«اسرائيل الديمقراطية».. انتهت!

سبتمبر 2, 2024

منذ‭ ‬اليوم‭ ‬اليوم‭ ‬لنشأتها،‭ ‬قدمت‭ ‬الحركة‭ ‬الصهيونية‭ ‬اسرائيل‭ ‬الى‭ ‬العالم‭ ‬الغربي‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬واحة‭ ‬ديمقراطية‮»‬‭ ‬في‭ ‬محيط‭ ‬عربي‭ ‬وشرق‭ ‬اوسطى‭ ‬استبدادي‭ ‬لا‭ ‬يؤمن‭ ‬بالديمقراطية‭ ‬وقيمها‭ ‬ولا‭ ‬يعرف‭ ‬سوى‭ ‬الانقلابات‭ ‬العسكرية‭ ‬طريقا‭ ‬الى‭ ‬السلطة‭ ‬والحياة‭ ‬العامة،‭ ‬لذلك‭ ‬وجب‭ ‬على‭ ‬الغرب‭ ‬ان‭ ‬يوفر‭ ‬لهذه‭ ‬الديمقراطية‭ ‬كل‭ ‬اشكال‭ ‬الدعم،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬المسار‭ ‬الدموي‭ ‬الذي‭ ‬سلكته‭ ‬لتثبيت‭ ‬دعائم‭ ‬وجودها‭ ‬،‭ ‬وهو‭ ‬مسار‭ ‬يفترض‭ ‬نظريا‭ ‬انه‭ ‬يتعاكس‭ ‬مع‭ ‬القيم‭ ‬التي‭ ‬يزعم‭ ‬هذا‭ ‬الغرب‭ ‬انه‭ ‬يدافع‭ ‬عنها،‭ ‬وهذا‭ ‬امر‭ ‬تنبهت‭ ‬له‭ ‬الحركة‭ ‬الصهيونية‭ ‬بشكل‭ ‬مبكر،‭ ‬فأحاطت‭ ‬سرديتها‭ ‬بمظلومية‭ ‬تاريخية‭ ‬لا‭ ‬زالت‭ ‬متواصلة‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭.‬

وبعيدا‭ ‬عن‭ ‬اعتبارات‭ ‬الغرب‭ ‬الاستعماري‭ ‬والامبريالي‭ ‬في‭ ‬قبول‭ ‬هذا‭ ‬التوصيف‭ ‬وحيثياته،‭ ‬ورغم‭ ‬ان‭ ‬الانظمة‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬والعالمثالثية‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬كانت‭ ‬محصلة‭ ‬لواقع‭ ‬زرعت‭ ‬بذوره‭ ‬الدول‭ ‬الاستعمارية‭ ‬نفسها،‭ ‬عبر‭ ‬قوانين‭ ‬وسياسات‭ ‬واعراف‭ ‬كرست‭ ‬واقف‭ ‬التخلف‭ ‬والتبعية‭ ‬المنزوعة‭ ‬من‭ ‬اية‭ ‬ضوابط،‭ ‬بهدف‭ ‬احكام‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬حديثة‭ ‬النشأة‭ ‬لجعلها‭ ‬اسيرة‭ ‬الارتهان‭ ‬والتبعية‭ ‬الابدية‭ ‬لتلك‭ ‬الدول،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬الحركة‭ ‬الصهيونية‭ ‬مختلفا،‭ ‬لجهة‭ ‬دعم‭ ‬مشروعها‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬خاصة‭ ‬بيهود‭ ‬العالم،‭ ‬وهو‭ ‬العامل‭ ‬الاول‭ ‬الذي‭ ‬يفسر‭ ‬اسباب‭ ‬حماسة‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬لوجود‭ ‬اسرائيل‭ ‬وجعلها‭ ‬مختلفة،‭ ‬نظريا،‭ ‬عن‭ ‬المحيط‭ ‬الذي‭ ‬ساهمت‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬نشأته‭.‬

