خيارات المشاركة
الاخبار
الديمقراطية: تندد باعتقال الرفيق عضو اللجنة المركزية ”نصر الملّح” والاعتداء عليه من قبل الأجهزة الأمنية
الديمقراطية: تودع الفنان التشكيلي زكريا الشريف
رمزي رباح: أن الدم الفلسطيني محرم، وأن البوصلة يجب أن تبقى موجهة نحو الاحتلال
دائرة اللاجئين ووكالة الغوث في الجبهة الديمقراطية: في تعقيب على قرار السويد وقف دعم الأونروانرفض تسييس الدعم المالي ونتمسك بالأونروا وخدماتها حتى إنجاز حق العودة
دائرة العلاقات الخارجية في الجبهة الديمقراطية: في رسالة حول الإبادة التعليمية في فلسطينإسرائيل تستهدف كافة مقومات التعليم، وسندافع عن حاضرنا ومستقبلنا بكافة اشكال المقاومة
بدأ مصطلح «الإبادة التعليمية» يتردد على نطاق واسع، منذ ان استخدمتخ مجموعة من خبراء الأمم المتحدة في تقرير لها نشر في شهر نيسان الماضي. وقد حدد الخبراء المقصد من هذا المصطلح كونه «جهد متعمد لتدمير نظام التعليم الفلسطيني بشكل شامل، وهو عمل يعرف باسم الإبادة التعليمية»، وهو يعبر عن «المحو المنهجي للتعليم من خلال اعتقال أو احتجاز أو قتل المعلمين والطلاب والموظفين، وتدمير البنية التحتية التعليمية».
ومن خلال ما ارتكبه جيش الاحتلال الفاشي من فظائع في قطاع غزه، فان حجم الإبادة تجاوز في وحشيته كل حدود التوصيفات القانونية والإنسانية. فهناك تدمير شامل لكل شيء فوق ارض القطاع من منشآت مدنية (تم تدمير اكثر من 150 ألف وحدة سكنية بالكامل، 200 ألف وحدة سكنية تعرضت للتدمير الجزئي، و 80 ألف وحدة سكنية أصبحت غير صالحة للسكن)، تدمير أو تضرر 195 موقعاً تراثياً ومئات المستشفيات والمراكز الصحية، 227 مسجداً 3 كنائس، تدمير وتضرر 13 مكتبة عامة، بالاضافة الى تدمير عشرات المراكز التي تأوي نازحين ومخازن وكالة الغوث، بما فيها المناطق التي حددها جيش الاحتلال على أنها آمنة، ناهيك عن تدمير مقار المؤسسات الحكومية والإعلامية وقطع امدادات المياه وتدمير آبار المياه بهدف إنجاح حرب الجوع والعطش المعلنة من قبل جيش الاحتلال الاسرائيلي..
منذ عام 1948 وضعت العصابات الصهيونية، التي لعبت دورا أساسيا في تهجير المدنيين من مدنهم وقراهم بقوة الإرهاب والمجازر، التعليم كهدف مباشرلها، عبر استهداف المدارس ودور العلم التي كانت منتشرة في المدن والبلدات الفلسطينية، وعملت على تدميرها ونهبها وتحويل بعضها الى مراكز عسكرية كما حصل في مدارس يافا ودير ياسين والطنطورة التي اتخذتها العصابات مقرات عسكرية لتنفيذ جرائمها..
وفي الوقت الحالي، لم تسلم المدارس والجامعات من جرائم الاحتلال، ويسجل السجل الاجرامي للاحتلال اقتحام مئات المدارس والجامعات واعتقال طلبة وأعضاء من الهيئات التدريسية، ناهيك عن تدمير بعضها ومحاصرة بعضها الآخر، كما حصل عام 1992 عندما تم محاصرة جامعة النجاح الوطنية لمدة 4 أيام وبداخلها اكثر من 5000 طالب ومعلم وعامل.
ان حرب الاحتلال على التعليم ازدادت وتيرتها منذ العام 2011 حين بدأت عملية تحريف للمناهج الفلسطينية المعمول بها في شرق القدس، وشنت حملة دعائية ضد هذه المناهج، مدعية أنها تحرض على الارهاب والعنف والكراهية. وخاض الاحتلال على هذا الأساس حروباً عديدة في المحافل الدولية ضد المناهج الفلسطينية، كما وضعت مناهج وكالة الغوث في دائرة الاستهداف المباشر في حملة تحريض لم يسبق ان شهدنا مثلها، مما ادى الى تساوق بعض الدول المانحة مع الروايات الإسرائيلية الكاذبة، وجعل امر التمويل مرهونا بشروط سياسية باتت تضعها بعض دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا وغيرها.
