فيما لو أصبح دونالد ترامب رئيساً

سبتمبر 17, 2024

هل‭ ‬يحمل‭ ‬ترامب‭ ‬مبادرة‭ ‬جديدة‭ ‬لحل‭ ‬الصراع‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الإسرائيلي؟‭. ‬أم‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬طرح‭ ‬صفقة‭ ‬القرن‭ ‬من‭ ‬جديد؟‭. ‬ثمة‭ ‬شيء‭ ‬جديد‭ ‬دخل‭ ‬إلى‭ ‬معادلة‭ ‬الصراع،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يجلب‭ ‬إلى‭ ‬المنطقة‭ ‬مشاريع‭ ‬ومبادرات‭ ‬بشأن‭ ‬الحرب‭ ‬والسلام،‭ ‬لن‭ ‬تنفع‭ ‬بعد‭ ‬الآن‭ ‬إعطاء‭ ‬الأولوية‭ ‬للشق‭ ‬الاقتصادي‭ ‬أو‭ ‬للمضي‭ ‬في‭ ‬إجراءات‭ ‬التطبيع،‭ ‬وإهمال‭ ‬الشق‭ ‬السياسي‭ ‬من‭ ‬الحل،‭ ‬لذلك‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬تصريحات‭ ‬وخطابات‭ ‬المرشح‭ ‬الرئاسي‭ ‬تعكس‭ ‬برنامج‭ ‬وسياسات‭ ‬واشنطن‭ ‬مع‭ ‬وصول‭ ‬الرئيس‭ ‬الجديد‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬فترامب‭ ‬المرشح‭ ‬للانتخابات‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬التصريح‭ ‬بالكثير‭ ‬عن‭ ‬رؤيته‭ ‬المستقبلية‭ ‬للصراع‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬ربما‭ ‬يخبئ‭ ‬شيء‭ ‬ما،‭ ‬يفجر‭ ‬مفاجأة،‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬مثلما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أمر‭ ‬الغموض‭ ‬الذي‭ ‬دار‭ ‬حول‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬صفقة‭ ‬القرن،‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬بنودها؟‭.‬

حالياً‭ ‬تصريحاته‭ ‬ومناظراته‭ ‬في‭ ‬حملته‭ ‬الانتخابية‭ ‬يكرس‭ ‬بعضها‭ ‬لبرنامجه‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وبعضها‭ ‬لمهاجمة‭ ‬سياسة‭ ‬بايدن‭ ‬ونائبته‭ ‬هاريس،‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬برنامجه‭ ‬وسياسته‭ ‬التي‭ ‬ينوي‭ ‬أن‭ ‬يمارسها‭ ‬في‭ ‬ولايته،‭ ‬هل‭ ‬سيمارس‭ ‬سياسة‭ ‬جديدة‭ ‬إن‭ ‬عاد‭ ‬إلى‭ ‬حكم‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬فهو‭ ‬يتبنى‭ ‬مشروع‭ ‬‮«‬إسرائيل‭ ‬الكبرى‮»‬،‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬عليه‭ ‬فكر‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬في‭ ‬الحركة‭ ‬الصهيونية‭ ‬العالمية،‭ ‬ضمن‭ ‬مشروع‭ ‬شرق‭ ‬أوسطي‭ ‬جديد،‭ ‬تحتل‭ ‬إسرائيل‭ ‬فيه‭ ‬دوراً‭ ‬مركزياً،‭ ‬بعد‭ ‬المضي‭ ‬بعيداً‭ ‬في‭ ‬التطبيع‭ ‬مع‭ ‬الأنظمة‭ ‬العربية‭.‬