واذا‭ ‬كانت‭ ‬السمة‭ ‬العامة‭ ‬للواقع‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الاوسط‭ ‬تحديدا‭ ‬هو‭ ‬غياب‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والتعددية‭ ‬السياسية‭ ‬والحزبية‭ ‬وغياب‭ ‬التنمية‭ ‬والعدالة‭ ‬الاجتماعية‭… ‬فان‭ ‬الغرب‭ ‬الاستعماري‭ ‬لا‭ ‬يتحمل‭ ‬فقط‭ ‬مسؤولية‭ ‬مباشرة‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬تأصيله‭ ‬وتحوله‭ ‬الى‭ ‬مؤسسة‭ ‬تشكل‭ ‬عائقا‭ ‬امام‭ ‬اي‭ ‬محاولات‭ ‬تسعى‭ ‬الى‭ ‬التغيير،‭ ‬وقد‭ ‬بات‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬التفاهم‭ ‬او‭ ‬العقد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الاستعمارية‭ ‬والنظام‭ ‬الرسمي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬مفاده‭: ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬يضمن‭ ‬الابقاء‭ ‬على‭ ‬الواقع‭ ‬الراهن‭ ‬لجهة‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬مصالح‭ ‬الدول‭ ‬الاستعمارية‭ ‬وقمع‭ ‬اية‭ ‬حركات‭ ‬تغييرية‭ ‬تحررية‭ ‬تدعو‭ ‬الى‭ ‬الانفصال‭ ‬والتحرر‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬الاستعمار،‭ ‬باتجاه‭ ‬دول‭ ‬ديمقراطية‭ ‬مدنية‭ ‬تحترم‭ ‬مواطنيها‭ ‬في‭ ‬اطار‭ ‬تعددية‭ ‬تحترم‭ ‬القانون‭ ‬والنظام‭ ‬او‭ ‬بسياسات‭ ‬جديدة‭ ‬يتم‭ ‬صياغتها‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الاسس‭ ‬التي‭ ‬رسمها‭ ‬النظام‭ ‬الدولي،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬حقيقة‭ ‬التحالف‭ ‬غير‭ ‬المعلن‭ ‬بين‭ ‬النظام‭ ‬الرسمي‭ ‬العربي‭ ‬مثلا‭ ‬واسرائيل‭ ‬رغم‭ ‬الاختلافات‭ ‬التي‭ ‬تصل‭ ‬الى‭ ‬درجة‭ ‬التناقض‭ ‬بين‭ ‬الطرفين،‭ ‬وفي‭ ‬مقابل‭ ‬ذلك‭  ‬تتعهد‭ ‬الدول‭ ‬الاستعمارية‭ ‬بدعم‭ ‬هذه‭ ‬الانظمة‭ ‬سياسيا‭ ‬واقتصاديا،‭ ‬وبعدم‭ ‬اثارة‭ ‬قضايا‭ ‬مثل‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وحقوق‭ ‬الانسان‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬عناوين‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تتخذ‭ ‬كذرائع‭ ‬للتدخل‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬الدول‭..‬

العامل‭ ‬الثاني‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬اغفاله‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬نشأة‭ ‬اسرائيل،‭ ‬هو‭ ‬حاجة‭ ‬الغرب‭ ‬الاستعمارية‭ ‬لنقطة‭ ‬ارتكاز‭ ‬تضمن‭ ‬له‭ ‬مصالحه‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬الاستعمار‭ ‬المباشر،‭ ‬وتكون‭ ‬هذه‭ ‬النقطة‭ ‬هي‭ ‬عين‭ ‬الغرب‭ ‬ويده‭ ‬الطولى‭ ‬في‭ ‬قمع‭ ‬اية‭ ‬حركة‭ ‬تحررية‭ ‬تتمرد‭ ‬على‭ ‬الواقع‭ ‬الذي‭ ‬زرعه‭ ‬الاستعمار‭ ‬نفسه‭ ‬بعد‭ ‬مغادرته،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬ايضا‭ ‬اسباب‭ ‬مسارعة‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬اسرائيل‭ ‬بعد‭ ‬عملية‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الاقصى‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬ابرزت‭ ‬حقيقة‭ ‬ان‭ ‬اسرائيل‭ ‬اصبحت‭ ‬عاجزة‭ ‬عن‭ ‬حماية‭ ‬نفسها‭ ‬فكيف‭ ‬لها‭ ‬حماية‭ ‬المصالح‭ ‬الغربية،‭ ‬الامر‭ ‬الي‭ ‬دفعها‭ ‬لأن‭ ‬تأتي‭ ‬بأساطيلها‭ ‬وبوارجها‭ ‬الحربية‭ ‬كي‭ ‬تتكفل‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬هذه‭ ‬المصالح،‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ ‬‮«‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬اسرائيل‮»‬‭..‬