وخلال الأعوام السابقة، هدد الاحتلال اكثر من 50 مدرسة بالهدم، وقام فعلا بهدم العديد منها في الضفة والقدس، وسجلت حالات اعتداء على الطلاب عند نقاط التفتيش، إضافة الى هجوم جيش الاحتلال على المدارس ورميها بالغازات المسيلة للدموع وتخريب محتوياتها، وايضا الهجوم على الجامعات واقتحامها مراة عدة وتخريب مساكن الطلاب والصفوف ومكاتب الكتل الطلابية، وملاحقة الطلاب واسر الآلاف منهم وهم في منازلهم او على مقاعد الدراسة، الغالبية منهم دون أي تهم، كما قام الاحتلال برفض إعطاء رخص ترميم المدارس الا بشرط اعتماد مناهج الاحتلال في كافة المراحل التعليمية.
وفي ظل حرب الابادة التي تشنها قوات الاحتلال على المدنيين في قطاع غزة المحاصر منذ (18 عاما)، يتخذ الاحتلال من التعليم والمؤسسات التعليمية أهدافا مباشرة له، كون التعليم يشكل تهديدا على امنه، كما يزعم. والنتيجة هي حرمان اكثر من 630 الف طالب من الدراسة خلال العام الحالي (88 الف منهم طلاب جامعات). كما دمر الاحتلال اكثر من 400 مؤسسة تعليمية من مدارس وجامعات ومعاهد في غزة، متخذا من بعض مباني الجامعات ثكنات عسكرية له. وسجل استشهاد اكثر من 400 أستاذ جامعي (20 منهم يحملون درجة البروفسور و59 يحملون درجة الدكتوراه)، وضمن حرب الإبادة الجامعية استشهد ما يقارب من عشرة آلاف طالب مدرسي وجامعي.
ولأول مرة منذ بداية الامتحانات الثانوية في فلسطين تكون غزة خارج الامتحانات، بعد ان حرمت الحرب الفاشية اكثر من 36 الف طالب من تقديم الامتحانات الثانوية التي تؤهلهم لدخول الجامعة. ووفقا لخبراء فان العملية التعليمية في قطاع غزة لن تعود كما كانت ويحتاج الامر الى جهود كبيرة، بسبب حجم الدمار والتخريب الذي لحق بالمؤسسات التربوية التي تقّصد الاحتلال تخريبها وتدميرها. وقد وصف عدد من الخبراء مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عدوان الاحتلال بأنه «يمثل نمطاً ممنهجاً من العنف يهدف إلى تفكيك أسس المجتمع الفلسطيني» .. وعندما يتم تدمير المدارس، يتم تدمير الآمال والأحلام كذلك»، اليس ما يحدث ينسجم بحرفيته مع التعريف الذي قدمته الامم المتحدة لمصطلح «الابادة التعليمية، بل ان ما حدث على ارض الواقع يكاد يتجاوز في فاشيته التعريف السابق.
ان ما يقوم به الاحتلال الاسرائيلي من عدوان ممنهج وحرب شاملة تستهدف كل مقومات الحياة والمستقبل في قطاع غزة بما فيها التعليم والثقافة، هو امر نضعه اولا بين ايدي المنظمات الدولية المعنية بقضايا التعليم والطفولة والمجتمعبل المعنية بقضايا الانسانية، وثانيا بين ايدي الدول المتحالفة مع إسرائيل والتي ما زالت تدعي الدفاع عن الانسان وحقوقه بما فيها حقه في الحصول على التعليم..
ان عملية «طوفان الأقصى» وما سبقها من عمليات وما سيتبعها من اشكال مقاومة ورفض فلسطيني، انما يأتي في اطار الدفاع عن حاضر ومستقبل الشعب الفلسطيني وحقه في ارضه ومنازله ومدارسه وجامعاته ومستشفياته.. حقه في اللجوء الى كل اشكال المقاومة من اجل أن يبقى حرا ابيا يقرر مستقبله بعيدا عن الاحتلال والاستعمار والتبعية.. ففلسطين التي كانت حرة ابية عبر التاريخ، ستبقى مناضلة من اجل حريتها رافضة لكل اشكال الخنوع والعبودية..