مذكرات اعتقال نتنياهو وغالنت خطوة متقدمة طال انتظارها، لها ما بعدها
خيارات المشاركة
المقالات
وسام زغبر | عضو الأمانة العامة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين
إصدار محكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال ضد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير جيشه السابق يؤاف غالنت باعتبارهما مجرمي حرب خطوة متقدمة طال انتظارها بعد ستة أشهر على طلب المدعي العام للمحكمة كريم خان في أيار 2024 استصدار مذكرات الاعتقال بتهم ارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
هذا القرار جاء في الوقت الذي تستعر فيه جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة، الذي يجري فيه اقتلاع سكانه وإجبارهم على النزوح القسري من أماكن سكناهم على وقع التطهير العرقي والإبادة الجماعية وسياسات التجويع والتعطيش والتقتيل والتدمير وتحويل القطاع إلى أرضٍ محروقة مزروعة بالمقابر الجماعية.
رغم الوعيد والتهديد للمحكمة وقضاتها وموظفيها بفرض عقوبات عليهم بقرار من الكونغرس الأميركي في حال جرى إصدار مذكرات الاعتقال والذي بموجبه جرى إقالة القاضي الروماني بذريعة وضعه الصحي، ورغم الاتهامات التي لفقت للمدعي العام بالتحرش الجنسي، ورغم اعتراضات إسرائيل الدولة القائمة بالاحتلال وبعض الدول الأطراف في نظام روما الأساسي بأن القضاء الإسرائيلي يمكن أن يحقق في ذلك، وأن المحكمة ليست لها اختصاص لملاحقة نتنياهو وغالنت، إلا أن قرار محكمة الجنائية الدولية جاء حازماً ضد الاعتراضات التي قدمت، وأن لها اختصاص في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وأنها ليست بحاجة لإذن من إسرائيل لملاحقة نتنياهو وغالنت.
المهم في قرار المحكمة رغم أنه جاء بعد 14 شهراً من حرب الإبادة الجماعية والتي راح ضحيتها أكثر من 55 ألف شهيد ومفقود وأكثر من 105 آلاف من الجرحى والمصابين، ومواصلة حكومة الاحتلال اعتقال أكثر من 5000 مواطن وممارسة سياسة الاختفاء القسري بحق المئات من المواطنين وزرع البيوت بالألغام وتفجيرها على رؤوس ساكنيها، حيث تكمن أهمية القرار بإصدار مذكرات الاعتقال في نهاية المطاف ما سيضع نتنياهو وغالنت رهن الاعتقال في 120 دولة، فيما كافة القضايا التي قدمت في المحاكم كان يشوبها المماطلة والتسويف ناهيك عن إغلاقها قبل البدء في التحقيق، وكذلك الإشادة الأوروبية الواسعة بقرار المحكمة وإعلانها الإلتزام به وهو ليس معادياً للسامية كما تدعي واشنطن وتل أبيب.
لذلك بات مطلوباً من محكمة الجنائية الدولية البناء على قرارها بتوسيع دائرة الملاحقة لمجرمي الحرب الآخرين في دولة الاحتلال، من وزراء وضباط ومسؤولين أمنيين، لا تقل مسؤولياتهم عن حرب الإبادة الجماعية الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني عن مسؤوليات نتنياهو وغالانت. كما بات مطلوباً من دول العالم وخاصة الدول الأطراف في نظام روما الأساسي احترام الجنائية الدولية والامتثال بقرارها والتعاون معها في اعتقال المطلوبين للعدالة حيثما تتوفر فرص ذلك.
وختاماً، إن تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض عقوبات على المحكمة وقضاتها – قبل قدومه للبيت الأبيض- للمحكمة واتهامها بعدم المصداقية، وتصريحات المجرمين الإسرائيليين على كافة تلاوينهم السياسية والحزبية وعلى رأسهم نتنياهو والتي تعبر عن الطبيعة الفاشية لدولة الاحتلال والإبادة الجماعية، لن تغير من واقع قرار المحكمة شيئاً الذي يعد شهادة دامغة بفاشية الاحتلال وإجرامه، لذلك حذاري من أية محاولات للولايات المتحدة أو أية دولة أخرى توفير غطاء سياسي لنتنياهو وغالنت كونهما مجرمي حرب ومطلوبين للعدالة الدولية.