العامل‭ ‬الثالث‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬اهمية‭ ‬هو‭ ‬خلاص‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬خاصة‭ ‬الاوروبية،‭ ‬من‭ ‬مشكلة‭ ‬اطلق‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬‮«‬المسألة‭ ‬اليهودية‮»‬‭ ‬بكل‭ ‬المبالغات‭ ‬والتشويش‭ ‬الذي‭ ‬تعرض‭ ‬له‭ ‬اليهود‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الدول،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬المانيا‭ ‬الهتلرية،‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬قضية‭ ‬الخلاص‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المسألة‭ ‬بتصديرها‭ ‬الى‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬اولوية‭ ‬لدى‭ ‬عدد‭ ‬واسع‭ ‬من‭ ‬الاحزاب‭ ‬والنخب‭ ‬وسياسيي‭ ‬الغرب،‭ ‬الذين‭ ‬اعتقدوا‭ ‬انهم‭ ‬بدعم‭ ‬مطالب‭ ‬الحركة‭ ‬الصهيونية‭ ‬ومخططاتها،‭ ‬انما‭ ‬يتخلصون‭ ‬من‭ ‬‮«‬عذاب‭ ‬ضمير‮»‬،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬يبعدون‭ ‬عنهم‭ ‬مشكلة‭ ‬كانت‭ ‬تكبر‭ ‬عاما‭ ‬بعد‭ ‬آخر‭..‬

لذلك‭ ‬وفي‭ ‬عودة‭ ‬الى‭ ‬الماضي،‭ ‬فان‭ ‬مسألة‭ ‬‮«‬العداء‭ ‬للسامية‮»‬‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬وليدة‭ ‬المسالة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬بل‭ ‬ان‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬كانت‭ ‬احدى‭ ‬النتائج‭ ‬التي‭ ‬تولدت‭ ‬عن‭ ‬الافكار‭ ‬العنصرية‭ ‬التي‭ ‬طرحتها‭ ‬الحركة‭ ‬الصهيونية‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر،‭ ‬وان‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬كان‭ ‬ضحية‭ ‬لهذه‭ ‬الافكار‭.. ‬وبالتالي‭ ‬فان‭ ‬الحاضنة‭ ‬الاساسية‭ ‬لشعار‭ ‬‮«‬العداء‭ ‬للسامية‮»‬‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬اوروبا،‭ ‬اما‭ ‬اليهود‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والاسلامية‭ ‬فلم‭ ‬يلمس‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ‭ ‬انهم‭ ‬عانوا‭ ‬من‭ ‬مظاهر‭ ‬كراهية‭.. ‬لذلك‭ ‬فمن‭ ‬غير‭ ‬المنطقي‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬بيئة‭ ‬حاضنة‭ ‬لما‭ ‬يسمى‭ ‬العداء‭ ‬للسامية،‭ ‬وجميع‭ ‬ابناؤها‭ ‬ساميون‭.. ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬ممارسات‭ ‬تتسم‭ ‬بالكراهية‭ ‬تجاه‭ ‬اليهود‭ ‬في‭ ‬الغرب،‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬نتيجة‭ ‬لمشكلة‭ ‬طورها‭ ‬الغرب‭ ‬نفسه‭ ‬وسماها‭ ‬المشكلة‭ ‬اليهودية،‭ ‬وهي‭ ‬قامت‭ ‬اساسا‭ ‬لأسباب‭ ‬تاريخية‭ ‬على‭ ‬علاقة‭ ‬بالمجتمعات‭ ‬الاوروبية‭ ‬التي‭ ‬كانوا‭ ‬يقيمون‭ ‬فيها‭ ‬وبالدور‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الذي‭ ‬لعبته‭ ‬بعض‭ ‬الفئات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬اليهودية،‭ ‬ولم‭ ‬يمثل‭ ‬اليهود‭ ‬في‭ ‬حينه‭ ‬مشكلة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للشعوب‭ ‬الشرقية‭.‬

لذلك‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬النظر‭ ‬الى‭ ‬‮«‬ديمقراطية‭ ‬اسرائيل‮»‬‭ ‬المزعومة‭ ‬الا‭ ‬في‭ ‬اطار‭ ‬الظروف‭ ‬التي‭ ‬رافقت‭ ‬نشأتها،‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬ارتبط‭ ‬وجود‭ ‬اسرائيل‭ ‬بفكر‭ ‬دموي‭ ‬اجرامي‭ ‬سيجته‭ ‬الدعاية‭ ‬الصهيونية‭ ‬بأساطير‭ ‬تاريخية‭ ‬ومزاعم‭ ‬دينية‭ ‬لتبرير‭ ‬سياسة‭ ‬المجازر‭ ‬التي‭ ‬ارتكبت‭ ‬ضد‭ ‬آلاف‭ ‬المدنيين‭ ‬الآمنين‭ ‬من‭ ‬ابناء‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭. ‬وبالتالي‭ ‬فان‭ ‬تقييم‭ ‬‮«‬الديمقراطية‭ ‬الاسرائيلية‮»‬،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يستقيم‭ ‬خارج‭ ‬اطار‭ ‬الافكار‭ ‬التي‭ ‬استندت‭ ‬اليها‭ ‬الحركة‭ ‬الصهونية‭ ‬في‭ ‬مشروعها،‭ ‬وخارج‭ ‬اطار‭ ‬عمليات‭ ‬الارهاب‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬العصابات‭ ‬الصهيونية،‭ ‬وبدعم‭ ‬مباشر‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬الاستعمارية،‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭..‬

