قضايا فلسطينية أمام محكمة العدل الدولية، الجزء الثالث: حول الاحتلال والاستيطان والضم

سبتمبر 5, 2024

مرت‭ ‬57‭ ‬عاماً‭ ‬على‭ ‬الاحتلال‭ ‬المستمر‭ ‬للضفة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وقطاع‭ ‬غزة،‭ ‬تجاهل‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬خلالها‭ ‬الحقوق‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬الاستقلال‭ ‬وحق‭ ‬تقرير‭ ‬المصير،‭ ‬كما‭ ‬تهرب‭ ‬من‭ ‬مسؤولية‭ ‬حماية‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وتركهم‭ ‬لبطش‭ ‬وجبروت‭ ‬الاحتلال،‭ ‬وتذرع‭ ‬بعد‭ ‬اتفاقية‭ ‬أوسلو‭ ‬ـــــــ‭ ‬التي‭ ‬مضى‭ ‬عليها‭ ‬31‭ ‬عاماً‭ ‬دون‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬نتيجةـــــــ‭ ‬أن‭ ‬الاحتلال‭ ‬مؤقت،‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬عملية‭ ‬سياسية‭ ‬جارية‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬النزاع‭. ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الأعوام‭ ‬مضت،‭ ‬لتقول‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬أخيراً‭ ‬رأيها‭ ‬بخصوص‭ ‬الاحتلال‭ ‬وسياسة‭ ‬الاستيطان‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة،‭ ‬بأنها‭ ‬تنتهك‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وتتعارض‭ ‬مع‭ ‬المادة‭ ‬‮«‬49‮»‬‭ ‬من‭ ‬اتفاقية‭ ‬جنيف‭ ‬الرابعة،‭ ‬وقد‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬المستوطنات‭ ‬حتى‭ ‬بداية‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬نحو‭ ‬176‭ ‬مستوطنة‭ ‬و186‭ ‬بؤرة‭ ‬استيطانية،‭ ‬تؤوي‭ ‬800‭ ‬ألف‭ ‬مستوطناً‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقدس‭.‬

يحظر‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬ضم‭ ‬أي‭ ‬أجزاء‭ ‬من‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬وبتاريخ‭ ‬23‭/‬12‭/‬2016،‭ ‬أصدر‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬قراره‭ ‬الرقم‭ (‬2334‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬دعا‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬النشاط‭ ‬الاستيطاني‭ ‬غير‭ ‬القانوني،‭ ‬مع‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬حدود‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬وميّز‭ ‬القرار‭ ‬بوضوح‭ ‬بين‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل،‭ ‬والأراضي‭ ‬التي‭ ‬احتلتها‭ ‬عام‭ ‬1967‭. ‬

في‭ ‬الحادي‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬تشرين‭ ‬الثاني‭/ ‬نوفمبر‭ ‬2022،‭ ‬كانت‭ ‬اللجنة‭ ‬الرابعة‭ ‬للجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬الخاصة‭ ‬ـــــــ‭ ‬بالمسائل‭ ‬السياسية،‭ ‬وإنهاء‭ ‬الاستعمارـــــــ‭ ‬قد‭ ‬اعتمدت‭ ‬مشروع‭ ‬قرار‭ ‬قدمته‭ ‬دولة‭ ‬فلسطين‭ ‬لطلب‭ ‬فتوى‭ ‬قانونية،‭ ‬ورأي‭ ‬استشاري‭ ‬من‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية،‭ ‬حول‭ ‬الآثار‭ ‬القانونية‭ ‬الناشئة‭ ‬عن‭ ‬انتهاك‭ ‬إسرائيل‭ ‬المستمر‭ ‬لحق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬المصير،‭ ‬وعن‭ ‬احتلالها‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‭ ‬للأرض‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬واستيطانها‭ ‬وضمها،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬التدابير‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬التكوين‭ ‬الديمغرافي‭ ‬لمدينة‭ ‬القدس‭ ‬وطابعها‭ ‬ووضعها،‭ ‬وكيفية‭ ‬تأثير‭ ‬سياسات‭ ‬إسرائيل‭ ‬وممارساتها‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬القانوني‭ ‬للاحتلال،‭ ‬والآثار‭ ‬القانونية‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬بالنسبة‭ ‬لجميع‭ ‬الدول‭ ‬والأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

