إستيطان، تهجير وضم.. لذلك وجبت المقاومة في فلسطين!

يونيو 12, 2024

في‭ ‬ممارسات‭ ‬منسقة‭ ‬ومتكررة،‭ ‬ارتكبت‭ ‬مجموعات‭ ‬من‭ ‬عصابات‭ ‬المستوطنين‭ ‬الاسرائيليين‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬عدد‭ ‬واسع‭ ‬من‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬توزعت‭ ‬على‭ ‬قرى‭ ‬ومخيمات‭ ‬فلسطينية‭ ‬في‭ ‬مدن‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭: ‬نابلس،‭ ‬رام‭ ‬الله،‭ ‬الخليل،‭ ‬طولكرم‭ ‬وغيرها،‭ ‬وشملت‭: ‬اطلاق‭ ‬نار،‭ ‬احراق‭ ‬منازل‭ ‬ومؤسسات‭ ‬وسيارات‭ ‬واشجار‭ ‬واراض‭ ‬زراعية،‭ ‬نصب‭ ‬حواجز‭ ‬مسلحة‭ ‬واعتداءات‭ ‬على‭ ‬ابناء‭ ‬القرى‭ ‬والمخيمات‭. ‬وجاءت‭ ‬هذه‭ ‬العمليات‭ ‬متزامنة‭ ‬مع‭ ‬اعلانات‭ ‬حكومية‭ ‬اسرائيلية‭ ‬بالتخطيط‭ ‬لبناء‭ ‬آلاف‭ ‬الوحدات‭ ‬الاستيطانية‭ ‬في‭ ‬مستوطنات‭ ‬الضفة‭..‬

هذه‭ ‬الاعتداءات‭ ‬ليست‭ ‬تكن‭ ‬الاولى،‭ ‬بل‭ ‬شهدت‭ ‬السنوات‭ ‬والاشهر‭ ‬الماضية‭ ‬آلاف‭ ‬الجرائم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المستوطنين،‭ ‬التي‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬ترتكب‭ ‬بالتنسيق‭ ‬مع‭ ‬جيش‭ ‬الإحتلال‭ ‬الاسرائيلي‭ ‬وحمايته‭. ‬وفي‭ ‬النظر‭ ‬الى‭ ‬مسارها،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬توصيفها‭ ‬كأعمال‭ ‬عنفية‭ ‬انتقامية‭ ‬او‭ ‬ردات‭ ‬فعل‭ ‬على‭ ‬احداث‭ ‬معينة‭ ‬فقط،‭ ‬كما‭ ‬يصور‭ ‬ذلك‭ ‬الاحتلال‭ ‬وإعلامه،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬ممارسات‭ ‬مدعومة‭ ‬في‭ ‬غالب‭ ‬الاحيان‭ ‬من‭ ‬مؤسسات‭ ‬حكومية‭ ‬ومن‭ ‬مسؤولين‭ ‬سياسيين‭ ‬وأمنيين‭ ‬ومن‭ ‬رجال‭ ‬اعمال‭ ‬ومؤسسات‭ ‬دينية‭ ‬ومن‭ ‬احزاب‭ ‬مختلفة‭ ‬تقدم‭ ‬كل‭ ‬اشكال‭ ‬الدعم‭ ‬المادي‭ ‬والعسكري‭ ‬لمجموعات‭ ‬استيطانية‭ ‬معروفة‭ ‬وتعمل‭ ‬بشكل‭ ‬علني‭ (‬‮«‬شبيبة‭ ‬التلال‮»‬‭ ‬و‭ ‬‮«‬تدفيع‭ ‬الثمن‮»‬‭ ‬وغيرها‭..) ‬وهي‭ ‬مجموعات‭ ‬مسلحة‭ ‬لديها‭ ‬سجل‭ ‬حافل‭ ‬من‭ ‬الجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭..‬