فوفقا‭ ‬لمصادرهم،‭ ‬فان‭ ‬اليهود‭ ‬يستمدون‭ ‬‮«‬حقهم‭ ‬في‭ ‬فلسطين‮»‬‭ ‬من‭ ‬مصدرين‭ ‬اساسيين‭: ‬ديني‭ ‬وتاريخي‭. ‬وعلى‭ ‬هذين‭ ‬المصدرين‭ ‬بنيت‭ ‬كل‭ ‬الرواية‭ ‬التي‭ ‬نسجت‭ ‬خيوطها‭ ‬الحركة‭ ‬الصهيونية‭ ‬بحنكة‭ ‬وبالتواطؤ‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الاستعمارية‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة،‭ ‬والتي‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تداعياتها‭ ‬متواصلة‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬واحدى‭ ‬نماذجها‭ ‬شعار‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬معاداة‭ ‬السامية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬عرفت‭ ‬وشاع‭ ‬استخدامها‭ ‬قبل‭ ‬ان‭ ‬تطأ‭ ‬اقدام‭ ‬اليهود‭ ‬ارض‭ ‬فلسطين‭.‬

ولعل‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬يحمل‭ ‬اجابة‭ ‬هو‭: ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬بالمعنى‭ ‬الانساني‭ ‬والحقوقي‭ ‬بناء‭ ‬ديمقراطية،‭ ‬بمختلف‭ ‬اشكالها،‭ ‬على‭ ‬انقاض‭ ‬شعب‭ ‬وارض‭ ‬وارتكاب‭ ‬المجازر‭ ‬بحقه‭ ‬؟‭ ‬المنطق‭ ‬الاستعماري‭ ‬الامبريالي‭ ‬يجيب‭ ‬بنعم،‭ ‬ولنا‭ ‬في‭ ‬تجربة‭ ‬بناء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬نفسها‭ ‬خير‭ ‬مثال،‭ ‬وبمواقف‭ ‬وزيرة‭ ‬الخارجية‭ ‬الامريكية‭ ‬السابقة‭ ‬مادلين‭ ‬اولبرايت‭ ‬عندما‭ ‬قالت‭ ‬في‭ ‬تفسيرها‭ ‬لمقتل‭ ‬الملايين‭ ‬جوعا‭ ‬من‭ ‬اطفال‭ ‬العراق‭: ‬‮«‬ان‭ ‬الثمن‭ ‬يستحق‮»‬‭ ‬وايضا‭ ‬مواقف‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الامريكية‭ ‬كوندا‭ ‬ليزا‭ ‬رايس‭ ‬حين‭ ‬بررت‭ ‬قتل‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬لبنان‭ ‬بقولها‭: ‬‮«‬انه‭ ‬آلام‭ ‬مخاض‭ ‬لولادة‭ ‬شرق‭ ‬أوسط‭ ‬جديد‮»‬،‭ ‬وما‭ ‬يحدث‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزه‭ ‬يكاد‭ ‬يتطابق‭ ‬مع‭ ‬المشهدين‭ ‬العربيين‭ ‬السابقين‭..‬

وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬السردية‭ ‬الصهيونية‭ ‬وتساوق‭ ‬الغرب‭ ‬معها،‭ ‬فان‭ ‬‮«‬الديمقراطية‭ ‬الاسرائيلية‮»‬‭ ‬وما‭ ‬فعلته‭ ‬خلال‭ ‬عقود‭ ‬نشانها،‭ ‬لا‭ ‬يبدو‭ ‬انها‭ ‬جاءت‭ ‬منسجمة‭ ‬مع‭ ‬الافكار‭ ‬والمبادئ‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬الاستعمارية‭ ‬تعمل‭ ‬وفقا‭ ‬لها‭ ‬وتدافع‭ ‬عنها،‭ ‬رغم‭ ‬انها‭ ‬تبدو‭ ‬متناقضة‭ ‬في‭ ‬كافة‭ ‬تفاصيلها،‭ ‬حتى‭ ‬وان‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬منطقها‭ ‬وتفسيرها‭ ‬الخاص‭ ‬في‭ ‬دفاعها‭ ‬عن‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وحقوق‭ ‬الانسان‭ ‬وقيمهما‭. ‬فان‭ ‬أحداث‭ ‬نكبة‭ ‬فلسطين‭ ‬وما‭ ‬رافقها‭ ‬من‭ ‬عملية‭ ‬تطهير‭ ‬عرقي‭ ‬ومن‭ ‬تهجيراكثر‭ ‬من‭ ‬800‭ ‬ألف‭ ‬فلسطيني‭ ‬عن‭ ‬ارضهم‭ ‬وبيوتهم،‭ ‬تسقط‭ ‬المنطق‭ ‬المضلل‭ ‬الذي‭ ‬حاولت‭ ‬الحركة‭ ‬الصهيونية‭ ‬وبعض‭ ‬االدول‭ ‬الغربية‭ ‬ترويجه‭ ‬باعتبار‭ ‬‮«‬اسرائيل‭ ‬دولة‭ ‬ديمقراطية‭ ‬في‭ ‬محيط‭ ‬قمعي‭ ‬واستبدادي‮»‬،‭ ‬بينما‭ ‬الوقع‭ ‬الذي‭ ‬يتكرس‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬لحظة‭ ‬انها،‭ ‬بممارساتها‭ ‬وقوانينها‭ ‬واعرافها،‭ ‬هي‭ ‬دولة‭ ‬احتلال‭ ‬هو‭ ‬الاطول‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬ونظام‭ ‬فصل‭ ‬عنصري‭ ‬لا‭ ‬ينسجم‭ ‬مع‭ ‬الحد‭ ‬الادنى‭ ‬من‭ ‬القيم‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬عناوين‭ ‬تضع‭ ‬اسرائيل‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تمارس‭ ‬الارهاب‭ ‬في‭ ‬اسوأ‭ ‬اشكاله‭..  ‬

مشهدان‭ ‬منسجمان‭ ‬يؤكدان‭ ‬سقوط‭ ‬كذبة‭ ‬‮«‬اسرائيل‭ ‬دولة‭ ‬ديمقراطية‮»‬‭: ‬المشهد‭ ‬الاول‭ ‬حرب‭ ‬الابادة‭ ‬التي‭ ‬ترتكب‭ ‬ضد‭ ‬المنشآت‭ ‬المدنية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزه،‭ ‬والتي‭ ‬سقط‭ ‬بنتيجتها‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الشهداء‭ ‬والجرحة‭ ‬غالبيتهم‭ ‬من‭ ‬الاطفال‭ ‬والنساء‭. ‬فأي‭ ‬ديمقراطية‭ ‬هذه‭ ‬التي‭ ‬تجيز‭ ‬ارتكاب‭ ‬المجازر‭ ‬ضد‭ ‬آمنين،‭ ‬واي‭ ‬منطق‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يبرر‭ ‬القاء‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬70‭ ‬طنا‭ ‬من‭ ‬المتفجرات‭ ‬على‭ ‬بقعة‭ ‬جغرافية‭ ‬تعج‭ ‬بالسكان‭ ‬وتعتبر‭ ‬الاكثر‭ ‬كثافة‭ ‬في‭ ‬السكان‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭.. ‬والمشهد‭ ‬الثاني‭ ‬اسرائيلي‭ ‬داخلي،‭ ‬سواء‭ ‬قبل‭ ‬العدوان‭ ‬بما‭ ‬اصطلح‭ ‬على‭ ‬تسميته‭ ‬‮«‬صراع‭ ‬التعديلات‭ ‬القضائية‮»‬‭ ‬حيث‭ ‬برز‭ ‬واضحا‭ ‬ان‭ ‬احدى‭ ‬اسبابه‭ ‬الرئيسية‭ ‬هو‭ ‬مصالح‭ ‬شخصية‭ ‬لمسؤولين‭ ‬سياسيين‭ ‬يسعون‭ ‬الى‭ ‬تفصيل‭ ‬القوانين‭ ‬على‭ ‬مقاسهم‭ ‬الخاص،‭ ‬او‭ ‬لجهة‭ ‬الانقسام‭ ‬السياسي‭ ‬الراهن‭ ‬الذي‭ ‬يؤكد‭ ‬هشاشة‭ ‬وعجز‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬والديمقراطية‭ ‬في‭ ‬اسرائيل‭ ‬عن‭ ‬معالجة‭ ‬واقع‭ ‬مأزوم‭ ‬نتيجة‭ ‬تداعيات‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الاقصى‮»‬‭ ‬حيث‭ ‬تتحكم‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الفاشيين‭ ‬العنصريين‭ ‬بمصير‭ ‬ومستقبل‭ ‬ليس‭ ‬اليهود‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬مصير‭ ‬المنطقة‭ ‬باكملها‭..‬