وكانت‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬قد‭ ‬طلبت‭ ‬من‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬إصدار‭ ‬رأي‭ ‬استشاري‭ ‬في‭ ‬التبعات‭ ‬القانونية‭ ‬الناشئة‭ ‬عن‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬وكيف‭ ‬تؤثر‭ ‬ممارسات‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬القانوني‭ ‬للاحتلال؟‭. ‬وما‭ ‬هي‭ ‬التبعات‭ ‬القانونية‭ ‬لهذا‭ ‬الوضع‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬الدول‭ ‬والأمم‭ ‬المتحدة؟‭. ‬هذا‭ ‬قبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬ونصف،‭ ‬أي‭ ‬قبل‭ ‬اندلاع‭ ‬حرب‭ ‬غزة‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬تسعة‭ ‬شهور،‭ ‬وتحديداً‭ ‬في‭ ‬30‭ ‬كانون‭ ‬الأول‭/ ‬ديسمبر‭ ‬2022‭.‬

الحقوقية‭ ‬الجنوب‭ ‬أفريقية‭ ‬نافي‭ ‬بيلاي،‭ ‬المفوض‭ ‬السامي‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬أوصت‭ ‬بطلب‭ ‬الرأي‭ ‬الاستشاري‭ ‬من‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬حول‭ ‬ماهية‭ ‬وجود‭ ‬الاحتلال‭ ‬الاستعماري‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬دولة‭ ‬فلسطين،‭ ‬والآثار‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الاحتلال،‭ ‬والممارسات‭ ‬غير‭ ‬القانونية‭ ‬المرتبطة‭ ‬به،‭ ‬أما‭ ‬دور‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬فقد‭ ‬أكدت‭ ‬في‭ ‬اجتماع‭ ‬القمة،‭ ‬على‭ ‬حث‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬وجميع‭ ‬الدول‭ ‬المتمسكة‭ ‬بقيم‭ ‬العدالة‭ ‬ومبادئ‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬على‭ ‬مساندة‭ ‬دولة‭ ‬فلسطين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المسعى،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬مرافعات‭ ‬قانونية‭ ‬خطية‭ ‬للمحكمة،‭ ‬ومرافعات‭ ‬شفوية‭ ‬وفق‭ ‬إعلان‭ ‬المحكمة‭.‬

بعد‭ ‬مناقشات‭ ‬المحكمة‭ ‬حول‭ ‬تحديد‭ ‬الأراضي‭ ‬والأماكن‭ ‬الواقعة‭ ‬تحت‭ ‬الاحتلال‭ ‬الصهيوني،‭ ‬اعتبرت‭ ‬المحكمة‭ ‬الأراضي‭ ‬الواقعة‭ ‬بعد‭ ‬الخط‭ ‬الأخضر‭ ‬والحدود‭ ‬الشرقية‭ ‬لفلسطين‭ ‬الانتدابية‭ ‬أراض‭ ‬محتلة،‭ ‬وفقاً‭ ‬لأحكام‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬العرفي،‭ ‬كما‭ ‬يتجلى‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬42‭ ‬من‭ ‬لائحة‭ ‬لاهاي‭ ‬المتعلقة‭ ‬بقوانين‭ ‬وأعراف‭ ‬الحرب‭ ‬البرية‭ ‬لسنة‭ ‬1907،‭ ‬حيث‭ ‬احتل‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬1967‭ ‬القسم‭ ‬المتبقي‭ ‬من‭ ‬فلسطين‭ ‬التاريخية‭ ‬عقب‭ ‬الصراع‭ ‬المسلح‭ ‬بين‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬والأردن،‭ ‬وهو‭ ‬القسم‭ ‬الواقع‭ ‬بين‭ ‬الخط‭ ‬الأخضر‭ ‬والحدود‭ ‬الشرقية‭ ‬السابقة‭ ‬لفلسطين‭ ‬الانتدابية،‭ ‬وحيث‭ ‬يتمتع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬فيها‭ ‬بوضع‭ ‬‮«‬السلطة‭ ‬القائمة‭ ‬بالاحتلال‮»‬‭. ‬وخلصت‭ ‬المحكمة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأراضي‭ ‬المذكورة‭ ‬جميعها،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية،‭ ‬تظل‭ ‬مناطق‭ ‬محتلة،‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬يحمل‭ ‬فيها‭ ‬صفة‭ ‬القوة‭ ‬المحتلة،‭ ‬وأن‭ ‬الأحداث‭ ‬التي‭ ‬جرت‭ ‬عقب‭ ‬هذا‭ ‬التاريخ‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬كلها‭ ‬لم‭ ‬تغير‭ ‬من‭ ‬كونها‭ ‬أراضي‭ ‬محتلة،‭ ‬وأن‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬أي‭ ‬اتفاق‭ ‬يقلب‭ ‬وضعها‭ ‬القانوني‭ ‬هذا‭ ‬يعد‭ ‬باطلاً‭.‬

