رئيس‭ ‬دائرة‭ ‬العلاقات‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬الجبهة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬رسالة‭ ‬حول‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية

مايو 29, 2024

مواقف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وبعض‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭: ‬ازدواجية‭ ‬المعايير‭ ‬والنفاق‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬اسوأ‭ ‬اشكاله

بعث‭ ‬رئيس‭ ‬‮«‬دائرة‭ ‬العلاقات‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬الجبهة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬لتحرير‭ ‬فلسطين‮»‬‭ ‬وعضو‭ ‬المكتب‭ ‬السياسي‭ ‬للجبهة‭ ‬الرفيق‭ ‬فتحي‭ ‬كليب‭ ‬برسالة‭ ‬الى‭ ‬مئات‭ ‬الاحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬الغربية‭ ‬والى‭ ‬هيئات‭ ‬واطر‭ ‬مجتمعية‭ ‬استعرضت‭ ‬مواقف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الامريكية‭ ‬وبعض‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬تجاه‭ ‬طلب‭ ‬مدعي‭ ‬عام‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬اصدار‭ ‬مذكرات‭ ‬اعتقال‭ ‬بحق‭ ‬مسؤولين‭ ‬اسرائيليين‭.‬‮ ‬

وقال‭ ‬الرفيق‭ ‬كليب‭ ‬في‭ ‬رسالته‭: ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬اعلان‭ ‬المدعي‭ ‬العام‭ ‬السيد‭ ‬كريم‭ ‬خان‭ ‬ومدى‭ ‬استجابة‭ ‬الدائرة‭ ‬التمهيدية‭ ‬الأولى‭ ‬بالمحكمة‭ ‬لطلبة‭ ‬بإصدار‭ ‬أوامر‭ ‬اعتقال،‭ ‬فقد‭ ‬بدأت‭ ‬عمليات‭ ‬الضغط‭ ‬والابتزاز‭ ‬على‭ ‬المحكمة‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬خاصة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وبعض‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬الامر‭ ‬الذي‭ ‬يؤشر‭ ‬الى‭ ‬امكانية‭ ‬حرف‭ ‬العدالة‭ ‬عن‭ ‬مسارها‭ ‬الحقيقي،‭ ‬خاصة‭ ‬بما‭ ‬يتعلق‭ ‬باعتقال‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الاسرائيلي‭ ‬نتن‭ ‬ياهو‭ ‬ووزير‭ ‬الحرب‭ ‬يوآف‭ ‬غالانت،‭ ‬والاهم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬مواصلة‭ ‬العدوان‭ ‬وارتكاب‭ ‬المجازر‭ ‬في‭ ‬تحد‭ ‬واضح‭ ‬للمحكمة‭.‬

اسرائيل‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الامريكية‭ ‬ودول‭ ‬غربية‭ ‬لم‭ ‬يتأخروا‭ ‬في‭ ‬انتقاد‭ ‬اجراء‭ ‬المدعي‭ ‬العام‮ «‬،‭ ‬فبعضها‭ ‬هدد‭ ‬وآخر‭ ‬توعد‭ ‬باجراءات‭ ‬عقابية‭ ‬ضد‭ ‬اعضاء‭ ‬المحكمة،‭ ‬وثالثة‭ ‬اعلنت‭ ‬طريقة‭ ‬وشكل‭ ‬تعاطيها‭ ‬المستقبلي‭ ‬مع‭ ‬اي‭ ‬قرار‭ ‬قد‭ ‬يصدر‭ ‬عن‭ ‬المحكمة‭.. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتناقض‭ ‬ليس‭ ‬مع‭ ‬قيم‭ ‬القانون‭ ‬والعدالة‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬ومع‭ ‬مواقف‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬لجهة‭ ‬المقارنة‭ ‬بين‭ ‬الوقائع‭ ‬المتعلقة‭ ‬باسرائيل‭ ‬وبدول‭ ‬اخرى‭.. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭:‬