الى‭ ‬جانب‭ ‬هذا‭ ‬وذاك،‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬للديمقراطية‭ ‬الغربية‭ ‬والاسرائيلية‭ ‬ان‭ ‬تبرر‭ ‬قتل‭ ‬العشرات‭ ‬من‭ ‬الصحفيفيين‭ ‬واستهداف‭ ‬مقراتهم،‭ ‬وقصف‭ ‬المستشفيات‭ ‬والمراكز‭ ‬الصحية‭ ‬والافران‭ ‬ودور‭ ‬العبادة‭ ‬ومراكز‭ ‬ايواء‭ ‬النازحين،‭ ‬واستهداف‭ ‬قوافل‭ ‬الاغاثة‭ ‬والمقرات‭ ‬الدولية‭ ‬خاصة‭ ‬مقرات‭ ‬وكالة‭ ‬الاونروا‭.‬‭ ‬وهي‭ ‬ممارسات‭ ‬يؤصلها‭ ‬فكر‭ ‬استئصالي‭ ‬صهيوني‭ ‬يؤمن‭ ‬بالقتل‭ ‬والمجازر‭ ‬وسيلة‭ ‬وحيدة‭ ‬لتحقيق‭ ‬اهدافه،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فان‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الغربية،‭ ‬وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬تطبيقاتها‭ ‬الحقوقية‭ ‬والسياسية‭ ‬في‭ ‬بلدانها،‭ ‬فهي‭ ‬باتت‭ ‬بحاجة‭ ‬الى‭ ‬اعادة‭ ‬نظر‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬العناوين‭ ‬التي‭ ‬ظلت‭ ‬حتى‭ ‬وقت‭ ‬قريب‭ ‬تعتبر‭ ‬من‭ ‬البديهيات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬مجرد‭ ‬النقاش‭ ‬فيها،‭ ‬او‭ ‬بالحد‭ ‬الادنى‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬لتغيير‭ ‬النظرة‭ ‬الى‭ ‬الديمقراطيات‭ ‬المستوردة‭ ‬من‭ ‬الغرب‭ ‬وكيفية‭ ‬تطبيقها‭ ‬خاصة‭ ‬‮«‬الديمقراطية‭ ‬الاسرائيلية‮»‬‭.‬

لسنا‭ ‬بحاجة‭ ‬الى‭ ‬استحضار‭ ‬نماذج‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬كي‭ ‬نؤكد‭ ‬ان‭ ‬اسرائيل‭ ‬دولة‭ ‬تمارس‭ ‬الفصل‭ ‬العنصري‭ ‬والتطهير‭ ‬العرقي‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬باقرار‭ ‬مسؤولي‭ ‬الامم‭ ‬المتحدة‭ ‬ومؤسساتها،‭ ‬بما‭ ‬يكذب‭ ‬الادعاء‭ ‬القائل‭ ‬‮«‬اسرائيل‭ ‬دولة‭ ‬ديمقراطية‭ ‬مع‭ ‬مواطنيها‭ ‬وعدوانية‭ ‬مع‭ ‬الآخر‮»‬‭. ‬وتؤكد‭ ‬الوقائع‭ ‬وعشرات‭ ‬النماذج‭ ‬اليومية‭ ‬ان‭ ‬اسرائيل‭ ‬عدوانية‭ ‬وعنصرية‭ ‬حتى‭ ‬مع‭ ‬مواطنيها،‭ ‬ليس‭ ‬العرب‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬مع‭ ‬اليهود‭ ‬الذين‭ ‬يتوزعون‭ ‬على‭ ‬تشكيلات‭ ‬اثنية‭ ‬وعرقية‭ ‬مختلفة‭. ‬والعنصرية‭ ‬بهذا‭ ‬المعنى‭ ‬تطال‭ ‬كل‭ ‬اوجه‭ ‬الحياة‭ ‬لدرجة‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭: ‬ان‭ ‬اسرائيل،‭ ‬الدولة‭ ‬والمجتمع،‭ ‬تقدم‭ ‬اسوأ‭ ‬نموذج‭ ‬من‭ ‬نماذج‭ ‬العنصرية‭ ‬بشكليها‭ ‬القديم‭ ‬والجديد،‭ ‬ليس‭ ‬بين‭ ‬اليهود‭ ‬وغيرهم‭ ‬من‭ ‬الديانات‭ ‬والشعوب‭ ‬والامم،‭ ‬بل‭ ‬وفي‭ ‬احيان‭ ‬كثيرة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬اليهود‭ ‬فيما‭ ‬بينهم،‭ ‬وبشكل‭ ‬اشمل‭ ‬تتجه‭ ‬النظرة‭ ‬العنصرية‭ ‬ضد‭ ‬جميع‭ ‬الملونين‭ ‬من‭ ‬عرب‭ ‬وشرقيين‭ ‬وفلاشا‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭.. ‬ولنا‭ ‬ان‭ ‬نتذكر‭ ‬المقولة‭ ‬الشهيرة‭ ‬لرئيسة‭ ‬وزراء‭ ‬العدو‭ ‬غولدا‭ ‬مائير‭ ‬بأن‭ ‬اليهودي‭ ‬هو‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬يتحدث‭ ‬‮«‬اليديشية‮»‬‭.‬

