واقعٌ يصعُبُ وصفه.. النازحون أمواتٌ على قيد الحياة

نوفمبر 20, 2024

مُنذ أن بدأ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023م، يعيش الفلسطينيون محطات صعبة من القصف والموت والنزوح والحياة اللادمية، خصوصًا في ظل التطورات الميدانية في شمال غزة الذي يتعرض سُكانه لإبادة حقيقية وحصار مفروض لليوم الـ46 على التوالي، حيث راح ضحيته أكثر من 2000 شهيد، و6000 جريح، ومئات المفقودين.
ففي خضم الأحداث المُتسارعة التي تهدف إلى تصفية الوجود الفلسطيني، يواصل المدنيون في مُحافظة الشمال والذي يقدر عددهم نحو 50,000 مدني، وبصدورهم العارية، استكمال صمودهم الأسطوري أمام اعتى ترسانة عسكرية عرفها التاريخ، والتي تعمل على حصارهم، وتدمير الأحياء السكنية فوق رؤوسهم، واقتحام المستشفيات واستهدافها بشكل مُباشر، وقتل النازحين وترويعهم، إضافة للتنكيل بهم عبر الحواجز الأمنية واعتقالهم وتعذيبهم.
الاحتلال قبل بدء العدوان الحالي على جباليا بنحو أسبوعين فرض الحصار الشامل، من خلال إيقاف دخول شاحنات المساعدات كاملًا، وضغط على المرضى والمشافي بإيقاف عمليات التنسيق مع المنظمات الدولية، كما زاد من وتيرة الاستهدافات للشقق السكنية، واستهدف مركبات الاسعاف والدفاع المدني بشكل مركز، وقد توج ذلك بمنع دخول أكثر من 3800 شاحنة تزامنا مع مناشدات المحاصرين، وجعل منطقة الشمال تعيش بلا طواقم دفاع مدني أو خدمات طبية منذ شهر تقريبا.
الحقيقة أنه مشهد دامي نعيش تفاصيله يوميًا أمام موجات النزوح التي تخرج من محافظة الشمال مُتجهة إلى مدينة غزة، حينها نرى مُعاناة الأطفال والنساء والشيوخ وكيف حالهم عندما يتمكنون تجاوز ذاك الحاجز اللعين الذي يُجردهم من امتعتهم الحياتية، وكيف يُعاملون دون رحمة أو إنسانية، بل يعاقبون لأنهم رفضوا النزوح الإجباري تحت زخات الرصاص وصليل المدافع.
كما أن وصولهم إلى محافظة غزة ليس بالشيء البسيط، إنما المُكلف والمُكلف جدًا سواء على صعيد الاحتياجات اليومية والخاصة، أو حتى إيجاد المأوى وهو ما يعرف بـ»خيام النازحين» التي لم تحمِ من بداخلها من القصف الهمجي أو عندما تسقط الأمطار وتغرق كما حدث مع أول رشرشة لها، والأجواء الباردة التي تؤثر سلبا على حياتهم.
فأمام سياسات التدمير المُمنهجة، والقتل الجماعي، وحرب التجويع والتعطيش المُستمرة التي راح ضحيتها 37 طفلًا، وعدم إدخال الدواء التي اتبعها الاحتلال منذ بدء عدوانه على جباليا وشمال القطاع المُحاصر ما زال هؤلاء النازحون يعانون ويلات الحرب التي تعصف بواقع حياتهم التي حولتها إلى «جحيم».
حالة صمت غير مسبوقة من المجتمع الدولي والمُنظمات المعنية بالشؤون الإنسانية، في ظل استمرار حركة النزوح من شمال القطاع حتى جنوبه، والموت البطيء للنازحين الذين يفتقدون أدنى المقومات الإنسانية من الغذاء والشراب، ومباشرة دورها في وقف هذه الحرب الشعواء التي أزهقت أرواح مئات الآلاف من الأبرياء.. فمتى ستُحرك صرخات وأنين الموجوعين ضمير هذا العالم وهم يعيشون داخل خيام العذاب؟!