتطوير الموقف، بما يخدم تحقيق الأهداف الوطنية التي يكفلها الصمود الأسطوري لشعبنا من أجل وقف العدوان».
فلا شك أن المخاوف كبيرة لدى حماس في ظل مساعي «نتنياهو» في الحصول على إنجازات بشكل أكبر، لكن في المقابل، كان يجب أن يكون التعاطي مع الوسطاء إيجابيا، والعمل على بناء أرضية سياسية وطنية تفضي إلى إنهاء الحرب والتخفيف من معاناة شعبنا الذي قدم تضحيات جسام، أي أكثر من 70 ألف شهيد، و50 ألف مفقود، و100 ألف جريح، إلى جانب ويلات المجاعة والنزوح المميت، ناهيًا عن الدمار الواسع الذي خلفه عدوان الاحتلال، في ظل استمرار عملية «عربات جدعون» التي تهدف إلى حسم سياسي وعسكري في غزة، ووجود عسكري طويل الأمد.
عمومًا، هذا الموقف لدى الفصائل التي تأخرت في إعلانه للرأي العام يضع حماس أمام موقف مُحرج، ويجعلها تفكر جيدًا في خطورة المرحلة المُقبلة، بما يخدم مصلحة شعبنا نحو إنهاء الحرب وإيجاد حلول بديلة تُفشل مشروع المعسكرات الإنسانية جنوب القطاع، وصولًا إلى التهجير القسري، الأمر الذي يهدد مشروعنا الوطني ويجعل حقوقنا الوطنية (الحرية، العودة، تقرير المصير) في مهب الريح