‭- ‬في‭ ‬عام‭ ‬2002،‭ ‬دعمت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬اصدار‭ ‬مذكرات‭ ‬اعتقال،‭ ‬عبر‭ ‬محكمة‭ ‬دولية‭ ‬خاصة،‭ ‬بحق‭ ‬الزعيم‭ ‬الصربي‭ ‬سلوبودان‭ ‬ميلوسيفيتش‭ ‬بتهمة‭ ‬ارتكابه‭ ‬جرائم‭ ‬حرب،‭ ‬ليتضح‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬ان‭ ‬الاعتبارات‭ ‬والمصالح‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تتعلق‭ ‬بمستقبل‭ ‬يوغسلافيا‭ ‬وليس‭ ‬الحيثيات‭ ‬القانونية‭ ‬والقضائية‭ ‬هل‭ ‬التي‭ ‬افضت‭ ‬الى‭ ‬اصدار‭ ‬اوامر‭ ‬الاعتقال‭..‬

‭- ‬عام‭ ‬2009،‭ ‬لعبت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الامريكية‭ ‬دورا‭ ‬هاما‭ ‬في‭ ‬اصدار‭ ‬محكمة‭ ‬الجنايات‭ ‬الدولية‭ ‬لقرارضد‭ ‬الرئيس‭ ‬السوداني‭ ‬عمر‭ ‬البشير،‭ ‬بتهم‭ ‬ارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭ ‬وجرائم‭ ‬حرب‭ ‬وإبادة‭ ‬جماعية،‭ ‬وقد‭ ‬تبيت‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬استخدمت‭ ‬الاحكام‭ ‬لتحقيق‭ ‬اهداف‭ ‬سياسية‭ ‬تتعلق‭ ‬بمستقبل‭ ‬السودان‭ ‬وسياسته‭ ‬الخارجية‭..‬

‭- ‬في‭ ‬آذار‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬قادت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والاتحاد‭ ‬الاوروبي‭ ‬حملة‭ ‬ضد‭ ‬روسيا‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬العملية‭ ‬العسكرية‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬اوكرانيا‭ ‬انتهت‭ ‬باصدار‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬أوامر‭ ‬اعتقال‭ ‬ضد‮  ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬وضد‭ ‬مفوضة‭ ‬حقوق‭ ‬الطفل‭ ‬في‭ ‬روسيا‭ ‬ماريا‭ ‬ألكسيفنا،‭ ‬بتهم‭ ‬تتعلق‭ ‬بالترحيل‭ ‬غير‭ ‬القانوني‭ ‬للسكان‭ (‬الأطفال‭) ‬والنقل‭ ‬غير‭ ‬القانوني‭ ‬للسكان‭ (‬الأطفال‭)..‬

ويمكن‭ ‬سرد‭ ‬نماذج‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬احكام‭ ‬اصدرتها‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬ومحاكم‭ ‬دولية‭ ‬خاصة‭ ‬ضد‭ ‬افراد‭ ‬في‭ ‬اوروبا‭ ‬وآسيا‭ ‬وافريقيا‭ ‬وحظيت‭ ‬بدعم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وبعض‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬الموقف‭ ‬من‭ ‬القرار‭ ‬الاخير‭ ‬للمدعي‭ ‬العام‭ ‬للمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الذي‭ ‬يتعلق‭ ‬باسرائيل،‭ ‬حيث‭ ‬انقلبت‭ ‬المواقف‭ ‬راسا‭ ‬على‭ ‬عقب،‭ ‬وتحولت‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬من‭ ‬‮«‬هيئة‭ ‬لفرض‭ ‬العدالة‭ ‬وحكم‭ ‬القانون‮»‬‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬دولية‭ ‬مختلفة‭ ‬الى‭ ‬‮«‬هيئة‭ ‬تدعم‭ ‬الارهاب‮»‬‭ ‬حين‭ ‬تعلق‭ ‬الامر‭ ‬باسرائيل‭ ‬وبطلب‭ ‬محاكمة‭ ‬مجرميها‭.‬