يحصل‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ممارسات‭ ‬عنصرية‭ ‬تشرعها‭ ‬قوانين‭ ‬دولة‭ ‬ابارتهايد‭ ‬لا‭ ‬تسرق‭ ‬الحق‭ ‬من‭ ‬اصحابه‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬وتعيد‭ ‬تقديم‭ ‬الرواية‭ ‬التاريخية‭ ‬بشكل‭ ‬مقلوب‭.. ‬فالارض‭ ‬يهودية‭ ‬لا‭ ‬مكان‭ ‬فيها‭ ‬لغير‭ ‬اليهودي‭ ‬حتى‭ ‬اولئك‭ ‬الذين‭ ‬يحملون‭ ‬جنسية‭ ‬اسرائيل‭. ‬والفلسطيني‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الارض‭ ‬ليس‭ ‬سوى‭ ‬عابر‭ ‬سبيل،‭ ‬رغم‭ ‬تأصله‭ ‬فيها‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬خمسة‭ ‬آلاف‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬التاريخ‭ ‬المعلوم‭.. ‬انها‭ ‬العنصرية‭ ‬الصهيونية‭ ‬المتحالفة‭ ‬مع‭ ‬عقلية‭ ‬استعمارية‭ ‬واجرامية‭ ‬انبتت‭ ‬جرائم‭ ‬انسانية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تتوافق‭ ‬مع‭ ‬قيم‭ ‬سامية‭ ‬لديمقراطية‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬تحترم‭ ‬الكرامة‭ ‬الانسانية‭ ‬اولا‭..‬

فكيف‭ ‬يمكن‭ ‬التوفيق‭ ‬بين‭ ‬اعتبار‭ ‬اسرائيل‭ ‬دولة‭ ‬ديمقراطية‭ ‬وبين‭ ‬سنها‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬تعرّفها‭ ‬باعتبارها‭ ‬دولة‭ ‬يهودية،‭ ‬خاصة‭ ‬قانون‭ ‬القومية‭ (‬عام‭ ‬2018‭) ‬الذي‭ ‬يطرح‭ ‬العنصرية‭ ‬اليهودية‭ ‬بشكلها‭ ‬المؤسسي‭ ‬ويضعها‭ ‬بشكل‭ ‬رسمي‭ ‬كسياسة‭ ‬للدولة‭ ‬ومؤسساتها‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الآخر‭ ‬او‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬من‭ ‬يصنفون‭ ‬كمواطنين‭ ‬اسرائيليين‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬اليهود‭. ‬وهو‭ ‬بالتالي‭ ‬يستهدف‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬ليس‭ ‬كشعب‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬كقضية‭ ‬سياسية‭ ‬وقانونية،‭ ‬ويجعل‭ ‬منهم‭ ‬مجرد‭ ‬مجموعات‭ ‬سكانية‭ ‬لا‭ ‬حقوق‭ ‬اصلية‭ ‬لهم‭ ‬بل‭ ‬مجرد‭ ‬مطالب‭ ‬انسانية‭..‬