‭ ‬لم‭ ‬تفاجئ‭ ‬هذه‭ ‬الممارسات‭ ‬احدا،‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬وضعت‭ ‬الحكومة‭ ‬الاسرئيلية‭ ‬ومنذ‭ ‬يومها‭ ‬الاول،‭ ‬الاستيطان‭ ‬كأولوية‭ ‬في‭ ‬برنامجها‭ ‬الحكومي،‭ ‬خاصة‭ ‬وان‭ ‬المكونات‭ ‬الاساسية‭ ‬لهذه‭ ‬الحكومة‭ ‬تتخذ‭ ‬من‭ ‬الاستيطان‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬عنوانا‭ ‬مركزيا‭ ‬لبرامجها‭ ‬السياسية‭ ‬والانتخابية‭. ‬لذلك‭ ‬فان‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬مجموعات‭ ‬المستوطنين‭ ‬تشكل‭ ‬الترجمة‭ ‬الفعلية‭ ‬لبرنامج‭ ‬الحكومة‭ ‬الذي‭ ‬وضع‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬امام‭ ‬ثلاثة‭ ‬خيارات‭: ‬اما‭ ‬القبول‭ ‬بمخطط‭ ‬تصفية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ضم‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والاكتفاء‭ ‬بتحسينات‭ ‬اقتصادية،‭ ‬اما‭ ‬القتل‭ ‬والاعتقال‭ ‬واما‭ ‬التهجير‭ ‬والترحيل‭. ‬لذلك‭ ‬ليس‭ ‬صدفة‭ ‬تزامن‭ ‬عدوان‭ ‬المستوطنين‭ ‬مع‭ ‬اقتحامات‭ ‬متكررة‭ ‬لجيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬للمدن‭ ‬والمخيمات‭ ‬والقرى‭ ‬ومصادرة‭ ‬الاراضي‭ ‬ونهبها‭ ‬لاغراض‭ ‬الاستيطان،‭ ‬والقاسم‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬هذه‭ ‬المجموعات‭ ‬وما‭ ‬يرتكبه‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬هو‭ ‬دفع‭ ‬القسم‭ ‬الاكبر‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الى‭ ‬ترك‭ ‬ارضهم‭ ‬ومنازلهم‭ ‬ثم‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تهجيرهم‭..‬

لا‭ ‬يمكن‭ ‬النظر‭ ‬الى‭ ‬المشروع‭ ‬السياسي‭ ‬للحركة‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬الا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ربطه‭ ‬بمسألة‭ ‬الاستيطان‭ ‬باعتبارها‭ ‬عنوانا‭ ‬محوريا،‭ ‬عليه‭ ‬يتوقف‭ ‬مستقبل‭ ‬المشروع‭ ‬برمته،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬اعتبار‭ ‬قانون‭ ‬القومية‭ ‬اليهودية‭ ‬الذي‭ ‬سنّه‭ ‬الكنيست‭ ‬عام‭ ‬2018‭ ‬قضية‭ ‬الاستيطان‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬‮«‬مسألة‭ ‬قومية‮»‬‭.. ‬وعلى‭ ‬هذه‭ ‬الارضية،‭ ‬فممارسات‭ ‬مجموعات‭: ‬‮«‬شبيبة‭ ‬التلال‮»‬،‭ ‬‮«‬تدفيع‭ ‬الثمن‮»‬،‭ ‬لاهافا‭ ‬ونحالا‮»‬‭ ‬وغيرهم‭ ‬لا‭ ‬تختلف‭ ‬كثيرا‭ ‬عن‭ ‬ارهاب‭ ‬عصابات‭ ‬‮«‬الهاغاناه‮»‬،‭ ‬‮«‬الإرغون‮»‬‭ ‬و»البالماخ‮»‬،‭ ‬وكلهم‭ ‬يحملون‭ ‬فكرا‭ ‬عنصريا‭ ‬يدعو‭ ‬صراحة‭ ‬ليس‭ ‬الى‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الارض‭ ‬الفلسطينية‭ ‬فقط‭ ‬بل‭ ‬الى‭ ‬قتل‭ ‬وتهجير‭ ‬اصحابها‭.. ‬وقد‭ ‬لعبت‭ ‬هذه‭ ‬المجموعات‭ ‬دورا‭ ‬هاما‭ ‬في‭ ‬حدوث‭ ‬النكبة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الكبرى،‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬ارتكبت‭ ‬مئات‭ ‬الجرائم‭ ‬قبل‭ ‬وبعد‭ ‬العام‭ ‬1948‭. ‬وراهنا‭ ‬تسير‭ ‬المجموعات‭ ‬الحالية‭ ‬على‭ ‬خطى‭ ‬من‭ ‬سبقها،‭ ‬بعد‭ ‬احرقت‭ ‬الطفل‭ ‬محمد‭ ‬أبو‭ ‬خضير‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬عام‭ ‬2014‭ ‬واحرقت‭ ‬عائلة‭ ‬دوابشة‭ ‬ايضا‭ ‬في‭ ‬قرية‭ ‬في‭ ‬قضاء‭ ‬نابلس‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬وهي‭ ‬نفسها‭ ‬التي‭ ‬احرقت‭ ‬عشرات‭ ‬المنازل‭ ‬ومئات‭ ‬السيارات‭ ‬في‭ ‬بلدة‭ ‬حوارة‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬عام‭ ‬2023‭.. ‬وغيرها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يثبت‭ ‬ان‭ ‬الاجهزة‭ ‬الرسمية‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬عاقبت‭ ‬مرتكبيها‭..‬

