البديل لمخطط الاماراتي – الاسرائيلي لليوم التالي للحرب

أكتوبر 28, 2024

خلال لقاء سري جمع بين الامارات واسرائيل للبحث في اليوم التالي لقطاع غزة، طرحت خطة كاملة، وضعت فيها أربع نقاط أساسية وهي: الاستجابة للأزمة الانسانية وتقديم المساعدات لقطاع غزة واعادة الاعمار، انشاء القانون والنظام، وضع الاساس للحكم، تمهيد الطريق لاعادة توحيد غزة والضفة الغربية في ظل السلطة الفلسطينية الشرعية. ووضعت شروط مسبقة قبل تطبيق هذه الخطة، تتعلق بإصلاحات السلطة الفلسطينية، والاعتراف بالسلطة الفلسطينية كإطار شرعي لاستلام قطاع غزة، وتعيين رئيس وزراء جديد وانشاء لجنة غزة عبر مرسوم يصدره رئيس السلطة محمود عباس، وبعدها تقدم اسرائيل تنازلات للتقدم في حل الدولتين. فما هي مكونات هذه الخطة، وما هو موقف الفصائل الفلسطينية منها؟ وهل هناك من بديل؟
مكونات الخطة الاماراتية – الاسرائيلية
وتتكون الخطة أولا من ارسال قوات دولية بطلب من السلطة الفلسطينية تحل مكان جيش الاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزة، على ان تضم عسكريين من الدول العربية دون وجود لدور فلسطيني في البداية، وتكون تحت اشراف لجنة توجيهية تتشكل من الامارات، الولايات المتحدة الاميركية، والجهات الفاعلة الاقليمية، لتنفيذ الخطة وتمويلها ومراقبة السلطة الفلسطينية والتطورات الامنية في غزة.
أما لجنة غزة التي اقترحتها الخطة، فيتم تأليفها من فلسطينيين توافق عليهم الجنة التوجيهية واسرائيل، وتكون هذه اللجنة مسؤولة عن الادارة اليومية في غزة وادارة المخاوف الامنية الاسرائيلية دون اجراء اي نوع من المفاوضات، وان يكون اعمار قطاع غزة بدعم من المملكة العربية السعودية والامارات وجهات اقليمية فاعلة، وبدء حوار لقبول حماس في لجنة غزة والقوات الدولية لاحقا، وذلك بعد اصدار مرسوم رئاسي لتشكيل حكومة فلسطينية جديدة وانشاء لجنة غزة، وتعيين رئيس حكومة جديد، شرط ان تكون حكومة تكنوقراط، تقوم على الاصلاحات الامنية في السلطة الفلسطينية.
معارضة الفصائل الفلسطينية للخطة
لقد عارضت الفصائل الفلسطينية بما فيها السلطة الفلسطينية هذا الاقتراح بسبب طابعها الامني الذي يطغى على الطابع السياسي والانساني، والتي تتعلق بإرسال قوات دولية الى قطاع غزة، بما يعني احتلال جديد لقطاع غزة، في ظل ان الشعب الفلسطيني يبحث عن الحرية ولا يريد الانتهاء من احتلال اسرائيلي ويبدأ بمواجهة احتلال جديد مهما كان نوعه او طابعه، كما ان هذه الخطة ستدخل الشعب الفلسطيني في أوهام جديدة يدرك مسبقا انها لن تتحقق، وما هو مؤقت حاليا سيصبح دائما وربما لعشرات السنوات، وستكون مهمة القوات الدولية ليس من الباب الانساني، بل من باب تصفية المقاومة الفلسطينية، البحث عن الانفاق، التدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية… وكل ذلك مرهون بيد سلطات الاحتلال الاسرائيلية التي منحتها هذه الخطة السلطة الكاملة للموافقة على اي مقترح او عدمه.
