الانتخابات الأميركية ومؤتمر الحزب الديمقراطي
خيارات المشاركة
المقالات
أسامة خليفة | باحث في المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات «ملف»
اليوم الاثنين 19/8 يبدأ انعقاد المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي الاميركي وحتى يوم الخميس، وأهم أعماله اختيار مندوبي الحزب رسمياً كامالا هاريس مرشحة لمنصب الرئيس والنائب تيم والز حاكم ولاية مينيسوتا نائباً للرئيس في الانتخابات المقبلة، وبالتالي دعم وكانت كامالا هاريس التي أصبحت المرشحة للرئاسة، عقب انسحاب بايدن وإعلانها عن ترشحها. وقام رئيس المؤتمر، مينون مور، بتأكيد ترشيح هاريس ووالز في 7 أب/أغسطس الماضي.
سيجري مندوبو المؤتمر تصويتاً شكلياً في المؤتمر، وستقبل هاريس ترشيح الحزب الديمقراطي في احتفال رسمي في اليوم الختامي للمؤتمر، وتلقي هاريس كلمة قبول الترشيح الخميس أخر أيام المؤتمر متحدثةً عن رؤيتها ومضمون حملتها وعن اختيارها لنائبها تيم والز الذي من المقرر أن يتحدث في اليوم الثالث للمؤتمر. وسيتضمن المؤتمر خطابات لقادة الحزب، بينهم بايدن والرئيس الأسبق باراك أوباما، وربما تطرق أحدهم إلى القضية الفلسطينية بما أنها القضية الساخنة، وحرب الإبادة الجماعية في الضفة وقطاع غزة، لا يمكن تجاهلها، بعد هذا الاهتمام الشعبي في سائر أنحاء الولايات المتحدة، وكذلك في أنحاء المعمورة، لكن ما يهم الجمهور الأمريكي ويجلب أصواتهم الانتخابية هو الجوانب الاقتصادية، البطالة وفرص العمل، ومستوى المعيشة، وتخفيض الضرائب، وسيحظى الاهتمام بأخطاء ترامب وسماته الشخصية المقززة بنصيب مهم من كلماتهم، لأن حجب الأصوات الانتخابية عنه سيصب في مصلحتهم، وإن كان يتم تغييب آلام الشعوب وقضاياها، فإن كارثة غزة، التي للولايات المتحدة دور كبير في صناعتها، لم تعد مسألة عابرة على المستوى الدولي، ستقترن هذه المأساة بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس، وسنسمع التصفيق الحار المبالغ به كما فعلوا عند إلقاء نتنياهو كلمته في الكونغرس.
سيقوم مندوبو المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي الاميركي بصياغة الأجندة الانتخابية لعام 2024، ويُتوقع من الحزب أن يقدم برنامجاً سياسياً للمرحلة المقبلة التي تمتد لأربع سنوات، يروّج لهاريس كمرشحة نصيرة لإسرائيل وحامية لكيانها.
حاز ترشيحها للرئاسة على موافقة أولية من قبل الحزب الديمقراطي. لكونها أكثر ندية في منافسة الرئيس السابق دونالد ترامب، وقد أشارت نتائج الاستطلاعات قبل أيام من انعقاد المؤتمر الوطني العام للحزب الديمقراطي الذي سيعلن رسمياً مرشحته للبيت الأبيض تحقيق نائبة الرئيس جو بايدن تقدماً على ترامب تعزز حظوظها بالفوز في الانتخابات المقبلة، مما أثار مخاوف ترامب الطامح للحكم، فواجه تقدم هاريس بالانتقادات الشخصية. إذ كانت التوقعات بفوزه على منافسه المرشح بايدن، بعد مناظرته مع المرشح الجمهوري دونالد ترمب. وصف أداء بايدن في حزيران/يونيو الماضي بأنه كان كارثياً في المناظرة.