هذا‭ ‬الأمر‭ ‬له‭ ‬دلالة‭ ‬قانونية‭ ‬وعملية‭ ‬مهمة،‭ ‬فهذا‭ ‬التحديد‭ ‬القانوني‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬المحكمة‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬الوضعي‭ ‬الراهن‭ ‬يتعين‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ركناً‭ ‬أساسياً‭ ‬ومحورياً‭ ‬لأية‭ ‬تسوية‭ ‬مستقبلية‭ ‬للصراع‭ ‬العربي‭ ‬ـــــــ‭ ‬الصهيوني‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المفاوضات،‭ ‬فهذه‭ ‬الأخيرة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تبدأ‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬القانونية‭ ‬لا‭ ‬من‭ ‬الفكرة‭ ‬الصهيونية‭ ‬التي‭ ‬تروجها‭ ‬حكومات‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬المتعاقبة،‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬الأراضي‭ ‬المذكورة‭ ‬ليست‭ ‬محتلة،‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬الأراضي‭ ‬المتنازع‭ ‬بشأنها‭. ‬

وفي‭ ‬جلسات‭ ‬الاستماع‭ ‬التي‭ ‬عقدت‭ ‬بين‭ ‬19‭ ‬و26‭ ‬شباط‭/  ‬فبراير‭ ‬2024،‭ ‬عرضت‭ ‬49‭ ‬دولة،‭ ‬وجهات‭ ‬نظرها‭ ‬بشأن‭ ‬شرعية‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لفلسطين‭ ‬ـــــــ‭ ‬أي‭ ‬بعد‭ ‬نحو‭ ‬4‭ ‬شهور‭ ‬ونصف‭ ‬من‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الهمجي‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬منذ‭ ‬7‭ ‬تشرين‭ ‬الأول‭ /‬أكتوبر‭ ‬2023ـــــــ‭ ‬استمع‭ ‬القضاة‭ ‬إلى‭ ‬55‭ ‬مداخلة‭ ‬مكتوبة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬والمنظمات‭ ‬الدولية،‭ ‬الأغلبية‭ ‬الساحقة‭ ‬منها‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬الاحتلال‭ ‬مخالف‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وتدعو‭ ‬المحكمة‭ ‬إلى‭ ‬الإقرار‭ ‬بذلك،‭ ‬وحددوا‭ ‬نطاق‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬القضاة،‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭ ‬إلى‭ ‬الفصل‭ ‬العنصري‭. ‬

لم‭ ‬تحضر‭ ‬إسرائيل‭ ‬الجلسات،‭ ‬واكتفت‭ ‬بمرافعة‭ ‬مكتوبة،‭ ‬واستبقت‭ ‬انطلاق‭ ‬جلسات‭ ‬الاستماع‭ ‬في‭ ‬شباط‭/ ‬فبراير،‭ ‬بإصدارها‭ ‬بياناً‭ ‬تقول‭ ‬فيه‭ ‬إنها‭ ‬لا‭ ‬تعترف‭ ‬بشرعية‭ ‬جلسات‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬هذه،‭ ‬ووصفت‭ ‬الخطوة،‭ ‬التي‭ ‬بادرت‭ ‬بها‭ ‬دولة‭ ‬فلسطين‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬بأنها‭ ‬محاولة‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬لإملاء‭ ‬نتائج‭ ‬التسوية‭ ‬السياسية‭ ‬للنزاع‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬والفلسطينيين،‭ ‬دون‭ ‬مفاوضات‭.‬

