خيارات المشاركة
الاخبار
دائرة المقاطعة في الجبهة الديمقراطية: في يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، لنجعل من هذا اليوم يوما عالميا لمقاطعة الاحتلال وعزله
يوسف أحمد: انتصار المقاومة اللبنانية: هزيمة الاحتلال وتعزيز وحدة الدم والمصير مع فلسطين
علي فيصل: من موقعنا في المقاومة نؤكد ان انتصار المقاومة في لبنان هو انتصار لفلسطين ولكل قوى المقاومة على مساحة العالم
أبو خالد: قواتنا تقوم بواجبها الوطني المقدس في التصدي لقوات الغزو
فؤاد بكر: قرار محكمة الجنايات الدولية هو بداية مسار يتطلب جهداً منظّماً لإنصاف الشعب الفلسطيني
صرح الرفيق فؤاد بكر رئيس الدائرة القانونية في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، خلال مقابلة مع وكالة مهر للأنباء، أن قرار محكمة الجنايات الدولية، يعزز عزلة «إسرائيل» عن المجتمع الدولي، وإذا فُتحت تحقيقات دولية بحق نتنياهو وغالانت، فقد يؤدي ذلك إلى صراعات سياسية داخلية حول المسؤولية القانونية والسياسية عن الجرائم المرتكبة.
وجاء نص الحوار على النحو التالي:
أثبتت أمريكا أنها مجرد بوق للخداع والتضليل عند الحديث عن الديمقراطية والشرعية والإنسانية الزائفة الدولية، فهي لا تعترف بمحاكم دولية تختص بجرائم الحرب والإبادة الجماعية، وذلك لأنها أكبر مجرمة حرب في التاريخ، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر، أفغانستان، العراق، سوريا، غزة، لبنان، والكثير من الدول. فهي تشجع الكيان على الرفض والاستهزاء بالقوانين والقرارات الدولية، بل وتهدد المحكمة بعقوبات. وفي هذا الصدد جاء الكلام على لسان السيناتور الأمريكي توم كوتون الذي هدد بغزو هولندا لأن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت مذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت.
ــــ واخيرا اصدرت المحكمة الجنائية الدولية قرارها واتهمت نتنياهو رئيس حكومة الكيان وغالانت وزير جيشها السابق بارتكاب جرائم حرب وجرائم انسانية وحرب ابادة، ما هي الدلالات السياسية والقانونية لهذ القرار الصادر عن احدى اعلى المحاكم الدولية المستقلة ؟
ان اصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة التوقيف ضد نتنياهو وغالانت فهذا يعني أن هناك أدلة أولية كافية تؤكد ارتكاب جرائم تقع ضمن اختصاص المحكمة (جرائم حرب، جرائم ضد الإنسانية، أو إبادة جماعية)، ما يضع الكيان الصهيوني تحت المساءلة القانونية الدولية بشأن سياساته في الأراضي الفلسطينية المحتلة لأول مرة بتاريخه، وهذه سابقة تاريخية وقانونية، كما ان التحقيق مع قادة سياسيين وعسكريين على مستوى أول من قيادات الاحتلال الاسرائيلي مثل نتنياهو وغالانت يظهر أن الحصانة السياسية لا تعفي الأفراد من المحاسبة على الجرائم الدولية، اضافة الى ان هذا القرار يؤكد قرار المحكمة السابق الصادر عام 2021 أن اختصاصها يشمل الأراضي الفلسطينية المحتلة (الضفة الغربية، غزة، والقدس الشرقية)، وهذا يؤكد مجددًا أن الجرائم المرتكبة في هذه المناطق تقع ضمن سلطتها.