وفي21 تموز/ يوليو 2024، انسحب بايدن من حملة إعادة انتخابه، كونه أنه طاعن في السن، واختار كامالا هاريس خلفاً له، مما وسّع القاعدة الانتخابية للحزب الديمقراطي، وأعاد ترميمها، وقد توقع البعض أن تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وازدياد أعداد الشهداء من المدنيين ربما يقسّم المعسكر الديمقراطي، لكن ظهر هذا الشرخ غير ذا أهمية في الوقت الحالي، إلا بالنظر إلى المستقبل كبداية لتحول حقيقي في مواقف الولايات المتحدة تجاه قضية فلسطين، التنبؤ به ليس من داخل الكونغرس بل في حركة الشارع والجامعات الأميركية، فتزامناً مع انعقاد المؤتمر الوطني الديمقراطي في شيكاغو، تنظم أكثر من 250 منظمة مظاهرات وتجمعات في مدينة شيكاغو الأميركية، بالقرب من مقر انعقاد المؤتمر للمطالبة بوقف الإبادة الجماعية في قطاع غزة وإنهاء دعم العدوان الإسرائيلي. ودعوة هاريس إلى توضيح موقفها من القضية الفلسطينية، البعض يرى في مقارنتها ببايدن أو ترامب وهما الأسوأ في تاريخ الرئاسة الأميركية بخصوص سياستهما تجاه فلسطين وشعبها، أنها حاولت تحقيق نوع من التوازن تجاه إسرائيل وفلسطين، وكانت متعاطفة أكثر مع الفلسطينيين في تصريحاتها، بشأن برنامجها في الشرق الأوسط أنها ستواصل العمل من أجل حماية المدنيين في غزة، كل المؤشرات تبين أن السياسة الخارجية تجاه الصراع الفلسطيني ـــــــ إسرائيل لن يشهد تحولاً ملموساً في عهد هاريس، فهي لم تقلل من التزامها الثابت تجاه «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، والذي يعني أن الولايات المتحدة ستستمر في تزويد إسرائيل بآلات ومعدات وقنابل الفتك التي يقتل بها الفلسطينيون، وصرحت بوضوح إنها لا تؤيد فرض حظر أسلحة على إسرائيل، وستبقى الولايات المتحدة هي الداعم العسكري والسياسي الأكبر لإسرائيل، وأنها ستحرص دوماً على أن تكون إسرائيل قادرة على الدفاع عن نفسها ضد إيران والجماعات المدعومة منها. وبعد اجتماع لها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وعدت هاريس بأنها لن تبقى صامتة إزاء المآسي في قطاع غزة الخاضع لحصار وقصف إسرائيلي متواصل منذ 10 أشهر. وما تعاطفها مع الضحايا في فلسطين إلا لكسب الأصوات الانتخابية في ولاية ميشيغان التي تضم عدداً كبيراً من السكان المنحدرين من أصول عربية، وتأمل الفوز بها في انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر ضد المرشح الجمهوري ترامب، كما تأمل كسب أصوات الناشطين من المعارضين للحرب العدوانية الإسرائيلية على الفلسطينيين، وخاصة من جيل الشباب الذين استاؤوا وغضبوا من استمرار إسرائيل بنهجها العدواني الوحشي الذي لا يمت إلى الإنسانية بصلة. وفي هذا تستغل الوضع الذي قابلها بمنافس في غاية التطرف والعداء لفلسطين وشعبها، ففي ديترويت، خلال تجمع انتخابي قاطع نشطاء مؤيدون للفلسطينيين هاريس، وهم يهتفون: لن نصوت لإبادة جماعية!. فردّت: «إذا كنتم تريدون أن يفوز دونالد ترامب، فاستمروا في قول ذلك. وإلا فدعوني أتحدث».