الجمعة‭ ‬16‭ ‬آب‭/‬أغسطس‭ ‬2024،‭ ‬نقلت‭ ‬القناة‭ ‬12‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬عن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬قوله‭: ‬‮«‬إن‭ ‬مساحة‭ ‬إسرائيل‭ ‬تبدو‭ ‬صغيرة‭ ‬على‭ ‬الخارطة،‭ ‬ولطالما‭ ‬فكّرتُ‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬توسيعها‮»‬‭. ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬سبق‭ ‬لترامب‭ ‬أن‭ ‬أعلن‭ ‬واعترف‭ ‬بأن‭ ‬القدس‭ ‬عاصمة‭ ‬موحدة‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬وأعلن‭ ‬أن‭ ‬الجولان‭ ‬السوري‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬إسرائيل‭ ‬الكبرى،‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬سياسة‭ ‬أميركية‭ ‬غير‭ ‬معلنة‭ ‬لرؤساء‭ ‬آخرين،‭ ‬جاهر‭ ‬بها‭ ‬ترامب‭ ‬صراحة‭ ‬ووضوحاً،‭ ‬دون‭ ‬اهتمام‭ ‬لردود‭ ‬فعل‭ ‬عربية‭ ‬أو‭ ‬إسلامية،‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬مهتمة‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬بشأن‭ ‬مدينة‭ ‬القدس‭ ‬والأقصى،‭ ‬ومكانتهما‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمسلمين،‭ ‬وليس‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬فقط‭.‬

خَبِر‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬سياسة‭ ‬مرشح‭ ‬الرئاسة‭ ‬الأميركية‭ ‬ترامب‭ ‬خلال‭ ‬وجوده‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬لأربع‭ ‬سنوات‭  ‬‮«‬20‭ ‬كانون‭ ‬الثاني‭/‬يناير‭ ‬2017‭ ‬ـــــــ‭ ‬20‭  ‬كانون‭ ‬الثاني‭/‬يناير‭ ‬2021‮»‬،‭  ‬كان‭ ‬خلالها‭ ‬معاد‭ ‬بشدة‭ ‬للحقوق‭ ‬الوطنية‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬ومؤيد‭ ‬قوي‭ ‬لإسرائيل‭ ‬وتحديداً‭ ‬لنتنياهو،‭ ‬وارتبط‭ ‬اسم‭ ‬ترامب‭ ‬بصفقة‭ ‬القرن،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬صفقة‭ ‬لتصفية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فرض‭ ‬الوقائع‭ ‬الميدانية،‭ ‬وحسم‭ ‬المعركة‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬بإلغاء‭ ‬معايير‭ ‬الحل‭ ‬السياسي‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬مبادئ‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وقرارات‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية،‭ ‬وفرض‭ ‬بدلاً‭ ‬منها‭ ‬معايير‭ ‬رؤية‭ ‬ترامب‭  ‬للحل،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬ترى‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬إلا‭ ‬أرض‭ ‬إسرائيلية،‭ ‬ولا‭ ‬ترى‭ ‬في‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬إلا‭ ‬مجرد‭ ‬رقم‭ ‬زائد،‭ ‬تدار‭ ‬شؤونهم‭ ‬بعقلية‭ ‬استعمارية‭ ‬كولونيالية‭ ‬متعالية،‭ ‬لا‭ ‬ترى‭ ‬فيهم‭ ‬إلا‭ ‬أتباعاً‭ ‬وخدماً‭ ‬للمشروع‭ ‬الصهيوني،‭ ‬وظهر‭ ‬ترامب‭ ‬متماهياً‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬العنصرية‭ ‬مع‭ ‬اليمين‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المتطرف،‭ ‬مؤيداً‭ ‬قانون‭ ‬الدولة‭ ‬القومية‭ ‬لليهود‭ ‬في‭ ‬إسرائيل،‭ ‬الذي‭ ‬أقره‭ ‬الكنيست‭ ‬في‭ ‬19‭ ‬يوليو‭ ‬2018،‭ ‬،‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬دولة‭ ‬لليهود‭ ‬فقط‭. ‬