في‭ ‬تقرير‭ ‬ذو‭ ‬دلالة‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬الامم‭ ‬المتحدة‭ ‬ويغطى‭ ‬الفترة‭ ‬الواقعة‭ ‬بين‭ ‬7‭ ‬تشرين‭ ‬الأول‭ ‬ونهاية‭ ‬شهر‭ ‬شباط‭ ‬الماضي،‭ ‬تبين‭ ‬‮«‬ان‭ ‬هناك‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬عنف‭ ‬المستوطنين‭ ‬وعنف‭ ‬الدولة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العنف‭ ‬بنية‭ ‬معلنة‭ ‬لترحيل‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬قسرا‭ ‬من‭ ‬أراضيهم‮»‬‭. ‬وتظهر‭ ‬الارقام‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تعكس‭ ‬الواقع‭ ‬على‭ ‬حقيقته،‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬وصول‭ ‬ورصد‭ ‬مؤسسات‭ ‬الامم‭ ‬المتحدة‭ ‬لكافة‭ ‬الاعتداءات،‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬ارتفاعا‭ ‬في‭ ‬وتيرة‭ ‬اعتداءات‭ ‬المستوطنين‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬حيث‭ ‬تجاوز‭ ‬عددها‭ ‬750‭ ‬اعتداء،‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬رافق‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬تهجير‭ ‬قسري‭ ‬طالت‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬1400‭ ‬فلسطيني‭ ‬من‭ ‬نحو‭ ‬20‭ ‬تجمعا‭ ‬كنتيجة‭ ‬مباشرة‭ ‬لعنف‭ ‬المستوطنين،‭ ‬اضافة‭ ‬الى‭ ‬استشهاد‭ ‬واصابة‭ ‬العشرات‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬مستوطنين‭ ‬باستخدام‭ ‬الأسلحة‭ ‬النارية‭. ‬وينتهي‭ ‬لتقرير‭ ‬الى‭ ‬خلاصة‭ ‬رئيسية‭ ‬وتستحق‭ ‬التوقف‭ ‬عندها،‭ ‬وهي‭ ‬‮«‬ان‭ ‬عشرات‭ ‬المستوطنين‭ ‬يرتدون‭ ‬عادة‭ ‬زي‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬أو‭ ‬جزئي‭ ‬ويحملون‭ ‬بنادقه،‭ ‬ثم‭ ‬يرتكبون‭ ‬الجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭..‬‮»‬‭.‬

وبعيدا‭ ‬عن‭ ‬عجز‭ ‬الامم‭ ‬المتحدة‭ ‬بمختلف‭ ‬مؤسساتها‭ ‬عن‭ ‬ردع‭ ‬الاحتلال‭ ‬في‭ ‬مواصلة‭ ‬سياسات‭ ‬الاستيطان،‭ ‬فقد‭ ‬عبر‭ ‬تقرير‭ ‬لمفوضية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬الاراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭ ‬عن‭ ‬تداعيات‭ ‬وخطورة‭ ‬السياسات‭ ‬الاستيطانية‭ ‬بقوله‭: ‬‮«‬إنشاء‭ ‬المستوطنات‭ ‬وتوسيعها‭ ‬المستمر‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬نقل‭ ‬إسرائيل‭ ‬لسكانها‭ ‬المدنيين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يرقى‭ ‬إلى‭ ‬جريمة‭ ‬حرب‮»‬‭.. ‬و»أن‭ ‬سياسات‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬تبدو‭ ‬متماشية‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬مع‭ ‬أهداف‭ ‬حركة‭ ‬الاستيطان‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬توسيع‭ ‬السيطرة‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭ ‬على‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية‭ ‬ودمج‭ ‬الأرض‭ ‬المحتلة‭ ‬بشكل‭ ‬مطّرد‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل‮»‬‭.. ‬اي‭ ‬ان‭ ‬الهدف‭ ‬المباشر‭ ‬هو‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الارض‭ ‬وضمها‭ ‬الى‭ ‬اسرائيل‭ ‬وفرض‭ ‬التهجير‭ ‬القسري‭ ‬على‭ ‬سكانها‭. ‬