ومساء‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة،‭ ‬19‭/‬7‭ / ‬2024‭ ‬بدأت‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬جلستها‭ ‬العلنية‭ ‬لإعلان‭ ‬رأيها‭ ‬الاستشاري‭ ‬بشأن‭ ‬التبعات‭ ‬القانونية‭ ‬للاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬بطلب‭ ‬من‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لإبداء‭ ‬رأيها‭ ‬في‭ ‬سياسات‭ ‬وممارسات‭ ‬إسرائيل‭ ‬تجاه‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وفي‭ ‬الوضع‭ ‬القانوني‭ ‬لاحتلال‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقدس‭ ‬الشرقية‭ ‬وغزة،‭ ‬وتعتبر‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬غزة‭ ‬ضمن‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تحت‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬في‭ ‬العام‭  ‬2005‭ ‬أعادت‭ ‬إسرائيل‭ ‬انتشار‭ ‬قواتها‭ ‬حول‭ ‬غزة،‭ ‬وفرضت‭ ‬حصاراً‭ ‬شاملاً‭ ‬على‭ ‬القطاع،‭ ‬ويلزم‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬إسرائيل‭ ‬باعتبارها‭ ‬قوة‭ ‬احتلال‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقدس‭ ‬الشرقية‭ ‬وغزة،‭ ‬بحماية‭ ‬السكان‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تحتلها‭. ‬

واعتبرت‭ ‬المحكمة‭ ‬سياسة‭ ‬الاستيطان‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭ ‬والإجراءات‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬تغيير‭ ‬الوضع‭ ‬التاريخي‭ ‬والقانوني‭ ‬ـــــــ‭ ‬القائم‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وغزة‭ ‬والقدس‭ ‬الشرقية‭ ‬ـــــــ‭ ‬غير‭ ‬شرعية‭. ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬مبرر‭ ‬لتطبيق‭ ‬القانون‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬وقالت‭ ‬المحكمة‭ ‬إنها‭ ‬غير‭ ‬مقتنعة‭ ‬بأن‭ ‬توسيع‭ ‬القانون‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ليشمل‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقدس‭ ‬الشرقية‭ ‬له‭ ‬ما‭ ‬يسوغه،‭ ‬وإن‭ ‬السياسات‭ ‬والممارسات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ترقى‭ ‬إلى‭ ‬ضم‭ ‬فعلي‭ ‬لأجزاء‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة،‭ ‬في‭ ‬انتهاك‭ ‬واضح‭ ‬لاتفاقية‭ ‬جنيف‭ ‬الرابعة‭. ‬وأضافت‭ ‬المحكمة‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬دلائل‭ ‬متعددة‭ ‬على‭ ‬منح‭ ‬حوافز‭ ‬للشركات‭ ‬والأشخاص‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬للانتقال‭ ‬إلى‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬حوافز‭ ‬أخرى‭ ‬للمستوطنين‭ ‬لتنمية‭ ‬مشاريعهم‭ ‬الزراعية‭ ‬والصناعية‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭. ‬وأضافت‭ ‬أن‭ ‬سياسة‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬استغلال‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬لا‭ ‬تتفق‭ ‬مع‭ ‬التزامها‭ ‬باحترام‭ ‬حق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬السيادة‭ ‬الدائمة‭ ‬على‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭.‬

وقال‭ ‬رئيس‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭: ‬إن‭ ‬‮«‬السياسات‭ ‬الاستيطانية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬غذت‭ ‬العنف‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‮»‬،‭ ‬وقد‭ ‬اتهمت‭ ‬المحكمة‭ ‬إسرائيل‭ ‬بأنها‭ ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬واجبها‭ ‬لحماية‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬عنف‭ ‬المستوطنين‭ ‬بالضفة،‭ ‬ومنعهم‭ ‬من‭ ‬ارتكاب‭ ‬أعمال‭ ‬عنف‭ ‬بحق‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬ومنذ‭ ‬بدء‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬صعَّد‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬والمستوطنون‭ ‬اعتداءاتهم‭ ‬بالضفة،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬مقتل‭ ‬576‭ ‬فلسطينيا،‭ ‬وإصابة‭ ‬نحو‭ ‬5‭ ‬آلاف‭ ‬و350،‭ ‬حسب‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬الفلسطينية‭.‬

‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬سرعت‭ ‬من‭ ‬إنشاء‭ ‬مستوطنات‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬والتي‭ ‬بلغت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬24‭ ‬ألف‭ ‬وحدة‭ ‬استيطانية‭. ‬وتصادق‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬بانتظام‭ ‬على‭ ‬قانونية‭ ‬البؤر‭ ‬الاستيطانية‭ ‬التي‭ ‬أقيمت‭ ‬في‭ ‬انتهاك‭ ‬واضح‭ ‬للقانون‭ ‬الذي‭ ‬يمنع‭ ‬نقل‭ ‬السكان‭ ‬بالأراضي‭ ‬المحتلة‭. ‬واعتبرت‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬ترحيل‭ ‬سكان‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬من‭ ‬أراضيهم‭ ‬كان‭ ‬قسرياً،‭ ‬نتيجة‭ ‬ممارسات‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬طرد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬خاصة‭ ‬المنطقة‭ ‬‮«‬ج‮»‬‭ ‬في‭ ‬الضفة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يخالف‭ ‬التزامات‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وأن‭ ‬مصادرة‭ ‬إسرائيل‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ومنحها‭ ‬للمستوطنين‭ ‬تخالف‭ ‬اتفاقية‭ ‬جنيف،‭ ‬وهذه‭ ‬المستوطنات‭ ‬غير‭ ‬شرعية‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬ونقل‭ ‬إسرائيل‭ ‬للمستوطنين‭ ‬إلى‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقدس،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬احتفاظ‭ ‬إسرائيل‭ ‬بوجودهم،‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭.‬

وبناء‭ ‬على‭ ‬طلب‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أصدرت‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬الرأي‭ ‬الاستشاري،‭ ‬أن‭ ‬المستوطنات‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقدس‭ ‬الشرقية‭ ‬غير‭ ‬قانونية،‭ ‬وأن‭ ‬إقامتها‭ ‬والإبقاء‭ ‬عليها‭ ‬هو‭ ‬انتهاك‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭. ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬ينتهي‭ ‬الوجود‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬غير‭ ‬الشرعي‭ ‬المستمر‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة،‭ ‬في‭ ‬أقرب‭ ‬وقت‭ ‬ممكن‭. ‬ويجب‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬عدم‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالوضع‭ ‬القانوني‭ ‬الناشئ‭ ‬عن‭ ‬الوجود‭ ‬غير‭ ‬الشرعي‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة،‭ ‬وعدم‭ ‬تقديم‭ ‬أي‭ ‬مساعدة‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يساعد‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬القائم‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭. ‬وينبغي‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وخاصة‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة،‭ ‬التي‭ ‬طلبت‭ ‬الرأي،‭ ‬ومجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬عدم‭ ‬الاعتراف‭ ‬بشرعية‭ ‬الوضع‭ ‬القائم،‭ ‬والوجود‭ ‬غير‭ ‬الشرعي‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭. ‬وأن‭ ‬ينظروا‭ ‬في‭ ‬الطرائق‭ ‬الدقيقة،‭ ‬والإجراءات‭ ‬الإضافية،‭ ‬اللازمة‭ ‬لوضع‭ ‬حد‭ ‬في‭ ‬أسرع‭ ‬وقت‭ ‬ممكن‭ ‬للوجود‭ ‬غير‭ ‬القانوني‭ ‬لدولة‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭. ‬

ويتوجب‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬الوقف‭ ‬الفوري‭ ‬لأي‭ ‬نشاط‭ ‬استيطاني‭ ‬جديد،‭ ‬وإخراج‭ ‬كل‭ ‬المستعمرين‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭. ‬وتعتبر‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية،‭ ‬أن‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬تعويض‭ ‬الخسائر‭ ‬المادية‭ ‬والمعنوية‭ ‬للأفراد‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭. ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الرأي‭ ‬استشاري،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬تأثير‭ ‬أكبر‭ ‬على‭ ‬الرأي‭ ‬الدولي‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬ببناء‭ ‬إسرائيل‭ ‬للمستوطنات‭.‬