لقد مارس بايدن الخداع، وعلّق شحنة واحدة فقط من القنابل الثقيلة إلى إسرائيل، بسبب ما قيل إنها مخاوف على المدنيين، لم يؤثر ذلك على ترسانة السلاح التي تملكها إسرائيل، وقبل أن تتأثر عاود ضخ الأسلحة والقنابل، وما زالت تقتل بها المدنيين، فهل نصدق الآن كامالا هاريس؟. وماذا فعلت عندما كانت نائبة الرئيس الأمريكي هل اعترضت؟. أو صرحت؟. قالت يوم السبت 2 كانون الأول / ديسمبر 2023: «إنه بينما تدعم الولايات المتحدة الأهداف العسكرية المشروعة لإسرائيل في غزة، فإن معاناة المدنيين في القطاع مرتفعة للغاية»، عن أي أهداف مشروعة تتحدث عنها هاريس؟. منازل الفلسطينيين، البنى التحتية، المشافي والمدارس، ومقومات الحياة، أم أطفال ونساء غزة.
تقول: «تدافع إسرائيل عن نفسها!!!!. والمهم كيف تدافع. والولايات المتحدة واضحة بشكل لا لبس فيه: يجب احترام القانون الإنساني الدولي»!!!! كأنها لم تسمع عن قرار محكمة العدل الدولية وموقف واشنطن منه. ثم تعترف: «قُتل عدد كبير جداً من الفلسطينيين الأبرياء. بصراحة، حجم معاناة المدنيين، والصور ومقاطع الفيديو القادمة من غزة، مدمرة. إنه أمر مفجع حقاً». لكن الفيتو والموقف اللإنساني الأميركي مفجع أكثر.
وتابعت: «بينما تواصل إسرائيل تحقيق أهدافها العسكرية في غزة، نعتقد أنه يتعين على إسرائيل أن تفعل المزيد لحماية المدنيين الأبرياء». وماذا بعد؟. وإسرائيل لم تتوقف عن حرب الإبادة، وقتل المدنيين، وتزداد مجازرها وحشية، ولا تريد وقف إطلاق النار، فما دور الولايات المتحدة، الصمت أو الكذب وتحميل الفلسطينيين مسؤولية مجازرهم بحق أنفسهم.
وقالت هاريس للصحفيين: «إنها والرئيس الأمريكي جو بايدن يجريان بالفعل مناقشات مع فريق الأمن القومي وشركائهم في المنطقة حول الشكل الذي يمكن أن يبدو عليه المسار المستقبلي لغزة والضفة الغربية». وهذا المسار المستقبلي يصر على أن مقاومة الشعب الفلسطيني في نظرها إرهاب، وليس حقاً مشروعاً في مقاومة الاحتلال.
وأوضحت: «أن هناك خمسة مبادئ توجه نهجها حالياً: لا تهجير قسري للشعب الفلسطيني، لا إعادة احتلال لغزة، لا حصار، لا تقليص في الأراضي، لا استخدام غزة كمنصة للإرهاب». أليس جعل غزة مكاناً غير صالح للعيش سبباً أساسياً للتهجير، بالتحديد التهجير القسري؟.
وقالت هاريس: «عندما ينتهي هذا الصراع، لن تتمكن حماس من السيطرة على غزة، ويجب أن تكون إسرائيل آمنة. يحتاج الفلسطينيون إلى أفق سياسي مفعم بالأمل، وفرصة اقتصادية وحرية، ويجب أن تكون المنطقة على نطاق أوسع متكاملة ومزدهرة. وعلينا، يجب أن نعمل على تحقيق هذه الرؤية».
إسرائيل آمنة بنظرها، لكن ماذا عن أمن الفلسطينيين؟. وهم المعتدى عليهم، وهم الأحوج إلى الأمن، ومازالت الإدارات الأمريكية تصر على الدور الأمني للسلطة الفلسطينية لحماية أمن إسرائيل وليس حماية الفلسطينيين من المستوطنين الذين سلحهم المتطرف بن غفير، في محادثاتها مع قادة عرب في دبي تحدثت عن مقترحات: أهمها تعزيز الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، ولم تتحدث عن دولة ذات سيادة، فقد قالت: تنشيط هيكل الحكم في السلطة الفلسطينية.