ولعل‭ ‬السؤال‭ ‬المفتاحي‭ ‬في‭ ‬نقاش‭ ‬كذبة‭ ‬‮«‬الديمقراطية‭ ‬الاسرائيلية‮»‬‭ ‬هو‭ ‬امكانية‭ ‬التوفيق‭ ‬بين‭ ‬دولة‭ ‬ديمقراطية‭ ‬سواء‭ ‬بالمعنى‭ ‬التاريخي،‭ ‬اي‭ ‬في‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬الآخر‭ ‬او‭ ‬بالمعنى‭ ‬الحقوقي‭ ‬المتعارف‭ ‬عليه،‭ ‬وعنصرية‭ ‬في‭ ‬الآن‭ ‬ذاته‭.. ‬لأن‭ ‬العنصرية‭ ‬الصهيونية‭ ‬باتت‭ ‬تطال‭ ‬كل‭ ‬اوجه‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬علاقتها‭ ‬مع‭ ‬الآخر‭ ‬وان‭ ‬اسرائيل،‭ ‬وباتت‭ ‬تستمد‭ ‬عناصرها‭ ‬الرئيسية‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬مصادر‭ ‬هي‭ ‬الدين‭ ‬ووضعه‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬المشروع‭ ‬الصهيوني،‭ ‬والاساطير‭ ‬والمزاعم‭ ‬الصهيونية‭ ‬حول‭ ‬حق‭ ‬تاريخي‭ ‬مزعوم‭ ‬لليهود‭ ‬في‭ ‬فلسطين،‭ ‬وابتداع‭ ‬نظريات‭ ‬عنصرية‭ ‬خدمة‭ ‬لهذا‭ ‬الغرض‭ ‬وبعض‭ ‬الافكار‭ ‬الشوفينينة‭ ‬التي‭ ‬انتشرت‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬وحملتها‭ ‬الحركات‭ ‬الفاشية‭ ‬والنازية‭…‬

اما‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬لاسرائيل‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسها‭ ‬وعن‭ ‬مواطنيها،‭ ‬فهذا‭ ‬يتناقص‭ ‬مع‭ ‬الحد‭ ‬الادنى‭ ‬من‭ ‬معايير‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الغربية‭ ‬نفسها‭.. ‬فالاحتلال‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬اي‭ ‬شيء‭ ‬يتعلق‭ ‬بحق‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬النفس‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬شعب‭ ‬احتلت‭ ‬ارضه‭ ‬ونهبت‭ ‬املاكه‭ ‬وهجر‭ ‬قسم‭ ‬كبير‭ ‬منه‭ ‬خارج‭ ‬وطنه‭..‬‭ ‬وبالتالي‭ ‬فان‭ ‬المقاومة‭ ‬هي‭ ‬ارقى‭ ‬اشكال‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬المحتل‭ ‬الاسرائيلي‭. ‬لقد‭ ‬اثمر‭ ‬الدعم‭ ‬الامريكي‭ ‬والغربي‭ ‬للحركة‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬مشروعها‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬وارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬الابادة‭ ‬الجماعية‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬كيانا‭ ‬اوغل‭ ‬في‭ ‬ممارسة‭ ‬كل‭ ‬اشكال‭ ‬الارهاب‭ ‬لتأكيد‭ ‬روايته‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬خرافات‭ ‬واساطيرات‭ ‬تاريخية‭ ‬ومزاعم‭ ‬دينية‭ ‬لم‭ ‬تنتج‭ ‬سوى‭ ‬كراهية‭ ‬وحروب‭ ‬ستبقى‭ ‬تجرجر‭ ‬نفسها‭..‬

ان‭ ‬اسرائيل‭ ‬اليوم‭ ‬هي‭ ‬وكر‭ ‬فاشي‭ ‬وعنصري،‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬جائزا‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الوكر‭ ‬كـ‭ ‬‮«‬دولة‭ ‬ديمقراطية‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬تجاوز‭ ‬في‭ ‬افعاله‭ ‬وسياساته‭ ‬وقوانينه‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬محيطه،‭ ‬بل‭ ‬اسوأ‭ ‬انواع‭ ‬الاستبداد‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬التاريخ‭.. ‬وكر‭ ‬يتحكم‭ ‬فيه‭ ‬عصابة‭ ‬من‭ ‬الفاشيين‭ ‬العنصريين‭ ‬المتحالفين‭ ‬مع‭ ‬الصهيونية‭ ‬الدينية‭ ‬التي‭ ‬تستفيد‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬الغربي‭ ‬لتقدم‭ ‬افظع‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬شهدها‭ ‬التاريخ،‭ ‬يشكل‭ ‬قطاع‭ ‬غزه‭ ‬واحدا‭ ‬منها‭.. ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬ان‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الغربية‭ ‬باتت‭ ‬ديكورا‭ ‬وستارا‭ ‬يخفي‭ ‬خلفة‭ ‬كل‭ ‬اشكال‭ ‬العنصرية‭ ‬والدكتاتورية‭ ‬والاستبداد‭ ‬في‭ ‬تعاطيها‭ ‬مع‭ ‬الشرق‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬ومع‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭..‬