استبقت‭ ‬إسرائيل‭ ‬يوم‭ ‬17‭/‬7‭/‬2024‭ ‬إعلان‭ ‬الرأي‭ ‬الاستشاري‭ ‬لمحكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬بقرار‭ ‬مررته‭ ‬عبر‭ ‬الكنيست‭ ‬بالأغلبية‭ ‬يرفض‭ ‬أي‭ ‬تأسيس‭ ‬لدولة‭ ‬فلسطينية،‭ ‬أيد‭ ‬القرار‭ ‬68‭ ‬عضواً،‭ ‬بينما‭ ‬عارضه‭ ‬9‭ ‬نواب‭ ‬فقط،‭ ‬متذرعين‭ ‬أن‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬ستستولي‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وتحولها‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬قاعدة‭ ‬إرهابية‭ ‬إسلامية‭ ‬متطرفة‮»‬‭.‬

بما‭ ‬يخص‭ ‬القدس،‭ ‬اعتبرت‭ ‬المحكمة‭ ‬أن‭ ‬ممارسات‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية‭ ‬خلقت‭ ‬وضعاً‭ ‬يعجز‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬عن‭ ‬العيش‭ ‬في‭ ‬ظله،‭ ‬طبقت‭ ‬اسرائيل‭ ‬قانونها‭ ‬الخاص‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية‭ ‬بعد‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬وتطبيق‭ ‬إسرائيل‭ ‬لقانونها‭ ‬المحلي‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬ترسيخ‭ ‬وتعزيز‭ ‬سيطرتها‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬توسيع‭ ‬المستوطنات‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬والقدس،‭ ‬وإقامة‭ ‬الجدار‭ ‬العازل،‭ ‬يعزز‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال،‭ ‬والمحكمة‭ ‬تعتبر‭ ‬الممارسات‭ ‬والسياسات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭ ‬ضماً‭ ‬دائماً‭ ‬لهما،‭ ‬وأن‭ ‬معاملة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بطريقة‭ ‬مختلفة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تعد‭ ‬تمييزاً‭ ‬عنصرياً‭. ‬وإسرائيل‭ ‬تخلت‭ ‬عن‭ ‬التزاماتها‭ ‬في‭ ‬معاهدة‭ ‬مكافحة‭ ‬التمييز‭ ‬العنصري‭ ‬المبرمة‭ ‬عام‭ ‬1965،‭ ‬ولم‭ ‬تقم‭ ‬بواجباتها‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬وفق‭ ‬معاهدة‭ ‬1959‭ ‬بشأن‭ ‬معاملة‭ ‬المدنيين‭ ‬بزمن‭ ‬الحرب‭.‬

فتوى‭ ‬المحكمة‭ ‬هذا‭ ‬استشاري،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬هام‭ ‬جداً،‭ ‬يعقبه‭ ‬قيام‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بإحالة‭ ‬الفتوى‭ ‬إلى‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬التي‭ ‬طلبت‭ ‬مشورة‭ ‬المحكمة،‭ ‬والجمعية‭ ‬العامة‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬يقرر‭ ‬الإجراءات‭ ‬التنفيذية‭ ‬لقرار‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية،‭ ‬والتوقعات‭ ‬تشير‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬ستستمر‭ ‬في‭ ‬سياساتها‭ ‬المتعنتة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الموقف‭ ‬الأميركي‭ ‬المساند‭ ‬لهذه‭ ‬السياسات،‭ ‬والساعي‭ ‬إلى‭ ‬تعطيل‭ ‬اتخاذ‭ ‬أي‭ ‬قرار‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬أو‭ ‬أية‭ ‬تدابير‭ ‬إضافية‭ ‬لوضع‭ ‬حد‭ ‬للوجود‭ ‬غير‭ ‬الشرعي‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭. ‬

قال‭ ‬المحامي‭ ‬فيليب‭ ‬ساندز‭ ‬العضو‭ ‬في‭ ‬الفريق‭ ‬القانوني‭ ‬الفلسطيني‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬المعروضة‭ ‬على‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬لها‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬القانونية‭ ‬في‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬حل،‭ ‬وقد‭ ‬يشكل‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬دافعاً‭ ‬للمفاوضات،‭ ‬ويرسي‭ ‬معايير‭ ‬قانونية‭ ‬للتسوية‭ ‬التفاوضية‭ ‬مستقبلاً،‭ ‬وإذا‭ ‬قررت‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬بأن‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬مخالف‭ ‬للقانون‭ ‬فإنها‭ ‬ستطلب‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الهيئات‭ ‬والدول‭ ‬الامتناع‭ ‬عن‭ ‬مساعدة‭ ‬أو‭ ‬دعم‭ ‬الوضع‭ ‬الحالي‭.‬

تباينت‭ ‬مواقف‭ ‬الدول‭ ‬بين‭ ‬مرحب‭ ‬ومحذر‭ ‬ومندد،‭ ‬إسرائيل‭ ‬نددت‭ ‬بالقرار،‭ ‬وقال‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭: ‬إن‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬اتخذت‭ ‬قراراً‭ ‬كاذباً،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬توصلت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬السياسات‭ ‬والممارسات‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬ترقى‭ ‬إلى‭ ‬ضم‭ ‬أجزاء‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭.‬

ودعت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬المحكمة‭ ‬إلى‭ ‬توخي‭ ‬الحذر‭ ‬وإبداء‭ ‬رأي‭ ‬متوازن،‭ ‬وتجنب‭ ‬إصدار‭ ‬رأي‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬انسحاب‭ ‬فوري‭ ‬وغير‭ ‬مشروط‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬لا‭ ‬يأخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬حاجاتها‭ ‬الأمنية‭ ‬المشروعة‭.‬

ورحبت‭ ‬الرئاسة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بقرار‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬واعتبرته‭ ‬قراراً‭ ‬تاريخياً،‭ ‬مطالبة‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬بإلزام‭ ‬إسرائيل‭ ‬بتنفيذه،‭ ‬أما‭ ‬وزير‭ ‬خارجية‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬فقال‭: ‬إن‭ ‬شعبه‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬الاحتلال‭ ‬الاستيطاني‭ ‬والفصل‭ ‬العنصري،‭ ‬وأن‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الطويل‭ ‬والمتواصل‭ ‬لفلسطين‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬إلغاء‭ ‬فلسطين‭ ‬من‭ ‬الوجود،‭ ‬وإلى‭ ‬تدمير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬تدميراً‭ ‬شاملاً‭. ‬

ورحبت‭ ‬مصر‭ ‬بصدور‭ ‬الرأي‭ ‬الاستشاري‭ ‬لمحكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية،‭ ‬وطالبت‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭ ‬الدولية‭ ‬باحترامه‭ ‬وتنفيذه،‭ ‬والمساعدة‭ ‬في‭ ‬تمكين‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬ممارسة‭ ‬حقه‭ ‬الشرعي‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مصيره،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬المعاناة‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬يتعرض‭ ‬لها،‭ ‬محملة‭ ‬المسؤولية‭ ‬الجماعية‭ ‬لكافة‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬إنهاء‭ ‬تلك‭ ‬المعاناة،‭ ‬لاسيما‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وقف‭ ‬الانتهاكات‭ ‬والاعتداءات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الجارية‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬إدخال‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬لمواجهة‭ ‬الكارثة‭ ‬الإنسانية‭ ‬المتفاقمة‭ ‬في‭ ‬القطاع‭.‬

ورحبت‭ ‬الأردن‭ ‬بالقرار‭ ‬الذي‭ ‬يعكس‭ ‬الإرادة‭ ‬الدولية،‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬حق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مصيره‭ ‬وإقامة‭ ‬دولته‭ ‬المستقلة‭ ‬ذات‭ ‬السيادة،‭ ‬وطالبت‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬عدم‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالوضع‭ ‬الناشئ‭ ‬عن‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة،‭ ‬وعدم‭ ‬تقديم‭ ‬العون‭ ‬أو‭ ‬المساعدة‭ ‬لاستمراره‭. ‬

