في وداع الصحفيين لا خيارات أمام الحقيقة
خيارات المشاركة
المقالات

حمزة حماد | مسؤول التجمع الإعلامي الديمقراطي
لم تكن وطأة الحرب علينا كصحفيين فلسطينيين أمرا سهلا، تحدينا الصعاب وقساوة الظروف منذ بدء حرب الإبادة، ومررنا بتجارب قاسية في أكثر من محطة، انطلاقا من تغطية الأحداث داخل مستشفى الاندونيسي، مرورًا بعمليات الاجتياح لجباليا وشمال القطاع، وصولًا للعدوان المتكرر والمستمر على مدينة غزة التي تشهد تهديدا خطيرا.
رفضنا النزوح رغم المخاطر، وعشنا ظروف التغطية بكل تفاصيلها، وعملنا بكل أمانة، وتحملنا مسؤولية نقل معاناة شعبنا الذين يعاني الأمرين.
آمنا بقدرتنا على إيصال رسالتنا وصوتنا للعالم رغم الصمت والتخاذل، واستطعنا أن نكشف الحقيقة.
تقاسمنا الوجع، وفقدنا أغلى وأعز ما نملك، ورضينا بالقدر.
ربما هي تفاصيل بسيطة من وجهة نظر العامة، لكنها كبيرة ومؤلمة في نفس الوقت لأننا أصبحنا نفقد سفراء الحقيقة الذين يقتلون ويذبحون على مراى ومسمع العالم.
عملنا تحت النار، وأصبحت أجسادنا شاهدا على جرائم هذا العصر، ليصبح فيه الصحفي الفلسطيني هدفا لألة القتل الإسرائيلية.
ندرك أن أنس الشريف ومحمد قريقع ومحمد الخالدي وثلة من أحرار الكلمة لن يكونوا آخر المطاف خصوصا في ظل استمرار عمليات التهديد والتحريض، بل هي بدايات نشهدها من وقت لآخر، مع التغول المستفحل لدى جيش الاحتلال الذي لم يروق له أن يرى صحفيا يتحدث عن المجازر أو المجاعة أو حتى ظروف النزوح.
الحقيقة أن مصابنا جلل، والحادثة مؤلمة، والخسارة كبيرة بفقدان من واضبوا على تأدية الأمانة حتى أن رحلوا وهم واقفين شامخين كالجبال، فلا أرهبتهم التهديدات ولا كُسرت إراداتهم.
نجد في المحصلة، أن الدبلوماسية الإعلامية الإسرائيلية التي صدعت رؤوسنا على مواقع التواصل الاجتماعي ومنصات الاحتلال المتعددة، تحمل في طياتها الكثير من الإرهاب كونها تقوم على فكرة التحريض ثم التهديد ثم القتل، وهذا يتنافى تماما مع أهداف الدبلوماسية الإعلامية لأي مجتمع كونها تهدف للتأثير على الرأي العام، وبناء صورة إيجابية للجهة المدعية، بما يخدم مصالحها خارجيًا.
فرغم حالة الضخ الإعلامي التي تتبعها إسرائيل في سبيل تبرير جرائمها، وتكذيب رواية الصحفي الفلسطيني إلا أنها بقيت عاجزة، وقوبلت بمزيدًا من العزلة أمام الأصوات الحرة التي تضامنت مع شعبنا الأعزل.
حماية دولية، ومحاسبة فعلية، هي الضمان لوقف عمليات القتل بحق الصحفيين الفلسطينيين، فالمشهد في غزة «شهيد يودع شهيد».
وداعًا أنس، وداعًا محمد
لكم منا الوفاء