انتقد‭ ‬ترامب‭ ‬دعوات‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬وكامالا‭ ‬هاريس‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬وهما‭ ‬لم‭ ‬يعملا‭ ‬حقيقة‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬سوى‭ ‬إطلاق‭ ‬التصريحات‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬بعضها‭ ‬مهدداً‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬كاعتبار‭ ‬اقتحام‭ ‬رفح‭ ‬خطاً‭ ‬أحمر،‭ ‬وهذا‭ ‬الفارق‭ ‬بين‭ ‬سياستين‭ ‬أمريكيتين،‭ ‬محصلتهما‭ ‬واحدة‭ ‬نحو‭ ‬المنطقة‭ ‬والقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬سياسة‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬يمثله‭ ‬ترامب،‭ ‬تتصف‭ ‬بالبلطجة‭ ‬وبالصراحة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬الوقاحة،‭ ‬أما‭ ‬سياسة‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬ويمثلها‭ ‬بايدن‭ ‬ونائبته‭ ‬هاريس،‭ ‬تتصف‭ ‬بالخداع‭ ‬والنفاق‭ ‬والاحتيال،‭ ‬سواء‭ ‬جاء‭ ‬ترامب‭ ‬أو‭ ‬جاءت‭ ‬هاريس‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬السياسة‭ ‬الأميركية‭ ‬نهجها‭ ‬واحد‭ ‬تجاه‭ ‬المنطقة،‭ ‬بايدن‭ ‬يعلن‭ ‬رغبته‭ ‬بوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬ويقدم‭ ‬السلاح‭ ‬والمساعدات،‭ ‬والتغطية‭ ‬السياسية‭ ‬لجرائم‭ ‬الاحتلال،‭ ‬ويقدم‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يساعد‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬شعبنا‭. ‬أما‭ ‬ترامب‭ ‬فقد‭ ‬ذكر‭ ‬عندما‭ ‬سئل‭: ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬يشجع‭ ‬نتنياهو‭ ‬على‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬قال‭: ‬‮«‬لا،‭ ‬لم‭ ‬أشجعه،‭ ‬فهو‭ ‬يعرف‭ ‬ما‭ ‬يفعله،‭ ‬لقد‭ ‬شجعته‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‮»‬،‭ ‬ويخاطبه‭ ‬قائلاً‭: ‬‮«‬تريد‭ ‬إنهاء‭ ‬الأمر،‭ ‬لذا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ينتهي‭ ‬بسرعة،‭ ‬لكن‭ ‬انتصر،‭ ‬وأنهي‭ ‬الأمر‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يتوقف‭ ‬القتل‭. ‬إن‭ ‬إسرائيل‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تنهي‭ ‬ما‭ ‬بدأته‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بعمليتها‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬غزة‮»‬‭. ‬هذا‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬يوليو‭/‬تموز‭ ‬الماضي‭ ‬خلال‭ ‬زيارة‭ ‬نتنياهو‭ ‬لواشنطن‭ ‬لإلقاء‭ ‬كلمة‭ ‬في‭ ‬الكونغرس،‭ ‬التقى‭ ‬بترامب‭ ‬في‭ ‬مقر‭ ‬إقامته،‭ ‬فحثه‭ ‬أن‭ ‬يحقق‭ ‬انتصاره،‭ ‬وينهي‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭. ‬

الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬ليس‭ ‬بحاجة‭ ‬أن‭ ‬يكتشف‭ ‬سياسة‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬الدعم‭ ‬المطلق‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬ويعي‭ ‬شعبنا‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬أو‭ ‬هاريس‭ ‬إن‭ ‬وصلا‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬سيدعم‭ ‬أو‭ ‬ستدعم‭ ‬إسرائيل‭ ‬بكل‭ ‬الوسائل،‭ ‬ويريد‭ ‬أو‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تسحق‭ ‬إسرائيل‭ ‬المقاومة،‭ ‬وتكسر‭ ‬إرادة‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬لكن‭ ‬كيف‭ ‬سيضمن‭ ‬ترامب‭ ‬الانتصار‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المعركة؟‭. ‬النصر‭ ‬هو‭ ‬لصاحب‭ ‬الإرادة‭ ‬الأقوى‭ ‬في‭ ‬النهاية،‭ ‬التي‭ ‬لن‭ ‬تهزمها‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ولا‭ ‬الدعم‭ ‬الأميركي‭ ‬كما‭ ‬يريد‭ ‬السيد‭ ‬ترامب،‭ ‬عندما‭ ‬قال‭: ‬‮«‬سأقدم‭ ‬لإسرائيل‭ ‬الدعم‭ ‬الذي‭ ‬تحتاج‭ ‬إليه‭ ‬للانتصار،‭ ‬لكنني‭ ‬أريدهم‭ ‬أن‭ ‬ينتصروا‭ ‬بسرعة‮»‬،‭ ‬كأن‭ ‬ترامب‭ ‬يجهل‭ ‬أن‭ ‬نحو‭ ‬عام‭ ‬قد‭ ‬مضى‭ ‬من‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الهمجي‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬ولم‭ ‬يحقق‭ ‬جيشهم‭ ‬المتفوق‭ ‬عدداً‭ ‬وعتاداً‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬أهدافه‭ ‬المعلنة‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬وأثبتت‭ ‬الوقائع‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يحققها‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭. ‬يظن‭ ‬السيد‭ ‬ترامب‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬يمنع‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬النصر‭ ‬ليس‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الباسلة،‭ ‬ولا‭ ‬شعب‭ ‬فلسطين‭ ‬الصامد،‭ ‬بل‭ ‬السيدة‭ ‬هاريس،‭ ‬منافسته‭ ‬في‭ ‬سباق‭ ‬الرئاسة،‭ ‬يقول‭: ‬‮«‬منذ‭ ‬البداية،‭ ‬تعمل‭ ‬هاريس‭ ‬على‭ ‬تكبيل‭ ‬يد‭ ‬إسرائيل‭ ‬خلف‭ ‬ظهرها،‭ ‬وتطالب‭ ‬بوقف‭ ‬فوري‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار،‭ ‬تطالب‭ ‬على‭ ‬الدوام‭ ‬بوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‮»‬‭. ‬وأضاف‭: ‬أن‭ ‬‮«‬وقف‭ ‬الحرب‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬إلا‭ ‬منح‭ (‬حركة‭ ‬المقاومة‭ ‬الإسلامية‭) ‬حماس‭ ‬الوقت‭ ‬لإعادة‭ ‬تجميع‭ ‬صفوفها‭ ‬وشن‭ ‬هجوم‭ ‬جديد‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬هجوم‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‮»‬‭.‬

السؤال‭ ‬الآخر،‭ ‬فيما‭ ‬لو‭ ‬فاز‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬القادمة،‭ ‬كيف‭ ‬سيكون‭ ‬حال‭ ‬المتظاهرين‭ ‬الأميركيين‭ ‬المناصرين‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬عهده‭ ‬؟‭. ‬وقد‭ ‬توعد‭ ‬ترامب‭ ‬المناصرين‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬الذين‭ ‬يطالبون‭ ‬بإنهاء‭ ‬الدعم‭ ‬الأميركي‭ ‬لحرب‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ووصفهم‭ ‬بأنهم‭ ‬‮«‬بلطجية‭ ‬من‭ ‬أنصار‭ ‬حماس‮»‬‭ ‬و«متعاطفون‭ ‬مع‭ ‬التطرف‮»‬‭. ‬وهدد‭ ‬‮«‬باعتقالهم‭ ‬وترحيلهم‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إذا‭ ‬أصبح‭ ‬رئيساً‮»‬‭.‬

فيما‭ ‬لو‭ ‬وصل‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬هل‭ ‬ستعمل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬تفكيك‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية؟‭. ‬هو‭ ‬احتمال‭ ‬وارد،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬انهيار‭ ‬السلطة‭ ‬بسبب‭ ‬ممارسات‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬وفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬عليها‭ ‬مالية‭ ‬وغير‭ ‬مالية‭ ‬ومنعها‭ ‬من‭ ‬تحمل‭ ‬مسؤولياتها‭ ‬نحو‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬تصريحات‭ ‬اليمين‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المتطرف،‭ ‬تعبر‭ ‬بوضوح‭ ‬عن‭ ‬ذلك،‭ ‬وزير‭ ‬المالية‭ ‬بتسلئيل‭ ‬سموتريتش،‭ ‬قال‭: ‬إن‭ ‬‮«‬الوقت‭ ‬قد‭ ‬حان‭ ‬لانهيار‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬اقتصادياً‮»‬‭.‬لكن‭ ‬يتحدث‭ ‬المسؤولون‭ ‬الأميركيون‭ ‬عن‭ ‬سلطة‭ ‬فلسطينية‭ ‬متجددة،‭ ‬أي‭ ‬إعادة‭ ‬تشكيلها‭ ‬وفق‭ ‬المتطلبات‭ ‬الأميركية‭ ‬والإسرائيلية‭ ‬لتقوم‭ ‬بدورها‭ ‬الوظيفي‭ ‬المحدد‭ ‬لها‭ ‬بالحفاظ‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬إسرائيل‭.  ‬