لهذه‭ ‬السبب‭ ‬وغيره‭ ‬يعتبر‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬بأن‭ ‬المستوطنين‭ ‬ليسوا‭ ‬بمدنيين‭ ‬بل‭ ‬هم‭ ‬مليشيات‭ ‬مسلحة،‭ ‬تعتدي‭ ‬وتقتل،‭ ‬تدمر‭ ‬وتحرق‭ ‬منازل‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وتنتهك‭ ‬رموزهم‭ ‬الدينية‭ ‬بحماية‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭. ‬والدول‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬تدعم‭ ‬اسرائيل‭ ‬تعلم‭ ‬ذلك‭ ‬لكنها‭ ‬تكتفي‭ ‬بمواقف‭ ‬الادانة‭ ‬اللفظية،‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬تقدم‭ ‬على‭ ‬اية‭ ‬خطوات‭ ‬عملية‭ ‬تنسجم‭ ‬مع‭ ‬مواقفها‭ ‬المعلنة‭ ‬برفض‭ ‬الاستيطان‭ ‬وبادانة‭ ‬ممارسات‭ ‬المستوطنين‭ ‬فقط،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬هو‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬افراد،‭ ‬تعتبر‭ ‬وبطريقة‭ ‬التعامل‭ ‬الغربي‭ ‬معها‭ ‬تشجيعا‭ ‬للمستوطنين‭ ‬ومن‭ ‬يقف‭ ‬خلفهم‭ ‬من‭ ‬قوى‭ ‬سياسية‭ ‬وحكومية‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬سياستهم‭ ‬وممارساتهم‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

لقد‭ ‬اصبح‭ ‬المستوطنون‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬جيش‭ ‬رديف‭ ‬يمارس‭ ‬القتل‭ ‬والاعتقال‭ ‬ويصادر‭ ‬اراضي‭ ‬المواطنين‭ ‬ويعتدي‭ ‬عليهم‭ ‬ليل‭ ‬نهار،‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬اصبح‭ ‬بيدهم‭ ‬الأسلحة‭ ‬بشكل‭ ‬رسمي‭ ‬وبمعدل‭ ‬قطعة‭ ‬سلاح‭ ‬لكل‭ ‬4‭ ‬مستوطنين،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬ارتفاع‭ ‬عدد‭ ‬الشهداء‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭.. ‬وفي‭ ‬مواجهة‭ ‬ما‭ ‬سبق،‭ ‬لم‭ ‬يقدّم‭ ‬العالم‭ ‬الغربي‭ ‬الا‭ ‬الإدانة‭ ‬والاحتجاج،‭ ‬دون‭ ‬اية‭ ‬إجراءات‭ ‬تجبر‭ ‬الاحتلال‭ ‬على‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬الضفة،‭ ‬ويبدو‭ ‬ان‭ ‬تلك‭ ‬الممارسات‭ ‬الاجرامية،‭ ‬بنظر‭ ‬الغرب،‭ ‬ليست‭ ‬كافية‭ ‬بعد‭ ‬لينتفض‭ ‬الفلسطيني‭ ‬ويحمل‭ ‬السلاح‭ ‬دفاعا‭ ‬عن‭ ‬ارضه‭ ‬وشعبه‭ ‬وحقوقه‭ ‬التي‭ ‬تسرق‭ ‬منه‭ ‬بشكل‭ ‬يومي‭.. ‬

إن‭ ‬ما‭ ‬اقدمت‭ ‬عليه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الامريكية‭ ‬وبعض‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬من‭ ‬إجراءات‭ ‬لم‭ ‬ترتق‭ ‬الى‭ ‬مستوى‭ ‬العقوبات‭ ‬الرادعة،‭ ‬تؤكد‭ ‬ان‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬تقصدت‭ ‬عدم‭ ‬ايذاء‭ ‬المستوطنين‭ ‬او‭ ‬اغضاب‭ ‬اسرائيل‭ ‬التي‭ ‬رفضت‭ ‬عقوبات‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬واكدت‭ ‬دعمها‭ ‬للمستوطنين‭ ‬وممارساتهم‭ ‬باعتبارهم‭ ‬ابطالا،‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬نتن‭ ‬ياهو‭. ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬جادة‭ ‬في‭ ‬اجراءاتها‭ ‬لكانت‭ ‬استهدفت‭ ‬بعقوباتها‭ ‬الذين‭ ‬يقدمون‭ ‬دعما‭ ‬مباشرا‭ ‬للاستيطان‭ ‬والمستوطنين،‭ ‬وهم‭ ‬مسؤولون‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬ورؤساء‭ ‬احزاب‭ ‬ومنظمات‭ ‬ومؤسسات‭ ‬صهيونية‭ ‬تطرح‭ ‬مخططاتها‭ ‬الاستيطانية‭ ‬والاستئصالية‭ ‬بشكل‭ ‬علني‭ ‬وصريح‭.. ‬

