بعد 15 شهرا من الابادة، ماذا لو…؟

يناير 8, 2025

بعد 15 شهرا من الابادة الجماعية في قطاع غزة، وتطور العدوان الاسرائيلي ليشمل سوريا، اليمن، ولبنان، وإيران، نطرح أسئلة مشروعة، ماذا لو أوقفت اسرائيل الحرب بعد اغتيال اسماعيل هنية في طهران؟ أو بعد اغتيال السيد حسن نصر الله؟ أو بعد اغتيال يحيى السنوار؟ وماذا لو استسلمت المقاومة؟  
اذا نريد أن نقارن الامور فقط من الناحية الانسانية، فمن الطبيعي والبديهي ان تكون المعاناة أقل بما في ذلك عدد الشهداء والجرحى والمفقودين، وهذا نتيجة وحشية الاحتلال وليس نتيجة ما قامت به المقاومة، ولكن المأساة ستدوم الى ما لا نهاية بحال استسلمت المقاومة ولن تعالج المأساة الانسانية، وأما من الناحية السياسية والعسكرية، شكل الصمود الاسطوري نقلة نوعية في المشهد المرسوم لمنطقة الشرق الاوسط، حيث فشلت إسرائيل في ثلاثة خيارات، كان من الممكن لو اعتمدتها لخرجت منتصرة، وهذا ما يؤكد ان الحرب الاسرائيلية أصبحت هدفا للحرب، ووسيلة لبناء الشرق الاوسط الجديد، وليس كما تدعي اسرائيل بأنها حرب من اجل عودة الاسرى الاسرائيليين، بل حربا لاقامة اسرائيل الكبرى، وحلما بتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، وتصفية كل مقاومة تواجه المشروع الصهيوني أينما وجدت.
لقد بدأ فشل اسرائيل الاستراتيجي بتبني السردية الاميركية والتي اعتبرت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، هي فصائل ارهابية وشبهتها بداعش، واستكمل هذا الخطأ بفرض حصار شامل على قطاع غزة، ظنا من الولايات المتحدة الاميركية واسرائيل أن ذلك سيغير الرأي العام الفلسطيني وينقلب على المقاومة الفلسطينية، لكن ما حصل هو العكس تماما نتيجة الوعي العميق لدى الشعب الفلسطيني، حيث حاولت اسرائيل والدول الغربية كي وعي الشعب الفلسطيني، وأنفقت مليارات الدولارات على ذلك، كما فشلت أيضا بتغيير الحكم في قطاع غزة على شكل موال وتابع للاجندة الاسرائيلية، بعد أن طمحوا بتكوين سلطة من العشائر او سلطة بمرجعية عربية مدعومة من اسرائيل.
وأما الخطأ الاكبر بالنسبة لاسرائيل، هو الاعتماد على الحرب العسكرية دون خوض حرب سياسية، ولم تتعلم من أخطائها السابقة، بل أعادت أخطاء الحروب الكبرى التي تم الاعتماد عليها فقط من الجانب العسكري، مثل فشل الولايات المتحدة الاميركية بحربها ضد فييتنام، التي اعتبرت حينها ان الحرب العسكرية وحدها كافية لاخضاع فييتنام الشرقية، وكما حصل ايضا مع نابليون عندما اعتبر ان جيشه وحده بما يمتلك من قدرة عسكرية كافيا لاسقاط الجيش الروسي…
كل ذلك، يؤكد ان اسرائيل تبتعد جدا عن اهدافها، ولن تتمكن بفرض سياسة استراتيجية تحمي أمنها في المستقبل، وحالة تورطها في قطاع غزة تزداد تعمقا، رغم المفاوضات الجارية حاليا، وتتعمق الازمة اكثر مع ما يقوم به اليمن من دور لاسناد قطاع غزة، وفتح معركة البحر الاحمر والممرات المائية ذات البعد الجيوستراتيجي، والذي تعتبره اسرائيل شريان حياتها.
ومع زيادة حجم المتطوعين في المقاومة الفلسطينية كما نشرت الاستخبارات الاسرائيلية، تأكدت اسرائيل مؤخرا، رغم التجارب التاريخية السابقة، انه لا يمكن لاي تنظيم أيديولوجي الاستسلام، وان المقاومة فكرة تولد بالفطرة، ولا يمكن قتل الافكار واستصال الفطرة من الانسان