‭ ‬الخيار‭ ‬الآخر‭ ‬هو‭ ‬تقليص‭ ‬السلطة‭ ‬إلى‭ ‬إدارة‭ ‬ذاتية‭ ‬للسكان،‭ ‬بدل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مفترض‭ ‬بموجب‭ ‬اتفاقية‭ ‬أوسلو،‭ ‬أن‭ ‬تتحول‭ ‬السلطة‭ ‬إلى‭ ‬نواة‭ ‬لدولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬مستقلة،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬رئاسته‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أعلن‭ ‬عن‭ ‬ترجيحه‭ ‬‮«‬حل‭ ‬الدولتين‮»‬،‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وفق‭ ‬رؤيته‭ ‬لا‭ ‬تتمتع‭ ‬بالسيادة‭ ‬الكاملة‭ ‬لا‭ ‬على‭ ‬حدودها‭ ‬ولا‭ ‬على‭ ‬مواردها‭ ‬ولا‭ ‬على‭ ‬ثرواتها‭ ‬الطبيعية‭. ‬مشروع‭ ‬‮«‬حل‭ ‬الدولتين‮»‬‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مطروحة‭ ‬كأولوية‭ ‬على‭ ‬جدول‭ ‬أعمال‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬رئاسته،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يستعجلها‭ ‬فلسطينياً‭ ‬أو‭ ‬عربياً،‭ ‬وتم‭ ‬ترحيل‭ ‬المسار‭ ‬التفاوضي‭ ‬إلى‭ ‬أمد‭ ‬غير‭ ‬منظور،‭ ‬بذريعة‭ ‬تمهيد‭ ‬الطريق‭ ‬أمام‭ ‬‮«‬السلام‭ ‬السياسي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أطروحات‭ ‬من‭ ‬أمثال‭: ‬‮«‬إجراءات‭ ‬بناء‭ ‬الثقة‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬تقليص‭ ‬الصراع‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬مبادرات‭ ‬السلام‭ ‬الاقتصادي‮»‬،‭ ‬أعطت‭ ‬إدارته‭ ‬الأولوية‭ ‬لما‭ ‬سمته‭ ‬إرساء‭ ‬أسس‭ ‬الرخاء‭ ‬والأمن‭ ‬وتحسين‭ ‬نوعية‭ ‬الحياة‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬أما‭ ‬الآن‭ ‬وقد‭ ‬التهبت‭ ‬الأرض‭ ‬تحت‭ ‬أقدام‭ ‬الاحتلال،‭ ‬في‭ ‬ملحمة‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى،‭ ‬فالقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬فرضت‭ ‬نفسها‭ ‬كأولوية‭ ‬على‭ ‬جدول‭ ‬أعمال‭ ‬الإدارة‭ ‬الأميركية‭ ‬أياً‭ ‬تكن‭ ‬جمهورية‭ ‬أم‭ ‬ديمقراطية،‭ ‬كما‭ ‬فرضت‭ ‬نفسها‭ ‬كأولوية‭ ‬على‭ ‬المؤسسات‭ ‬والمنظمات‭ ‬الدولية‭.‬

مقدمات‭ ‬الخيارين‭ ( ‬تفكيك‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬أو‭ ‬تحويلها‭ ‬إلى‭ ‬إدارة‭ ‬ذاتية‭ ‬للسكان‭) ‬قائمة‭ ‬في‭ ‬قرار‭ ‬الكنيست‭ ‬رفض‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬بين‭ ‬النهر‭ ‬والبحر‭ ‬في‭ ‬18‭ ‬تموز‭/  ‬يوليو‭ ‬2024‭. ‬واعتبرت‭ ‬الكنيست‭ ‬‮«‬أن‭ ‬إقامة‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬أرض‭ ‬إسرائيل‭ ‬سيشكل‭ ‬خطراً‭ ‬وجودياً‭ ‬على‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل‭ ‬ومواطنيها،‭ ‬وسيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬إدامة‭ ‬الصراع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وزعزعة‭ ‬استقرار‭ ‬المنطقة‮»‬‭. ‬وهذا‭ ‬يتفق‭ ‬مع‭ ‬أفكار‭ ‬ترامب‭ ‬التي‭ ‬يعبر‭ ‬عنها‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬عن‭ ‬هاريس‭ ‬أنها‭ ‬تسعى‭ ‬لدمار‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وهذا‭ ‬يخالف‭ ‬مبادى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬اسرائيل‭.‬