ولتأكيد‭ ‬الازدواجية‭ ‬في‭ ‬التعاطي‭ ‬نأخذ‭ ‬مثالا‭ ‬حيا‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تداعياته‭ ‬لم‭ ‬تنته‭ ‬بعد‭: ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬شهر‭ ‬كانون‭ ‬الثاني‭ ‬الماضي،‭ ‬لجأت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وبعض‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬والاطلسية‭ ‬الى‭ ‬عقوبات‭ ‬ضد‭ ‬وكالة‭ ‬الغوث‭ (‬الاونروا‭) ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬خدمات‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬ستة‭ ‬ملايين‭ ‬لاجئ‭ ‬فلسطيني‭ ‬بسبب‭ ‬اتهام‭ ‬اسرائيلي‭ ‬لم‭ ‬تثبت‭ ‬صحته‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬وقضت‭ ‬بوقف‭ ‬الدعم‭ ‬المالي‭ ‬لفترة،‭ ‬رغم‭ ‬انها‭ ‬منظمة‭ ‬اممية‭ ‬وبمرجعية‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للامم‭ ‬المتحدة‭. ‬اما‭ ‬المستوطنين‭ ‬الذين‭ ‬ارتكبوا‭ ‬عشرات‭ ‬الجرائم‭ ‬المعلومة‭ ‬لهذه‭ ‬الدول‭ ‬والمثبتة‭ ‬في‭ ‬مؤسساتها‭ ‬الاستخباراتية‭ ‬وفي‭ ‬تقارير‭ ‬مؤسسات‭ ‬الامم‭ ‬المتحدة،‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬الاكتفاء‭ ‬بعقوبات‭ ‬شكلية‭ ‬على‭ ‬افراد‭ ‬اكدت‭ ‬الايام‭ ‬انها‭ ‬لم‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬ممارسات‭ ‬المستوطنين‭ ‬الذين‭ ‬ما‭ ‬زالوا‭ ‬يتحركون‭ ‬بحرية‭ ‬وبدعم‭ ‬مباشر‭ ‬من‭ ‬الجيش‭ ‬الصهيوني‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬شريكا‭ ‬مباشرا‭ ‬في‭ ‬ارتكاب‭ ‬الجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬ومنطق‭ ‬الامور‭ ‬يقضي‭ ‬محاسبة‭ ‬هذا‭ ‬الجيش،‭ ‬لكن‭ ‬الذي‭ ‬حصل‭ ‬هو‭ ‬ان‭ ‬دولة‭ ‬مثل‭ ‬المانيا‭ ‬بدل‭ ‬ان‭ ‬تفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬الجيش‭ ‬الاسرائيلي‭ ‬لممارساته‭ ‬الاجرامية‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وتواطئه‭ ‬بدعم‭ ‬جرائم‭ ‬المستوطنين‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬قامت‭ ‬بتزويده‭ ‬بأسلحة‭ ‬فتاكة‭ ‬ومتطورة‭.. ‬والنماذج‭ ‬لا‭ ‬تحصى‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الازدواجية‭ ‬في‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬اي‭ ‬قضية‭ ‬اذا‭ ‬كانت‭ ‬اسرائيل‭ ‬احد‭ ‬طرفيها‭..‬