تحاول هذه الخطة الى تعزيز الانقسام الفلسطيني، وفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية من خلال لجنة غزة، وتفتيت الاراضي الفلسطينية من خلال محاصرة المشروع الوطني الفلسطيني، في اطار محاولة ازالة العقبات امام التوسع الاسرائيلي في المستوطنات وضم الاراضي الفلسطينية، والتعجيل في تهويد القدس، وتضرب اعلان بكين الذي اتفقت عليه جميع الفصائل الفلسطينية والذي يعد هو المدخل الاساسي للمصالحة الفلسطينية وادارة قطاع غزة، واعادة اصلاح المؤسسات الوطنية الفلسطينية على قاعدة ما توافقت عليه الفصائل في الاتفاقيات واللقاءات الوطنية في بكين، موسكو، الجزائر والقاهرة، تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
كما يجب التمييز بين لجنة طوارئ تدير الوضع الانساني في قطاع غزة اثناء الابادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وبين لجنة خاصة لادارة قطاع غزة بعد الحرب، وهذه اللجنة التي طرحها اللقاء بين الامارات واسرائيل، والتي هي مرفوضة بشكل قطاع، لانها تتساوق مع خطة اليوم التالي التي وضعتها اسرائيل، والتي تقوم عمليا على فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، وليس كما تدعي الخطة الاماراتية – الاسرائيلية.
إذا ما البديل ؟
لا يحق لاي جهة ان تبحث في اي خطة الا في اطار ما اتفقت عليه الفصائل الفلسطينية، والا يعتبر تدخلا في الشؤون الداخلية الفلسطينية، وتهجما على ارادة الشعب الفلسطيني الذي يريد انهاء الابادة الجماعية والتخلص من الاحتلال الاسرائيلي وكل اساليب الهيمنة القمعية سواء كانت اسرائيلية او غيرها، واستنادا على ذلك، فإن المخرج الوحيد يبدأ من تطبيق اعلان بكين من خلال عقد اجتماع للاطار القيادي الفلسطيني لاتخاذ قرار مشترك في اطار منظمة التحرير الفلسطينية، وتشكيل حكومة وفاق وطني تتألف من كفاءات وطنية مستقلة، واصدار مرسوم رئاسي لاشراف اللجنة التنفيذية على الحكومة، التي ستتولى قطاع غزة، وتقوم على انشاء لجنة تنسيق حكومية، وتتولى ايضا تشكيل قوة امنية تتولى الامن الداخلي في قطاع غزة وادارة المعابر، وفق اتفاقيات المصالحة الوطنية في القاهرة عام 2011، وتطبق القوانين سارية المفعول في الضفة الغربية على قطاع غزة، بعد استكمال تشكيل مجلس القضاء الاعلى، وبعدها اجراء الانتخابات العامة في الضفة الغربية وقطاع غزة، والتوافق على صيغة وطنية فيما يتعلق بالقدس لادخالها في العملية الانتخابية، وذلك بعد عام واحد من نهاية الحرب.
ولحين تشكيل لجنة التنسيق الحكومية، تتشكل خلال الحرب لجنة طوارئ تضم مندوبين من القوى الوطنية والاسلامية الفلسطينية مهمة العمل الاغاثي وتوزيع المساعدات الانسانية وتأمين الرعاية الصحية والاجتماعية والخدماتية، بما في ذلك الاشراف على الامن الداخلي.
هل البديل ممكنا؟
لقد كان البديل المذكور سابقا، هو عبارة عن مبادرة اطلقتها الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، في محاولة لسد المشاريع الاسرائيلية – الاميركية وبعض الانظمة العربية المطبعة التي تتساوق مع المخططات الاسرائيلية المتعلقة باليوم التالي للحرب، ويأتي في اطار توافق الكل الفلسطيني، ويستند على تطلعات الشعب الفلسطيني للخروج من الحرب.
كما ان هذا البديل لا يؤثر على المفاوضات الحالية المتعلقة بإنهاء العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، بل يكمله، والشروط المتعلقة بوقف العدوان الاسرائيلي لاتزال سارية، والتي هي: وقف اطلاق النار، الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة، اطلاق صفقة تبادل للاسرى، واعادة اعمار قطاع غزة.