وقد‭ ‬سبق‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الامريكية‭ ‬ان‭ ‬فرضت‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬المدعية‭ ‬العامة‭ ‬السابقة‭ ‬للمحكمة‭ ‬فاتو‭ ‬بنسودا‭ ‬بسبب‭ ‬تحقيقاتها‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬القوات‭ ‬الأميركية‭ ‬قد‭ ‬ارتكبت‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭.‬‮ ‬وعملت‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬لتجميد‭ ‬ارصدتها‭ ‬وفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬اعضائها‭ ‬اذا‭ ‬تم‭ ‬اصدار‭ ‬أوامر‭ ‬لاعتقال‭ ‬مسؤولين‭ ‬إسرائيليين‭.‬

يبدو‭ ‬واضحا‭ ‬ان‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الامريكية‭ ‬تمارس‭ ‬ازدواجية‭ ‬المعايير‭ ‬بشكل‭ ‬فج‭ ‬ومتغطرس‭ ‬يلخصه‭ ‬موقف‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الاسرائيل‭ ‬الذي‭ ‬هدد‭ ‬وبشكل‭ ‬علني‭ ‬المدعي‭ ‬العام‭ ‬للمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬بقوله‭: ‬‮«‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬قلقا‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬بعد‭ ‬قرار‭ ‬اعتقالي‮»‬‭. ‬وافضل‭ ‬تعبير‭ ‬يلخص‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الوقائع‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬عبر‭ ‬عنه‭ ‬مستشار‭ ‬الرئيس‭ ‬الامريكي‭ ‬الاسبق‭ ‬باراك‭ ‬أوباما‭ ‬حين‭ ‬قال‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬شيء‭ ‬اسمه‭ ‬نظام‭ ‬دولي‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬القواعد‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬القواعد‭ ‬تنطبق‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬الأشخاص‭ ‬والبلدان‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تحبها‮»‬‭. ‬فأي‭ ‬قانون‭ ‬هذا‭ ‬الذي‭ ‬يُقبل‭ ‬فقط‭ ‬اذا‭ ‬كان‭ ‬يصب‭ ‬في‭ ‬مصلحتنا‭ ‬ومصلحة‭ ‬حلفائنا،‭ ‬وما‭ ‬قيمة‭ ‬العداالة‭ ‬حين‭ ‬تفصل‭ ‬على‭ ‬مقاس‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‭ ‬او‭ ‬تلك‭.‬

نحن‭ ‬لم‭ ‬نخطئ‭ ‬حين‭ ‬وصفنا‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬المتحالفة‭ ‬مع‭ ‬اسرائيل‭ ‬والداعمة‭ ‬لها‭ ‬بأنها‭ ‬تمارس‭ ‬النفاق‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬اسوأ‭ ‬اشكاله‭. ‬فاذا‭ ‬كانت‭ ‬حرب‭ ‬الابادة‭ ‬لم‭ ‬تكف‭ ‬بعد‭ ‬لاماطة‭ ‬اللثام‭ ‬عن‭ ‬الموقف‭ ‬القبيح‭ ‬لتلك‭ ‬الدول‭ ‬والمعادي‭ ‬لقيم‭ ‬العدالة‭ ‬والديمقراطية،‭ ‬فان‭ ‬قرارات‭ ‬المدعي‭ ‬العام‭ ‬للمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬جاءت‭ ‬لتضع‭ ‬الامور‭ ‬في‭ ‬نصابها‭ ‬وتقدم‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬حقيقتها‭ ‬باعتبارها‭ ‬دول‭ ‬شريكة‭ ‬في‭ ‬الجريمة‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وشعوب‭ ‬العالم‭ ‬الثالث،‭ ‬وهي‭ ‬تعلم‭ ‬ان‭ ‬اية‭ ‬ادانة‭ ‬لاسرائيل‭ ‬انما‭ ‬تشكل‭ ‬ادانة‭ ‬لكافة‭ ‬الدول‭ ‬المتحالفة‭ ‬معها‭ ‬والتي‭ ‬دعمتها‭ ‬عسكريا‭ ‬وماديا‭ ‬وسياسيا‭ ‬ووفرت‭ ‬لها‭ ‬طيلة‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬76‭ ‬عاما‭ ‬كل‭ ‬اسباب‭ ‬الغطرسة‭ ‬والقتل‭ ‬والعدوان‭..‬