ان‭ ‬النتيجة‭ ‬الحتمية‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬الارض‭ ‬بقوة‭ ‬الاحتلال‭ ‬هي‭ ‬اجبار‭ ‬السكان‭ ‬على‭ ‬ترك‭ ‬ارضهم،‭ ‬ما‭ ‬يشكل‭ ‬جريمة‭ ‬حرب‭ ‬تضاف‭ ‬الى‭ ‬جريمة‭ ‬الاستيطان‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬ايضا‭ ‬انتهاكا‭ ‬وخرقا‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬اولا‭ ‬ولعشرات‭ ‬القرارات‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬ادانت‭ ‬الاستيطان‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وتعتبرها‭ ‬اراض‭ ‬فلسطينية‭ ‬محتلة‭ ‬ثانيا‭ ‬وعاشرا‭.. ‬وعلى‭ ‬هذه‭ ‬الخلفية،‭ ‬فان‭ ‬الحقيقة‭ ‬المؤكدة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬محط‭ ‬تباين‭ ‬سواء‭ ‬بين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬او‭ ‬بينهم‭ ‬وبين‭ ‬داعمي‭ ‬اسرائيل،‭ ‬وهي‭ ‬ان‭ ‬المستوطنين‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬غزاة‭ ‬محتلون،‭ ‬ومن‭ ‬حق‭ ‬كل‭ ‬فلسطيني‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬واجبه‭ ‬مقاومة‭ ‬المحتل‭ ‬الغازي،‭ ‬وعلى‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يزعم‭ ‬دفاعه‭ ‬عن‭ ‬ديمقراطية‭ ‬وعن‭ ‬حقوق‭ ‬انسان،‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬غربي‭ ‬غير‭ ‬متوازن‭ ‬في‭ ‬تعاطيه‭ ‬مع‭ ‬فلسطين،‭ ‬ان‭ ‬يدعموا‭ ‬حق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬بالمقاومة‭ ‬لتحرير‭ ‬ارضه‭..‬

على‭ ‬الجميع‭ ‬ان‭ ‬يدرك‭ ‬حقيقة‭ ‬ان‭ ‬المشكلة‭ ‬امام‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬هي‭ ‬ان‭ ‬مواجهته‭ ‬للمشروع‭ ‬الصهيوني‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬مقتصرة‭ ‬على‭ ‬الاحتلال‭ ‬بشكله‭ ‬المادي‭ ‬التقليدي،‭ ‬كما‭ ‬انها‭ ‬ليست‭ ‬مواجهة‭ ‬لاحتلال‭ ‬عنصري‭ ‬استئصالي‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬يواجه‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬ابعد‭ ‬من‭ ‬الاحتلال‭ ‬والاستيطان‭ ‬اليهودي‭ ‬وهو‭ ‬الضم‭. ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬جائزا‭ ‬بعد‭ ‬اليوم‭ ‬تكرار‭ ‬الحديث‭ ‬الذي‭ ‬يقول‭: ‬‮«‬ان‭ ‬اسرائيل‭ ‬جيش‭ ‬متوحش‭ ‬بواجهة‭ ‬دولة‮»‬،‭ ‬لأن‭ ‬ما‭ ‬نحن‭ ‬امامه‭ ‬اليوم‭ ‬واقع‭ ‬مختلف‭ ‬هو‭: ‬‮«‬مستوطنون‭ ‬متوحشون‭ ‬بواجهة‭ ‬دولة‮»‬،‭ ‬يقابله‭ ‬حكومة‭ ‬واحزابا‭ ‬ونخب‭ ‬سياسية‭ ‬يشكل‭ ‬الاستيطان‭ ‬والتهجير‭ ‬جزءا‭ ‬رئيسيا‭ ‬من‭ ‬عقيدتها،‭ ‬وفي‭ ‬مقابل‭ ‬ذلك‭ ‬ادارة‭ ‬امريكية،‭ ‬بل‭ ‬ادارات‭ ‬متوحشة،‭ ‬تقدم‭ ‬اسوأ‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الاستعماري‭ ‬الامبريالي‭ ‬من‭ ‬نماذج‭. ‬وحين‭ ‬يتلاقى‭ ‬التوحش‭ ‬الاستيطاني‭ ‬والامبريالي‭ ‬الاستعماري،‭ ‬لا‭ ‬يصبح‭ ‬امام‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الا‭ ‬خيار‭ ‬واحد‭ ‬هو‭ ‬خيار‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬ارضه‭ ‬ومستقبله‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬جريمة‭ ‬سوف‭ ‬تكبر‭ ‬وتكبر‭ ‬لتتحول‭ ‬الى‭ ‬وحش‭ ‬سيخلق‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المشكلات‭ ‬لنا‭ ‬اولا‭ ‬ولغيرنا،‭ ‬لذلك‭ ‬يصبح‭ ‬من‭ ‬حقنا‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬واجبنا‭ ‬كفلسطينيين‭ ‬وكاحرار‭ ‬مقاومته‭ ‬قبل‭ ‬ان‭ ‬يقتل‭ ‬تاريخنا‭ ‬وحاضرنا‭ ‬ومسقبلنا‭..‬