بدت‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬اليمين‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬متحاملاً‭ ‬على‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬رافضاً‭ ‬لقرارها،‭ ‬متحدياً‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وزير‭ ‬المالية‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بتسلئيل‭ ‬سموتريتش‭ ‬دعا‭ ‬إلى‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬لاهاي‭ ‬باتخاذ‭ ‬خطوات‭ ‬ــــــــ‭ ‬الآن‭ ‬ـــــــ‭ ‬لضم‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬وفرض‭ ‬السيادة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬عليها‭.‬

أما‭ ‬وزير‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬إيتمار‭ ‬بن‭ ‬غفير،‭ ‬فقال‭: ‬إن‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬لاهاي‭ ‬يثبت‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬منظمة‭ ‬سياسية‭ ‬ومعادية‭ ‬للسامية‭ ‬بشكل‭ ‬صارخ‭.‬

من‭ ‬جهته‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬على‭ ‬الأطراف‭ ‬إعادة‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬المسار‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬طال‭ ‬انتظاره‭ ‬نحو‭ ‬إنهاء‭ ‬الاحتلال،‭ ‬وحل‭ ‬الصراع،‭ ‬بما‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وقرارات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭. ‬

رحبت‭ ‬الجبهة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬لتحرير‭ ‬فلسطين‭ ‬بالقرار‭ ‬الاستشاري‭ ‬لمحكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬بشأن‭ ‬أوضاع‭ ‬الاحتلال‭ ‬والاستيطان‭ ‬باعتبارهما‭ ‬مخالفات‭ ‬صارخة‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬واعتداءً‭ ‬على‭ ‬السيادة‭ ‬الوطنية‭ ‬لشعبنا‭ ‬الفلسطيني‭.‬

إن‭ ‬القرار‭ ‬الاستشاري‭ ‬لمحكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬يشكل‭ ‬مكسباً‭ ‬سياسياً‭ ‬كبيراً‭ ‬لشعبنا‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬دفع‭ ‬ثمنه‭ ‬غالياً‭ ‬في‭ ‬مقاومته‭ ‬للاحتلال‭ ‬والاستيطان‭ ‬وتضحياته‭ ‬الكبرى‭ ‬دفاعاً‭ ‬عن‭ ‬أرضه‭ ‬وكرامته‭ ‬الوطنية‭ ‬وحقوقه‭ ‬الوطنية‭ ‬المشروعة‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭ ‬والاستقلال‭ ‬والعودة‭ ‬وإنهاء‭ ‬الاحتلال‭ ‬والاستيطان‭ ‬بكل‭ ‬تعابيره‭ ‬ومظاهره‭.‬

وعلى‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬مع‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬التطبيع‭ ‬معها‭ ‬وطرد‭ ‬سفرائها‭ ‬واستدعاء‭ ‬السفراء‭ ‬العرب‭ ‬من‭ ‬إسرائيل‭. ‬وعلى‭ ‬القيادة‭ ‬السياسية‭ ‬للسلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬النموذج‭ ‬لدول‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬قرار‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬بإعادة‭ ‬النظر‭ ‬بعلاقاتها‭ ‬مع‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال،‭ ‬وتطبيق‭ ‬قرارات‭ ‬المجلسين‭ ‬الوطني‭ ‬والمركزي،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬سحب‭ ‬الاعتراف‭ ‬بدولة‭ ‬الاحتلال،‭ ‬ووقف‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬التنسيق‭ ‬الأمني‭ ‬معها،‭ ‬وفك‭ ‬الارتباط‭ ‬بالاقتصاد‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

إن‭ ‬صون‭ ‬قرارات‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية،‭ ‬وإعلاء‭ ‬شأنها،‭ ‬يستدعي‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الوطني‭ ‬الفلسطيني‭ ‬تبني‭ ‬استراتيجية‭ ‬كفاحية‭ ‬بديلة‭ ‬لاستراتيجية‭ ‬أوسلو‭ ‬وملحقاتها‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اعتماد‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬المقاومة‭ ‬سبيلاً‭ ‬إلى‭ ‬إنهاء‭ ‬الاحتلال‭ ‬وإقامة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المستقلة‭ ‬كاملة‭ ‬السيادة‭ ‬وعاصمتها‭ ‬القدس،‭ ‬على‭ ‬حدود‭ ‬4‭ ‬حزيران‭/ ‬يونيو‭ ‬1967‭.‬