لم‭ ‬تكن‭ ‬حكومة‭ ‬إسرائيل‭ ‬لتقدم‭ ‬على‭ ‬خططها‭ ‬الاستعمارية،‭ ‬وإطلاق‭ ‬برنامجها‭ ‬لضم‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭ ‬عام‭    ‬67‭ ‬لولا‭ ‬الانحياز‭ ‬الكامل‭ ‬لإسرائيل‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الحقوق‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مستندة‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬أميركي‭ ‬مطلق‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬الشراكة‭ ‬التامة‭ ‬مع‭ ‬الاحتلال،‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬وهذه‭ ‬الشراكة‭ ‬يتوقع‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أشد‭ ‬وأخطر‭ ‬على‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬ثانية‭ ‬لترامب‭. ‬

في‭ ‬عهد‭ ‬ترامب‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬المستوطنات‭ ‬مخالفة‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬واعترفت‭ ‬واشنطن‭ ‬بشرعية‭ ‬الاستيطان‭ ‬في‭ ‬انتهاك‭ ‬فظ‭ ‬لقرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الرقم‭ ‬2334‭-‬2016‭ ‬المناهض‭ ‬للاستيطان،‭ ‬وبات‭ ‬بإمكان‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬أن‭ ‬توسع‭ ‬مشاريعها‭ ‬الاستيطانية‭ ‬في‭ ‬أنحاء‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬القدس،‭ ‬واتبع‭ ‬ترامب‭ ‬سياسة‭ ‬قامت‭ ‬على‭ ‬الاستخفاف‭ ‬بالقوانين‭ ‬والشرعية‭ ‬الدولية،‭ ‬وإدارة‭ ‬الظهر‭ ‬للاتفاقيات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬منه‭ ‬لفرض‭ ‬الأمر‭ ‬الواقع،‭ ‬وبما‭ ‬يخص‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬نسف‭ ‬قرارات‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة،‭ ‬وأسبغ‭ ‬شرعيته‭ ‬الخاصة‭ ‬على‭ ‬ممارسات‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬باعتبارها‭ ‬تشكل‭ ‬الأساس‭ ‬الواقعي‭ ‬لحل‭ ‬القضية‭ ‬وفقاً‭ ‬لرؤية‭ ‬وردت‭ ‬في‭ ‬صفقة‭ ‬القرن‭. ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬طرح‭ ‬‮«‬الحل‭ ‬الاقتصادي‮»‬‭ ‬طرحاً‭ ‬اسرائيلياً‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬نتنياهو،‭ ‬لكن‭ ‬تبنته‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب،‭ ‬ومن‭ ‬بعدها‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن،‭ ‬باعتبار‭ ‬‮«‬الحل‭ ‬الاقتصادي‮»‬‭ ‬الحل‭ ‬الوحيد‭ ‬الممكن‭ ‬والمتاح‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة،‭ ‬وأن‭ ‬تحسين‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬السلطة،‭ ‬تبعد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬عن‭ ‬النضال‭ ‬الوطني‭ ‬التحرري،‭ ‬فكلما‭ ‬تحسن‭ ‬مستوى‭ ‬المعيشة‭ ‬لدى‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬كلما‭ ‬ابتعدوا‭ ‬عن‭ ‬اللجوء‭ ‬لاستخدام‭ ‬‮«‬العنف‮»‬،‭ ‬وساد‭ ‬الهدوء‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة،‭ ‬وكلما‭ ‬نجحت‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬‮«‬الإرهاب‮»‬‭.‬