كما ان ملاحقة شخصيات مثل نتنياهو وغالانت يضرّ بصورتهم أمام المجتمع الدولي ويثير الشكوك حول التزام «إسرائيل» بالقوانين الدولية، ويدعم الرواية الفلسطينية ويثبت قانونية المطالبات بإنهاء الاحتلال ومحاسبة إسرائيل على جرائمها، وقد يدفع القرار دولاً ومنظمات دولية إلى إعادة النظر في علاقاتها مع «إسرائيل» أو فرض عقوبات عليها، خاصة إذا استمر الاحتلال وانتهاكات حقوق الإنسان، وحتى لو لم يتم تنفيذ قرارات المحكمة، فإن هذا القرار يعزز عزلة إسرائيل عن المجتمع الدولي، خاصة في المحافل الحقوقية، وإذا فُتحت تحقيقات دولية بحق نتنياهو وغالانت، فقد يؤدي ذلك إلى صراعات سياسية داخلية حول المسؤولية القانونية والسياسية عن الجرائم المرتكبة.
وتحاول سلطات الاحتلال الإسرائيلية وداعموها تصوير القرار كمحاولة لتقويضها سياسيًا بدلاً من كونه إجراءً قانونياً، باعتبار ان الكيان الإسرائيلي ليس عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية ويعتبر نفسه خارج نطاق اختصاص المحكمة، ما قد يعيق الإجراءات القانونية، اضافة الى الدعم الذي يحظى به من الولايات المتحدة الاميركية وبعض الدول الاوروبية.
ــــ في المفهوم العام ان هذه المؤسسات القضائية هي جزء من النظام العالمي الذي أنشئ لخدمة الهيمنة الامبريالية والصهيونية، فكيف نفسر صدور مثل هذا القرار على احد رموز الكيان الصهيوني، وهل خرجت هذه المحكمة عن النفوذ الصهيوني؟
لا شك أن المحكمة الجنائية الدولية، كغيرها من المؤسسات الدولية، تعمل في إطار النظام العالمي الذي تقوده القوى الغربية الكبرى. ومع ذلك، فإن هذه المؤسسات أحيانًا تُضطر للعمل بشكل يعكس مصالح المجتمع الدولي الأوسع، خاصة في ظل التحركات الشعبية والحقوقية التي تمارس ضغوطًا على المحكمة لتبني قضايا تنسجم مع مبادئ العدالة والإنصاف، وبعض الدول التي تعارض الهيمنة الغربية أو الصهيونية، مثل دول الجنوب العالمي والدول الإسلامية، التي تعمل على تعزيز قضايا تتحدى هذا النظام، اضافة كون ان المحكمة الجنائية الدولية تضم قضاة من دول متعددة، وتحتاج إلى الحفاظ على مصداقيتها لضمان استمرار عملها.
ــــ الى اي حد يعبر هذا القرار الفريد من نواح عديدة، عن ضيق المجتمع الدولي من الجرائم الفظيعة التي لا يريد نتنياهو والعصابة الصهيونية الحاكمة معه التخلي عنها؟ وهل ترى انها تؤشر الى تغير في المزاج العالمي وبداية تمرد على الهيمنة الصهيونية ؟
صعّد الكيان الصهيوني بشكل ملحوظ سياساته القمعية، بما يشمل التوسع الاستيطاني، القصف العنيف على غزة ولبنان، وارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين، وهذه الجرائم الموثقة على نطاق واسع، أثارت استياءً واسعًا ليس فقط في الدول النامية بل أيضًا في أوساط الشعوب الأوروبية والأمريكية، حيث تعاظم الحراك الشعبي الرافض لهذه السياسات، كما ان الجمعيات الحقوقية الدولية مثل هيومن رايتس ووتش وأمنستي إنترناشونال زادت من توثيقها ودعواتها للتحقيق في الجرائم الإسرائيلية، مما وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية أكبر للمطالبة بالعدالة.
وقد استغلت إسرائيل لعقود الغطاء الغربي لتجنب المساءلة، لكن استمرار الجرائم على هذا النحو الفج، خاصة في ظل وسائل الإعلام الحديثة التي توثق الانتهاكات فور حدوثها، جعل التغاضي عن هذه الجرائم أكثر صعوبة.
ان اصدار مذكرة التوقيف ضد نتنياهو وغالانت يعكس ضيقًا متزايدًا من الجرائم الإسرائيلية وفقدانًا تدريجيًا لبعض الحصانة التقليدية التي تمتعت بها إسرائيل في النظام العالمي. كما أنه يعبر عن مؤشرات أولية لتغير المزاج العالمي، مع تزايد الضغوط الشعبية والحقوقية، لكنه لا يمثل تمردًا شاملاً بعد على الهيمنة الصهيونية، بل ان التحرك الفلسطيني بالتنسيق مع الحركات العالمية المناهضة للهيمنة، يمكن أن يسرع من هذه التحولات ويزيد من عزل إسرائيل دوليًا، لكنه يتطلب استثمارًا منظمًا لهذه اللحظة التاريخية.
ــــ كيف يمكن قانونيا وسياسيا الاستفادة من هذا القرار، اذا اراد الفلسطينيون محاكمة قادة الكيان في المحاكم الدولية، وهل يعتبر القرار بداية انصاف الشعب الفلسطيني وضمان العدالة لضحايا العدوان الصهيوني المستمر ؟
ان القرار الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية يعزز أهمية جمع المزيد من الأدلة الموثقة عن الجرائم الإسرائيلية، مثل الاستيطان، والاعتداءات على المدنيين، واستخدام القوة المفرطة، ويمكن أن تشمل الأدلة تقارير منظمات دولية مثل هيومن رايتس ووتش، أمنستي إنترناشونال، ولجان حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، ويمنح مصداقية للمطالب الفلسطينية أمام المحكمة الجنائية الدولية، مما يعزز فرص متابعة الجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين.
وتسمح العديد من الدول بمحاكمة الأفراد المتهمين بجرائم حرب بموجب هذا المبدأ، حيث يمكن للفلسطينيين التنسيق مع الدول التي لديها هذا الاختصاص (مثل بلجيكا وإسبانيا) لإصدار مذكرات توقيف بحق القادة الإسرائيليين بسبب الجرائم المستمرة، اضافة الى حصار غزة وتهجير الفلسطينيين في القدس، ومتابعة قضايا محددة لاستهداف قادة الكيان. ويمكننا الاستفادة من هذا القرار لتعزيز الموقف القانوني في المحافل الدولية، وإثبات أن الجرائم الإسرائيلية موثقة قانونيًا على مستوى دولي.
اضافة الى ذلك فإن هذا القرار يمنح الفلسطينيون ورقة ضغط إضافية لتوسيع الدعم في الجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان، للمطالبة بفرض عقوبات دولية على إسرائيل أو تفعيل الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، كما يمكن أن يُستخدم لحشد دعم أوسع من الحركات الشعبية والمنظمات الحقوقية، مما يضغط على الحكومات الغربية لتغيير سياساتها الداعمة لإسرائيل.
ويمكن استخدام القرار لتسليط الضوء على تناقض السياسات الغربية التي تدعم محاكمة جرائم الحرب في دول اخرى بينما تتغاضى عن جرائم إسرائيل، والمطالبة بإنهاء الدعم العسكري والاقتصادي لإسرائيل باعتباره دعمًا لجرائم الحرب.
وإذا استثمر هذا القرار بشكل صحيح، فقد يكون بداية تحرك دولي شامل لتغيير قواعد اللعبة ضد الاحتلال الإسرائيلي، ولذلك يجب تشكيل فريق من الخبراء الفلسطينيين والدوليين لمتابعة القضايا في المحكمة الجنائية الدولية ومحاكم الدول التي تقبل مبدأ الولاية القضائية العالمية، وضمان التوثيق المستمر لجميع الجرائم الإسرائيلية، بما يشمل الجرائم الاقتصادية (حصار غزة) والجرائم البيئية (تدمير الأراضي الزراعية)، والتنسيق مع دول الجنوب العالمي، والمنظمات غير الحكومية، والحركات الشعبية لتعزيز المطالبات بالعدالة وفضح إسرائيل، وتوحيد الجهود الفلسطينية بين مختلف الفصائل لتعزيز شرعية المطالب في المحافل الدولية.
القرار ليس نهاية الطريق، بل بداية مسار طويل يتطلب جهدًا منظمًا وإرادة سياسية قوية لتحقيق الإنصاف للشعب الفلسطيني.